وقت واحد وإنجاز متفاوت

✍️عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون :-

يعجب البعض حين يرون إنجازات قام بها أحدهم، والعجب هنا ناتج عن كون هؤلاء البعض لم يستطيعوا تحقيق تلك الإنجازات، أو لم يقع في تصورهم أنهم يستطيعون فعلها لأسباب كثيرة يرونها منها قلة الوقت في ذلك، وكيف استطاع ذلك الشخص أن يجد متسعا من الوقت لتحقيق تلك الإنجازات مع أن مشاغله ومشاغلهم تقريبا واحدة مع اليقين بأن وقت الجميع واحد وأن اليوم للكل يحوي 24 ساعة فقط إلا أن ذلك الشخص بعد مضي شهر واحد قد سبقهم شوطا كبيرا في الحصول على المنجزات، وما ذاك إلا لأن الشخص المعني قد استغل وقته بطريقة صحيحة، ووضع تصورا وهدفا قد خطط له جيدا بحيث تم التمكن من استيعابه في تلك الفترة المحددة بصورة صحيحة، وذلك بعد أن أعاد برمجة أعماله المعتادة، ورتب توقيتها بحيث أوجد لنفسه وقتا أكبر للاستفادة منه.
إذا لم تتقدم إلى الأمام فسوف تسقط إلى الخلف، مثل قيادة الدراجة، إما أن تستمر في الحركة والتقدم أو تسقط مكانك. فأنت تضيع وقتك بنفس الطريقة التي تبدد بها وقود سيارتك إذا تركتها تدور وأنت تنتظر زميلك عند باب بيته أو مكان عمله. والوقت مورد ثمين وأصل ثابت يمكن استغلاله والسرعة تعد موردا كبيرا له أهميته الكبيرة. والبعض إذا دعي إلى نشاط قال عنه أنه غير مفيد ومضيعة للوقت، وكثيرا ما نسمع ذلك، ومن ثم يجلسون دون إنتاجية، ولو أنهم قاموا بذلك النشاط لكان خيرا لهم، وهؤلاء يمثلون صورة كثيرا ما نراها في التواني وإضاعة الوقت وعدم استغلاله فيما ينفع، فإذا لم تقدم القليل كيف ستطاوعك نفسك بالكثير، وفي الدنيا فرص كثيرة تنتظر من يقطفها فعاجل بملأ سلالك، وأحي مبدأ التنافس في نفسك وليكن لك قصب السبق.
والسعي في الحياة مع كثرة مشاغلها الرتيبة والطارئة تجعل المرء في أحيان كثيرة ينسى أمورا، ويقدم مهما على أهم، مما يحدث تقصيرا مخلا، أو إرباكا نحن في غنى عنه، خاصة وأن هناك سبلا كفيلة بحل هذه الإشكالية الضاربة الجذور في أعماق حياتنا، فهناك طرق كثيرة فاعلة وبسيطة تريح الإنسان وتعينه، ولعل في ما يسمى بالمفكرة، والتي نشاهد منها أنواعا كثيرة، فمنها ما هو للمكتب، ومنها ما يوضع في الجيب، ما يزيل عنا العناء وما يجره من متاعب، بل ويوجد أيضا الأجهزة الصغيرة الحجم جدا والتي يمكن للمرء أن يسجل فيها صوتيا كل ما يجول بباله، فلا يترك فكرة تخطر ثم تتلاشى، وفي هذا، إن اتبع بطريقة صحيحة، تنظيم أكبر للوقت، واستغلال أمثل للطاقة مع حسن تدبير، ودافع للابتكار والإبداع، وجودة الإنجاز.
ومن مضيعات الوقت والجهد القيام بأعمال يمكن للآخرين القيام بها، فمثلا الذي يكتب بحثا أو مقالا أو كتابا يحرص على أن يقوم هو بنفسه بطباعته على الحاسوب، في حين أن هناك من يحسن هذا العمل بصورة متخصصة أكثر منه وأقل خطأ، ومثلا آخر حين يقوم المدير بصف أوراقه وترتيبها ووضعها في الملفات وتبويبها، وهذه من أعمال السكرتارية، فلو وزعنا الأعمال على أصحابها ممن يجيدونها لحصلنا على نتائج عمل جيدة، ولحصل لنا تفرغ كبير لإنجاز الأعمال التي لا يمكن أن يؤديها غيرنا، ومثله صاحب المنجرة أو البقالة أو محلات قطع الغيار وغيرها، حين يقوم بصف المواد بنفسه وترتيبها والمشاركة المستمرة في تنزيلها وتحميلها، فهذه الأمور لا يفترض به أن يفعلها بنفسه، فهناك مهام أكبر من هذه لا يقوم بها سواه، فلا ينبغي أن يشغل وقته وذهنه في أمور يمكن أن يؤديها غيره، وإذا كان العمل الذي تؤديه يمكن أن يؤديه غيرك فلماذا لا تتجه إلى الأعمال التي لا يؤديها سواك.
من المهم أن تضع خطة العمل اليومي وتخصص دقائق كل ليلة لوضع خطة اليوم التالي بناء على ما تم في اليوم السابق، فلكل يوم عمله وتأجيل ذلك العمل إضاعة لذلك اليوم وشغل لليوم الذي يليه، ومن تدبر أمره عرف معنى الحكمة العربية (لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد)، ووقتك هو حياتك، ومن مفارقات الدنيا أن الناس يعيبون على من يفرّق ماله ويضيعه فيما لا فائدة منه، ولا تجدهم يعتبون على من يهدر أوقاته التي هي أغلى من دمه الذي في شرايينه.
قال الشاعر:
إذا كان رأس المال عمرك فاحترز
عليه من الإنفاق في غير واجب

Related Articles

Back to top button