المفتي: مؤتمر الإفتاء هذا العام شهد حضور 100 دولة ما يدل على عمق ومكانة المؤسسات الدينية في مصر
قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: “إن هناك عددًا من الرسائل المهمة التي رأيت أنها حتمية لأن تقال في افتتاح فعاليات المؤتمر العالمي الثامن للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم”.
وأضاف فضيلته أن هذا العام شهد حضور ما يزيد عن مائة دولة، وهو ما يدل على عمق العلاقات بين مصر وهذه الدول، ومدى عمق المؤسسات الدينية ومكانتها في مصر، حتى أصبحت قائدة لقاطرة الإفتاء في العالم، فمصر لها ثقل كبير للغاية.
جاء ذلك خلال لقائه التلفزيوني الأسبوعي مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج “نظرة” على فضائية صدى البلد، حيث أوضح فضيلته أننا من خلال هذا المؤتمر نسعى إلى استشراف المستقبل، وتناولنا فيه العديد من التحديات التي تواجهنا في الألفية الثالثة ومن بينها مشكلات السيولة الأخلاقية والفكرية، والذكاء الاصطناعي وما يفرزه من مسائل وقضايا.
وأوضح فضيلة المفتي أن التطور السريع والنظر للمستقبل يحتم علينا أن نُعد العدة للمستقبل، ونبحث كيف سنواجه هذه القضايا التي قد تظهر على السطح مستقبلًا، فالأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تستشرف المستقبل وتبحث في القضايا التي تحتاج إلى اجتهاد حقيقي في سبيل معالجتها، وهي ليست قضايا مصرية فقط ولكن قضايا دولية.
وأضاف فضيلته أن الحوار دائمًا ما ينتج ثمرة جيدة، وكلما تناقشنا وضحت لنا الرؤى وتقاربنا واستطعنا أن نحل قضايا المجتمع دون تعصب، ومثل هذه المؤتمرات التي يجتمع فيها عدد كبير من علماء الأمة ومفكريها خاصة في ورش العمل والجلسات العلمية تمتاز بأنها تؤدي إلى تلاقي الرؤى وتقاربها.
وأوضح فضيلته أنه منذ إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أحببنا أن نضع إطارًا مهمًّا وهو أننا لا نلغي خصوصية الدول عند دراسة المسائل الفقهية والقضايا، وهناك مشتركات لقضايا عامة، ولكن نراعي خصوصية كل دولة.
ولفت النظر إلى أن لنا ثقافة مختلفة ورثناها عن ديننا ومجتمعاتنا، والأديان جميعها ترفض كل ما يخالف الفطرة السليمة وينافيها، نريد في عالم متغير أن نضع رؤى مختلفة ونعطي كيفية الحفاظ على الثوابت والشخصية المسلمة دون أن تسبب مشكلات وصراعًا في المجتمع الذي تعيش فيه؛ لذا نضع محددات لنا ونترك التفاصيل لخصوصيات كل دولة أو مفتٍ أو مجتمع من المجتمعات، مشيرًا إلى أن المجتمع الديني على مستوى العالم متعطش بشدة للدور المصري، وقد لمسنا ذلك في كل العلماء الذين أتوا من كافة أطراف العالم.
وقال فضيلة المفتي إنه افتقد حضور سماحة الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية في المؤتمر هذا العام بسبب الأحداث المؤسفة في غزة.
وأكد فضيلة المفتي أن القضية الفلسطينية حية في الوجدان المصري والعربي، وكل كلماتنا التي قيلت ودعمت الموقف الفلسطيني هي واجب الوقت وما يحدث في الأراضي الفلسطينية من تقتيل وهدم أمر محزن، وما نراه من صمود للشعب الفلسطيني شيء ملهم، وحاولنا أن ندعم الموقف الفلسطيني ولو بكلمات، لأن الرأي العام عندما يتشكل ويكون قويًّا ويقف موقفًا حقيقيًّا فلا بد أنه سيحدث تغييرًا، والكلمات التي قيلت في المؤتمر كانت تعبر عن حرقة كبيرة وكانت نابعة من الضمير الإنساني المهموم بقضايا الأمة، وهي صرخة حقيقية في وجه هذا العدوان الغاشم.
وحول الرسائل الثلاث التي وجهها فضيلة المفتي في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أوضح مفتي الجمهورية أنها كانت رسالة دعم موجهة لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي تحمل مسؤولية مصر في وقت دقيق وتحمل الكثير من التحديات وقام بهذا الدور ببراعة شديدة واقتدار حتى نجحنا في كل الملفات التي قادها، ومن بين هذا الملف الصحي حيث استطاعت مصر التعافي من فيروس سي بعد الحملة التي أطلقها فخامة الرئيس السيسي، والواقع يشهد أن هناك مبادرات صحية عديدة وناجحة، وكذلك في ملف البنية التحتية التي تطورت بشكل كبير في عهد الرئيس السيسي، وهي طفرة غير مسبوقة على مستوى الطرق وغيرها.
وأضاف فضيلته أنه لم يمر مؤتمر من المؤتمرات إلا كان تحت رعاية سيادته، وهو ما يؤكد مدى اهتمامه بالمؤسسات الدينية، ولا بد أن نقف في ظهر الدولة المصرية لأن الحفاظ على الدولة الوطنية واجب شرعي ومن مقاصد الشريعة والتي تشمل حفظ النفس والدين والمال والعرض والعقل والتي لا تتحقق إلا بوجود مجتمع آمن ومطمئن، وهو ما حققه الرئيس السيسي.
أما الرسالة الثانية فأشار فضيلة المفتي أنها كانت للعلماء والمفتين حيث أكد فيها أن علينا أن نضطلع جميعًا بتلك الأمانة العظيمة التي اصطفانا الله لها، ناشرين للمنهج الوسطي المعتدل، مبددين ظلمات الجهل والإرهاب.
وأضاف أن علينا أن ندرك أهمية الدور الخطير لعلماء الأمة في حماية الأمن القومي والمصالح الاستراتيجية لبلادهم، ودورهم الهام في دحر مخططات نشر الفتنة والفوضى. وعلينا أن ندرك بوضوح عظم وأهمية دورنا الحيوي في نشر الوعي والفهم لدى الشعوب بربط ما يجري على الساحة العالمية من أحداث سياسية واقتصادية وعسكرية، بما يؤثر على الأوضاع في بلادهم بشكل عام. ومن ثم، فعلينا أن نتفهم التوازنات التي تراعيها الدول والقيادات للمحافظة على الأمن والاستقرار. وعلينا أن ندعم القيادات الوطنية التي تعي معنى الوطن وتدرك معنى الدولة، مؤكدًا أن رجل الدين هو ترس في بناء الوعي، وعليه ألا يترك الخطاب الديني يختطف مما يؤثر على الأمن القومي للبلاد.
وعن الرسالة الثالثة، قال فضيلة المفتي إنه وجهها إلى الشعب الفلسطيني الحبيب وأكد فيها أن قضية الأقصى وفلسطين كانت -ولا زالت- هي قضية العرب والمسلمين الأولى والأهم، فلا تزاحمها أية قضية أخرى، ولا يؤثر عليها تتالي الأحداث، ولا تموت بالتقادم، مشددًا أنها ليست قضية العرب والمسلمين وحدهم، بل هي قضية كل إنسان شريف يعرف معنى الإنسانية ويقدر معنى الحرية، بغض النظر عن عرقه أو دينه أو انتمائه.
وقال فضيلته: “إننا نعاهد الله تعالى ونعاهدكم على أن نبقى بكل ما أتانا الله من قوة على الوعد والعهد بالنصرة والتأييد لكل شعب فلسطين، ندعم صمودكم من أجل استرداد كامل حقوقكم”.
وأعاد فضيلة المفتي تجدد تأييده لموقف الدولة المصرية وقائدها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أعلن بحسم رفض مصر لتهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه، مهيبًا بالمجتمع الدولي أن يتضامن معنا على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى الأماكن المنكوبة والمتضررة من جراء العدوان الغاشم.