متعة الحياة

✒️ صَالِح الرِّيمِي :-

جمال الحياة ولذة الدنيا ومتعة الراحة أن نجد الحُب في عيون الآخرين، وأن نضع الطعام على مائدة المحتاج، وأن نساهم في إغاثة اللهفان، وأن نأخذ بيد التائب إلى الصلاح، وأن نرسم الضحكة على وجه البائس، وأن نزرع البسمة على شفاه المحروم، وأن نروي غرس الأمل في نفوس اليائس.
التلذذ بالأخذ يشترك فيه معظم البشر، لكن التلذذ بالعطاء لا يعرفه سوى العظماء وأصحاب الأخلاق السامية والعالية، لأن بهجة العطاء تفوق لذّة الأخذ، فالأولى روحانية خالصة بامتياز وتتملك وجدانك وأحاسيسك، والثانية مادية بحتة محدودة الشعور والإحساس. 

اليوم قرات قصة تنمي جمال العطاء، يقول الراوي فيها:
كان هناك شيخًا وطالبًا يمشيان بين الحقول فشاهدا حذاءً قديمًا وعرف أنه لرجل فقير يعمل في أحد الحقول القريبة وسينتهي عمله بعد قليل، التفت الطالب إلى شيخه وقال: “هيا بنا نمازح مع هذا العامل بأن نقوم بتخبئة حذاءه، ونختبئ وراء الشجيرات وعندما يأتي ليلبسه سيجده مفقودًا ونرى دهشته وحيرته”..
فأجابه ذلك العالم الجليل: “يا بُني يجب أن لا نسلي أنفسنا على حساب الفقراء، ولكن أنت غني ويمكن أن تجلب لنفسك مزيدًا من السعادة والتي قد تعني شيئًا كبيرًا وجميلًا لذلك الفقير، فلنضع قطع نقدية بداخل حذاءه ونختبئ نحن لنشاهد مدى تأثير ذلك عليه”.

أعجب الطالب بالاقتراح وقام بوضع قطع نقدية في حذاء ذلك العامل ثم اختبأ هو وشيخه خلف الشجيرات ليريا ردة فعل ذلك العامل الفقير، وبالفعل بعد دقائق معدودة جاء عامل فقير رث الثياب بعد أن أنهى عمله في تلك المزرعة ليأخذ حذاءه، فتفاجأ العامل الفقير عندما وضع رجله بداخل الحذاء بأن هنالك شيئًا بداخل الحذاء وعندما أراد إخراج ذلك الشيء وجده نقودًا..
ثم قام بفعل نفس الشيء عندما لبس حذاءه الآخر ووجد نقودًا فيه، نظر مليًا إلى النقود وكرر النظر ليتأكد من أنه لا يحلم.

بعدها نظر حوله بكل الاتجاهات فلم يجد أحدًا حوله، وضع النقود في جيبه وخر على ركبتيه ناظرًا إلى السماء باكيًا ثم قال: بصوت عالٍ يخاطب ربه: أشكرك يارب، علمت أن زوجتي مريضة وأولادي جياع لا يجدون الخبز، لقد أنقذتني وأولادي من الهلاك واستمر يبكي طويلًا ناظرًا إلى السماء شاكرًا لهذه المنحة من الله تعالى..
تأثر الطالب كثيرًا وامتلأت عيناه بالدموع، عندها قال الشيخ الجليل: ألست الآن أكثر سعادة من لو فعلت اقتراحك الأول وخبأت الحذاء؟. فأجاب الطالب نعم لقد استشعرت بأن أعظم متع الحياة هي متعة العطاء.

*ترويقة:*
العطاء؛ هو إحدى الصفات التي لا تتوفر في كثير من الناس، فالقدرة على أن تقدم وتعطي وتبذل للآخرين دون مقابل أمر ليس بالأمر السهل، ومتعة العطاء ليست محصورة في على الأغنياء بل جميعنا يمكن أن يستمتع بالعطاء وأن يقدم للآخرين الكثير، فالابتسامة عطاء والكلمة الطيبة عطاء..
فكن أنت الشخص المعطي الذي إذا رآه الناس قالوا لازالت الدنيا بخير، فمن اعتاد أن يوزع الورد، فسيبقى شيء من العطر بيده، ما دمت تفعل الخير، سيصلك أثره، إن لم يكن في الدنيا، فسيكون في الآخرة، وهو خير وابقى.

*ومضة:*
اترك جميلًا وخلِّفْ في الورى أثرًا..
وكن كغيمة حبٍّ تُمطِرُ البشرَ..
كن نسمةً في فضاء الكون عاطرةً..
كن بسمةً في وجوه العالمين تُرى..

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى