الاستثمار الاجتماعي: حلول ريادية مستدامة
✍ عبد القادر عوض رضوان *
*المستشار الإعلامي لجمعية البر بجدة
مع زيادة الوعي بالقضايا الاجتماعية والبيئية، انتشر مفهوم “الاستثمار الاجتماعي” الذي يتمحور حول استغلال رؤوس الأموال في مشروعات تجارية ربحية، ولكنها في نفس الوقت تترك أثرها من خلال تقديم حلول مبتكرة ومستدامة لتحديات اجتماعية معينة، يستفيد منها الكثير من الأفراد.
لذا فإن مفهوم الاستثمار المسؤول اجتماعياً (الاستثمار الأخلاقي) يولي أهمية قصوى للقيم والأخلاق ذات التأثير القوي على البيئة والمجتمع، فهو يهدف الى تشجيع الممارسات المتعلقة بحماية البيئة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وزيادة التوعية بها.
من هنا فقد تحوَّل هذا النوع من الاستثمار الى آلية مؤسسية منظمة للتنمية الاجتماعية لتعم فائدته جميع شرائح المجتمع.
لقد أضحى بناء استراتيجيات شاملة للاستثمار (المسؤول اجتماعياً) وفق مرتكزات مهنية وهيكلية واضحة وإدارة محكمة، أحد مرتكزات تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة التي تساهم في ازدهار الاقتصاد وتحقيق جودة الحياة.
لذا جاء إطلاق المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، (تحدي الاستثمار الاجتماعي) Impacthon مؤخراً ضمن أهدافه الرامية الى تمكين منظومة الاستثمار الاجتماعي في المملكة وتحديد أبرز القضايا الاجتماعية والوصول الى حلول ريادية مستدامة.
وقد شمل التحدي الذي استهدف الوصول الى 4 آلاف فكرة وحل، ثمانية مجالات هي: الخدمة المجتمعية والتعليم والبيئة والإسكان والحج والعمرة والطاقة والصحة والثقافة، مستهدفاً مشاركة طلاب الجامعات وطالباتها ورواد العمل الاجتماعي ومنسوبي القطاع غير الربحي والمبتكرين الاجتماعيين، والمهتمين بالاستثمار الاجتماعي، بهدف رفع الوعي بأهمية الاستثمار الاجتماعي ودوره في معالجة أهم القضايا الاجتماعية من خلال توظيف رأس المال البشري للوصول الى استثمار ذي عائد مادي يترك أثره المجتمعي المستدام.
ولعلنا نتوقف قليلاً أمام التجربة الرائدة التي قدمتها جمعية البر بجدة في مجال الاستثمار الاجتماعي الذي يعزز برامجها ومشاريعها المختلفة الداعمة للفئات المستفيدة من الأسر والأيتام ومرضى الفشل الكلوي، من خلال حزمة من الحلول الابتكارية والمنتجات التنموية التي حرصت الجمعية على تقديمها ضمن منظومة من المُمكِّنات التي تدعم العمل الاجتماعي وتساهم في تيسير بيئة الأعمال فيه، بما يدفع باتجاه تحقيق الاستدامة وتعظيم أثر الخدمات المقدمة لتلك الفئات، ناهيك عن تحقيق أحد أهم أهداف الجمعية في الانتقال في العمل الاجتماعي من الرعوية الى التمكين.
ولأن برامج الاستثمار الاجتماعي تساهم بقوة في تحقيق الأهداف الحضارية للمشروع التنموي من خلال تعظيم أثر التكامل بين مختلف القطاعات لتقديم كل ما من شأنه خدمة المجتمع وتمكين مختلف فئاته، فإن من الضرورة بمكان تعزيز الشراكات القائمة بين مؤسسات قطاع الأعمال ومنظمات القطاع غير الربحي من خلال قيام الشركات بتكليف بعض العاملين بها للعمل لدى هذا القطاع مع استمرارها في دفع رواتبهم، الأمر الذي يساهم في نقل الخبرات وتقديم الأفكار والحلول الابتكارية التي تثري هذا القطاع، وتدعم الاستدامة فيه، ليكون أحد مصادر الدخل، بما يتواكب مع برنامج التحول الوطني في مرحلته الثانية التي انطلقت عام 2021 ليحقق البرنامج معها 35% من مستهدفات رؤية المملكة 2030، حيث برز تعزيز التنمية المجتمعية وتطوير القطاع غير الربحي واحداً من المستهدفات السبعة لهذا البرنامج الحيوي.