أهلُ القرى ( الجزء الأول )
✍ كريم معتوق :
الشمسُ في أقْصى المدينةِ
والرجالُ إلى القُرى يَتدافَعونْ
حجرُ الرَّحَى هذي المدينةُ
قمحُها ما سوفَ تطحَنُهُ صباحاً
للمساءِ ولا يكِلُّ المُتعَبونْ
يتشَبّثونَ بآخرِ الأنْفاسِ
حولَ وسائلِ النقلِ البطيئةِ والكئيبةِ
حولَها يتَحَلّقونْ
ويُلَفْلِفونَ سجائراً محشُوَّةً
بالصمغِ والتبْغِ القديمِ وبعضُهُ
رَوَثُ الجَواميسِ التي مِن حولِهِم ويُدخِّنونْ
يتحدّثونَ ويَسْعَلونَ مع الحَديثِ
كأنَّهم مَرضَى
وإنْ جفَّ السُعالُ جميعُهُمْ قاموا
بصوتٍ يلعَنونْ
يوماً مِن العهدِ البعيدِ مِن الصِّبا
إذْ إنّهم مثلُ الرجالِ يُجرِّبونَ ويَفرَحونْ
وسيَدخُلونَ بيوتَهُم
بأخَفِّ ما حمَلَ البعيدُ مِن المتاعِ
لأهلِهم فيُسَلِّمونْ
وسيَأكُلونَ بكِسْرَةٍ للخبزِ ما جادَتْ
صُحونٌ مِن خُشافِ الأرضِ
أو ما يَزْرعونْ
إنَّ القُرى خُلِقَتْ لتَشقَى
في طواحينِ المَدينةِ والرَّحَى
مِن فوقِهم فيُكابِرونْ
إذْ إنَّ أولَّهم كآخِرِهمْ
مِن الفجرِ الجديدِ إلى المدينةِ
يحلِّقونَ ذقونَهُم ويُهَرْوِلونْ
فكأنَّ مُلكاً مِن سليمانَ النبيِّ
كأنّما نَسِيَ المفاتيحَ الثقيلَةَ
خلفَهُ قارونُ إذْ جاؤوا لها يَتَسابقونْ
في العُرْبِ أو قُل في بلادِ الشرْقِ
تنقَسِمُ القُرى نِصفيْنِ
نصفٌ ميِّتٌ حيٌّ
ونصفٌ جائعونْ
سويسرا 5 اعسطس
حيث أن أغنياءها هم أهل القرى وأهل المدينة متوسطي الدخل بينما الحال معكوسة في الوطن العربي .