*اعترف بحبك*

✍ صالح الريمي :

بالأمس دار حوار بيني وبين صديق عبر الهاتف، وقبل الخوض في غمار المحادثة وبعد السلام أعلنت حبي ومودتي لصديقي، وبهذه العبارة قلت له؛ (هلا حبيبي، والله وحشتني، من زمان ما سمعت صوتك، نفسي أشوفك قريبًا)..
صمت برهة من الوقت وكأنه مصدوم من كلماتي وإعلان حبي له. بادرني غاضبًا وقائلًا: “كأنك غلطان في الرقم، وهذه الكلمات الشاعرية تقولها لزوجتك فقط وليس لي، فلو سمحت أنا رجل، آخر مرة أسمع منك مثل هذه الكلمات”.

أحد أكثر الأخطاء تكرارًا والتي نتعايش معها في حياتنا، هو ذلك الخطأ المتعلق بالبوح بالمشاعر الجميلة والأحاسيس الوجدانية، فمعظمنا يعتقد أنه ما دام يحب شخصًا ويحمل له مشاعر طيبة، فإن هذه المشاعر ما تلبث تُعلن عن نفسها بنفسها، وأن الشخص الآخر إن لم يراها فهو مخطئ ولا يقدر قيمة مشاعرنا النبيلة..
وهذا خطأ كبير، يُحذرنا علماء النفس من الوقوع فيه، فلا زالت مدارس علم النفس تؤكد على أنه يجب تعليم اللسان البوح بالجميل من المشاعر والأحاسيس، ويحذرون من الاتكال على أن المشاعر الجميلة الطيبة الساكنة في القلب ستعلن عن نفسها وحدها.

إننا نعيش في زمن ندر فيه البوح بالكلم الطيب، والاعتراف بالجميل من المشاعر والأحاسيس التي تسكن الوجدان، فكثير من الأزواج والزوجات خاصةً تجدهم اليوم يدمنون الصمت تجاه عواطفهم، وحجتهم “إنه يعرف أني أحبه”.! ولا يدركان أن المعرفة شيء والبوح شيء آخر تمامًا..
فإذا رغبت أن يدوم حبك فأحسن أدبك، أي أهتم دائمًا بسلوكك الجميل تجاه من تحب لتعبر دائمًا جوارحك عما يسكن قلبك من المشاعر والأحاسيس الجميلة،
وأعلن عن حبك لمن يغمر حبه وجدانك ومشاعره أحاسيسك، ومن تجدهم من محبيك أخبرهم بحبك وعمق مشاعرك تجاههم، ورغبتك الحارة في أن تراهم أفضل وأنجح بشر في الحياة، فالحياة تحتاج إلى اعتراف.

والحُب يحتاج إلى اعتراف وبوح وتأكيد، فالمشاعر تحتاج تحريك الأحاسيس الراكدة في عمق الفؤاد لتسيل الكلمات الجميلة على اللسان وليسمعها أذن وقلب المحبوب..
وعلى هذا الأثر يجب أن لا نخفي الحُب داخل نفوسنا، ونتعامل بالحُب مع المقربين منّا، ونعبر عن مشاعر الحُب التي في قلوبنا تجاه الأهل والأصحاب والأصدقاء والزملاء وخاصةً بين الزوجين، ويجب أن لا نتعلل بأن الآخر يعرف حقيقة مشاعرك، فقلوبنا كقارورة عطر مغلقة، لن نستطيع أن نشم شذاها، ونستمتع بعطرها، إلا إذا فتحناها وتنسمنا من عبقها، فافتح قلبك! وأعلن حبك! وانثره على أذن وقلب من تحب!

*ترويقة:*
كان عليه الصلاة والسلام يقول لزوجته عائشة رضي الله عنها: (حبك كعقدة الحبل، ثم يخبرها بين الحين والآخر أن العقدة على حالها، أي أنه لا زال يحبها كأول الأمر)، هذا حاله مع حبيبته، ولا يختلف حاله مع أصحابه، فنراه يقول: (لو كان لي أن أتخذ خليلًا، لاتخذت أبا بكر خليلًا)، ونراه في إحدى الغزوات يقول: (لأعطين الراية غدًا رجل يحبه الله ورسوله)، ثم يعطيها لابن عمه وزوج ابنته علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ومضة:
يقول سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم، للرجل الذي أتاه يخبره أنه يحب صاحبه، فسأله النبي: هل أخبرته؟ ـ أي هل قلت له أنك تحبه ـ ، وعندما أجابه الرجل بالنفي، قال له النبي عليه الصلاة والسلام، إذًا أذهب وقل له أنك تحبه، ثم التفت النبي إلى أصحابه .

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى