لا تتوقف عن العطاء!!

✍️ صَالِح الرِّيمِي

خير الناس أنفعهم للناس، وخدمة الناس من “جبر الخواطر”، وهو من أعظم الأخلاق في ديننا الحنيف،
والجنة ليس لها ثمن محدد لأن دخولها قد يمر من “جبر الخواطر”، وكم أحب الشخص الذي يسعى ليجبر الخواطر، يعين شخصًا ارهقته متاعب الحياة بلمسة حانية أو كلمة لطيفة أو بمساعدة مالية تعيدله شغفه للحياة مجددًا..
وقصتنا اليوم جعلتني أزداد يقينًا أن العطاء الذي يُبذل من لباب قلبه صاحبه دون مقابل هو من يستلذّ بحلاوته قبل المُعطَى له، فالعطاء ليس عطاء المال فحسب؛ فجبر الخواطر عطاء، والسعي في قضاء حوائج الناس عطاء، وبسمة ترتسم بسببك على ثغر مُكتئب من أندى صور العطاء.

حدثني أحد المتابعين أنه تبرع ب “300 ريال فحولها ربي إلى 3000 ريال”، ثم اردف قائلاً:
لم استلم راتبي منذ شهرين تقريبًا، وكان في حسابي 300 ريال لا غير، اتصل بي أحد الأصدقاء ظهرًا: السلام عليكم، وعليكم السلام، فلان كيف حالك طيب بخير، قلت الحمدلله، سألني أين أنت الآن، قلت له موجود في العمل قال: طيب تقدر تدبر لي 300 ريال، قلت له خيرًا إن شاء الله، قال: زوجتي تعبت اليوم وهي الآن في المستشفى واحتاج أكمل فاتورة علاجها، واعتبر الملغ دين في أقرب فرصة أردها لك..
مباشرة من غير تفكير أو تردد قلت له أبشر من عيوني، أرسل حسابك، حولت له 300 ريال وهي كل الذي في حسابي، قلت محدثًا نفسي ربك كريم إن شاء الله وربك سيعوضني خيرًا، نتذكرًا قوه صلى الله عليه: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته).

على العموم صليت العشاء في أحد أحياء جدة، وعند خروجي من المسجد لاركب سيارتي لمحت أحد استاذي في الثانوية، سلمت عليه، ضفيني في مكتبه، تحدثنا وتكلمنا ودار حوارًا مطولًا تذكرنا فيها أيام المدرسة الجميلة، ثم سألني كيف حالك؟ كيف أمورك؟ كيف الدنيا معك؟
لي فترة ماسمعت أخبارك، قلت الحمدلله أموري تمام، وعندما استأذنته بالذهاب قال سأعطيك هدية إن شاء الله بعدين أكلمك عليها..
على العموم خرجت من عنده وبعد ساعةً كاملة تصلني رسالة على حسابي بتحويل 3000 ريال، تكلمت مع بالاستاذ عن هذا المبلغ قال؛ هذا المبلغ من عندي هدية فتقبلها مني كأخ لاخوه.

يقول راوي القصة سبحان الله كان في حسابي 300 ريال أعطيتها لصديقي لحتاجه بتكملة علاج زوجته، فعوضني الله خيرًا بعد العشاء ب 3000 ريال، سبحان الله ما أسرع العوض من الله الكريم، “وكما تدين تدان”، انتهت القصة..
هناك أناسٌ لا تجدهم إلا في مواطن الخير وجبر الخواطر، كبيرين بأفعالهم وأقوالهم، أولئك الذين يؤمنون بأن الحياة رحلةٌ لا يبقى منها إلا حُسن الأثر، وسيبقَى الوُد محفوظًا في أعماق قلوبنا لمن عبرُوا حياتنا وكان لعبُورهم معنَى، ومازالوا بالنسبة لنا شيئًا جميلًا لا ينسى.

*ترويقة:*
ما أجمل جبر الخواطر، والمشي لترميم مشاعر الاخرين، لهذا نتوق لمن ياخذ بايدينا، واتذكر وأنا في المرحلة الثانوية كنت أنتظر أن أكون من ضمن أوائل الصف كوني استحق ذلك، وتم التكريم ولم يذاع الإسم، صحيح كُسر خاطري لكن مازلت أتذكر أستاذ مادة الرياضيات وقد أتى وسلم عليّ وجبر بخاطري قائلاً: كنت تستحق أن تكون من ضمن التكريم، أنت ممتاز وطالب مجتهد، صحيح هي كلمات بسيطة لكن مازلت أتذكر هذا الموقف حتى اليوم.

*ومضة:*
العطاء جزء من الكرم، بل يكون هو الكرم في صور كثيرة، وهو جزء من كينونة الإنسان السامي، والمثل الصيني يقول: “مثلما يعود النهر إلى البحر هكذا يعود عطاؤك إليك”، فلا تتوقف عن العطاء، فنفع العطاء يعود عليك أولًا.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى