*ملكة جمال الإنسانية*

✒️ صَالِح الرِّيمِي :

تمتلك المجتمعات والحضارات المختلفة مفاهيم نسبية للجمال خاصة بها، حتى في داخل الحضارات، يختلف تعريف الجمال من جيل لجيل، فهل جمال الشكل مقياس للمرأة؟
“ماري آن بيفان” كان حظها سيئًا لكونها عاشت في عصر حيث الناس الذين لا تنطبق عليهم معايير الجمال ولا يستطيعون العيش سعداء إلا بجمالهم الخارجي..
“ماري آن بيفان”، كانوا يلقبوها بأبشع امرأة في العالم، “ماري آن بيفان” ولدت سنة 1874 وكانت شابة جميلة جدًا تعمل ممرضة..
تزوجت وأنجبت أربعة أطفال، ولما بلغت 32 عامًا بدأت تظهر عليها أعراض مرض العملقة وتضخم الأطراف، وتغيرت ملامح شكلها نهائيًا.

وهذا سبب لها نمو غير طبيعي وتشوه في ملامح الوجه وصداع مستمر وضعف حاد في البصر وآلام في المفاصل والعضلات، وبعد أن توفي زوجها ومع مرضها الشديد كان من مفروض عليها أن تنفق على أولادها، وبسبب مرضها طردت من العمل، فتراكمت عليها الديون الشديدة، ومع إحباطها وإحتياجها المادي جعلها تشترك في مسابقة “أبشع امرأة في العالم”..
وكسبت الجائزة المُذلة والمهينه، لتحصل على قيمة الجائزة وكانت 50 دولارًا فقط، بعدها أخذوها إلى السيرك ليلفوا بها جميع المدن في بريطانيا، لأن الناس كانت تتهافت عليها لترى “أبشع امرأة في العالم”،
كانت تتألم من الداخل وجسدها مليئ بالجروح والالتهابات الحاده، وكان من شروط العمل في السيرك أن تمشي على قدميها مسافات بعيدة لكي يراها الناس ويأتون لمشاهدة السيرك.

وبالرغم من ألم قدميها، ومفاصلها، لكنها كانت صامته من أجل أبنائها، وواصلت العمل وتحمل سخرية وضحك الناس عليها، لأجل أن تربي وتعلم أولادها وتنفق عليهم، وكان بعض الأطفال يقومون برمي الحجارة عليها، والأوراق في السيرك لأنها مخيفه، وينادونها بالوحش المخيف، كانت تبكي أمامهم، ومع ذلك كانت تقول للأطفال في المسرح: أنا أحبكم أيها الأطفال، أنتم تشبهون أبنائي..
ولكن كانوا يعاملونها كأنها حيوان أو دابه، واستمرت بهذا العمل المخزي لها إلى أن ماتت من الألم وسقطت وسط السيرك والجمهور صفق لها، فقد كان يعتقد أنها تمثل لهم، وتضحكهم، وتوفت سنة 1933م..
يقول أحد أبنائها بعد وفاتها: لقد كانت أمي عندما تحضر الخبز لنا ونحن جياع، كانت تبكي طوال الليل، وكانت تقول: أشعر أنني لا أستحق أن أكون أمًا صالحه، هل يجب أن أكون جميلة حتى يحترمونني الناس.

*ترويقة:*
حتى في عصرنا، ما زال الناس ينقصهم الدقة والحساسية عندما يتعلق الأمر بالجمال الجسدي، في النهاية، أثبتت “ماري آن بيفان” أن الجمال الحقيقي يأتي من القلب وأن التضحية بكل شيء لتأمين حاجيات المقربين منك هي أجمل شيء يمكن أن يفعله إنسان..
“ماري آن بيفان” امرأة جميلة وإنسانة رائعة ومكافحة، رغم أنها قامت بشيء طبيعي كما تظن هي!!! إلا أنها قامت بأمر عظيم لا تعرفه، فهل لازلت تظن أنها أبشع امرأة في العالم؟!

*ومضة:*
بكل صدق لو أن هناك مقاييس لجمال الإنسانية، لكانت “ماري آن بيڤان” هي من تحصل على لقب أجمل امرأة في العالم وملكة جمال الإنسانية.!

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى