بمناسبة ذكرى عيد الاستقلال .. اهمية العلاقات العراقية الاذربيجانية وتطورها في كافة المجالات..

 

الدكتور. معتز محي عبد الحميد

كانت زيارة رئيس جمهورية العراق الاستاذ عبد اللطيف جمال رشيد الى باكو في الاول من اذار من هذا العام ولقائة في قصر زوغولبا الرئاسي في العاصمة الآذربيجانية باكو، مع الرئيس الآذربيجاني السيد إلهام علييف..
اعظم الاثر في تطور العلاقات بين البلدين فهي الزيارة الاولى لرئيس عراقي على هذا المستوى ، لهذا البلد المسلم الصديق , وايضا فتحت افاقا
واسعة للتعاون الاقتصادي مابين البلدين , ففي هذا اللقاء جرى بحث العلاقات الثنائية بين العراق وأذربيجان والاتفاق على ضرورة الارتقاء بها وتطويرها، وأهمية توسيع آفاق التعاون المشترك في كافة المجالات الاقتصادية والاستثمارية والسياحية والطاقة وبما يخدم مصالح البلدين.
وأوضح الرئيس عبد الطيف في اثناء اللقاء أن العراق، وبعد تجاوزه للعديد من التحديات وتشكيل الحكومة، يعيش حالة من الاستقرار المتميز على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، مؤكداً على الجهود التي بذلت لتبسيط وتسهيل الإجراءات الإدارية للاستثمارات فى إطار متكامل يهدف إلى تأهيل البنى التحتية في البلاد والنهوض بواقعها الاقتصادي بشكل عام، مشيراً إلى حجم الفرص الاستثمارية التي سوف تتحقق في العراق واذربيجان في المستقبل القريب .
ذكرى الاستقلال
يخلّد الشعب الأذربيجاني في ذاكرته في الثامن والعشرين من مايو من كل عام ذكرى يوم الاستقلال. وفي هذا العام يكون قد مر 105 عام على إعلان جمهورية أذربيجان الديمقراطية وتأسيس أول جمهورية برلمانية حديثة في العالم الإسلامي. وهي الجمهورية الأولى التي قامت لثلاثة وعشرين شهرًا، بين 28 ايار 1918 و28 نيسان 1920. وتم الاعتراف باستقلال جمهورية أذربيجان الديمقراطية في مؤتمر باريس للسلام في 11كانون الثاني 1920؛ وبذلك تم تأسيس أول برلمان لأذربيجان، ووضع أساس الجمهورية البرلمانية، وتم نقل العاصمة إلى باكو في 17 ايلول 1918. وقد بدأ الطريق الديمقراطي في التطور بعد اجتماع مجلس أذربيجان الوطني في 19تشرين الثاني 1918، إذ تم الإقرار بأن البرلمان يجب أن يتكون من ممثلي جميع الشعوب المقيمين في حدود الدولة. وقد كان هدف البرلمان حفظ استقلال أذربيجان وسلامتها الإقليمية وحقوقها الوطنية والسياسية، وإنشاء العلاقات بين حكومة أذربيجان والحكومات المتجاورة، وإنشاء نظام الدولة الحقوقي، وتنفيذ الإصلاحات الاجتماعية الواسعة، وإنشاء جيش قوي قادر على الدفاع عن الوطن.
ولكن بعد سقوط جمهورية أذربيجان الديمقراطية على يد البلاشفة، واحتلالها في 28 نيسان 1920، تم ضمها إلى الاتحاد السوفييتي.
وبالرغم من أن جمهورية أذربيجان الديمقراطية لم تعمر طويلاً إلا أنها نجحت في ترك أثر لا يمكن محوه في ذاكرة الأذربيجانيين؛ إذ تركت التجربة الثمينة الأذربيجانية الحديثة لبناء الدولة الديمقراطية؛ فقد حصلت المرأة على حق الاقتراع، وهي بهذه الخطوة قد سبقت حتى الدول الأكثر تقدمًا في العالم في ذلك العهد. كما تبنت حكومة أذربيجان الديمقراطية أول قرار لها باتخاذ عَلَم ذي ثلاثة ألوان (الأزرق والأحمر والأخضر) مع الهلال والنجمة ثمانية الأطراف، الذي يرمز إلى مبادئ الحداثة والهوية الوطنية والإسلام باعتباره علمًا لجمهورية أذربيجان المستقلة.
واهتمت الحكومة في تلك الفترة بتعليم الشعب وتطور العلم والصحة في جميع أماكن الدولة، وبنيت المدارس لمختلف المستويات، وأنشأت المعاهد لتأهيل المدرسين، وأقامت المكتبات، وتم تأسيس جامعة باكو الحكومية في 1ايلول 1919، وتم ابتعاث 100 شاب أذربيجاني إلى الخارج للدراسة في فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وتركيا.
وتعتبر أذربيجان في طليعة الجمهوريات السوفييتية التي استعادت استقلالها في عام 1991.
وحددت أذربيجان مكانتها في منظومة العلاقات الدولية، وبدأت الاعتماد على الاستراتيجية الجديدة في مجال السياسة الخارجية، واستطاعت خلال فترة وجيزة بناء نظام ديمقراطي قائم على التعددية السياسية، وخطت خطوات واسعة نحو تطبيق مبادئ اقتصاد السوق الحر على نظامها الاقتصادي، كما أنه في عام 1995 تم إقرار دستور جمهورية أذربيجان عن طريق إجراء استفتاء عام، وأجريت في البلاد انتخابات برلمانية ديمقراطية.
واجهت جمهورية أذربيجان في السنوات الأولى من استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، العديد من المشاكل نتيجة الاضطرابات السياسية والاقتصادية والتي كان أبرزها العدوان الأرميني الذي أسفر عن احتلال 20% من الأراضي الأذربيجانية، وتشريد أكثر من مليون مواطن من مدنهم وأراضيهم الأصلية، وقد توالت الاعتداءات الأرمنية من عمليات قتل وإبادة جماعية ضد المواطنين الأذربيجانيين الأبرياء الذين بلغ عددهم أكثر من 20.000 شخص، ومعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، كما دمرت وأحرقت العديد من المقدسات الإسلامية والمدارس والمساجد والآثار التاريخية التي تشهد على أصالة وعراقة الشعب الأذربيجاني.
خلال هذه المرحلة التاريخية الحرجة من تاريخ أذربيجان، ناشد الشعب الأذربيجاني الزعيم القومي “حيدرعلييف” تولي زمام الأمور، لإخراج البلاد من هذه الأزمة الطاحنة، وبالفعل تمكن “علييف” خلال فترة قصيرة من الزمن بما يمتلكه من رؤية ثاقبة، من نقل أذربيجان من حالة التخبط والصعوبات العديدة التي سادت فترة التسعينات إلى آفاق الازدهار والتقدم الوطني، وقد بدأ عهد جديد في حياة جمهورية أذربيجان المستقلة، حيث تخلت البلاد عن الاقتصاد المخطط للحقبة السوفيتية، وتحولت إلى اقتصاد السوق الحر، كما تم اتخاذ التدابير اللازمة لإقامة نظام سياسي ديمقراطي في البلاد، حيث تم إقرار قانون الأحزاب السياسية، وتثبيت الحقوق لكل القوميات للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، كما وقعت أذربيجان على العديد من المعاهدات الدولية للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما فيها إقرار حقوق المرأة السياسية.
وفي ايلول عام 1994، تم توقيع “عقد القرن” بقيمة عدة بلايين مع شركات النفط متعددة الجنسيات لتطويرحقول النفط البحرية في القطاع الأذربيجاني من بحرقزوين. وبشبكة خط نفط باكو– تبليسي – جيهان وخط غاز باكو – تبليسي – أرزروم تضطلع أذربيجان بدور مهم في ممر الطاقة بين الشرق والغرب وفي أمن الطاقة في أوروبا.
وبالتوازي مع قطاعي النفط والغاز، تم الاهتمام بتنمية القطاعات غيرالنفطية بما في ذلك تطوير البنية التحتية لقطاع النقل والمواصلات ذات الأولوية الإستراتيجية، من سكك حديدية، وموانئ بحرية ومطارات، بالإضافة إلى أساطيل الطائرات والسفن، ووسائل النقل البري والبحري، والتي تجرى زيادتها وتحديثها على نحو ملحوظ سعيا لتنشيط مسارات النقل بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب.
وقد قامت جمهورية أذربيجان بتحقيق المشاريع الاقتصادية المهمة للغاية، حيث أصبح هذا جزءًا مهما لأجندتها. حيث كان يتحتم عليها الانتقال من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق. واليوم يشعر الشعب الأذربيجاني بهذه التنمية وبنتائج الإصلاحات الاقتصادية.
إن جمهورية أذربيجان هي عضو في منظمة الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، ورابطة الدول المستقلة وبرنامج التعاون من أجل السلام لمنظمة حلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون الاقتصادي لبلدان حوض البحر الأسود ومنظمة التعاون الاقتصادي لبلدان الشرق الأوسط وغيرها من المنظمات الدولية الأخرى.وقد أصبحت جمهورية أذربيجان عام 2001 عضوًا في المجلس الأوروبي (البرلمان)، وبذلك انضمت إلى الأسرة الأوروبية.واعتبارا من سنة 2019 اصبحت جمهورية أذربيجان رئيس حركة عدم الأنحياز لمدة سنتين.
الاسلام رمز من رموز الدولة
ومنذ استقلال أذربيجان أصبح شعار الإسلام رمزًا من الرموز الثلاثة الموجودة على علم جمهورية أذربيجان المستقلة الجديدة، وتم قبول أذربيجان عضواً في منظمة التعاون الإسلامي، وأصبح من التقاليد الرسمية أداء رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية بالقرآن الكريم قبيلا لبدء بمهامه الرسمية.
وقد تحولت جمهورية أذربيجان اليوم من بلد يطلب العون الأمني والمساعدات الدولية في الماضي، إلى بلد يساهم اليوم في العمليات الدولية لدعم السلام، والجهود الإنسانية.
وقد وقع حدث مهم جدًا في عام 2011م بالنسبة لجمهورية أذربيجان حيث تم اختيارها لأول مرة عضوًا غير دائم في مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة خلال السنوات 2012 – 2013. وقد استطاعت جمهورية أذربيجان كسب ثقة المجتمع العالمي بأسره وسط أجواء مضطربة، وقد أيدت 155 دولة من بين 193 دولة ترشيح أذربيجان.
وأذربيجان اليوم، اعتمادا على رؤية وإرث حيدر علييف، وتحت قيادة إلهام علييف، بلد ينمو بديناميكية، مع معدلات نمو اقتصادي غير مسبوقة في جميع المجالات، والاصلاحات الديموقراطية والاقتصادية الثابتة للرئيس إلهام علييف، وقيادته الحكيمة والرشيدة للبلاد وسياسته الخارجية النشطة، جعلت أذربيجان دولة رائدة على الصعيد الإقليمي وشريكا يعتمد عليه في العلاقات الدولية.
وتلعب أذربيجان اليوم دورا محوريا في كل القضايا الإقليمية، وتتقاسم ثمار ازدهارها وثرواتها مع بلدان المنطقة عبر مجموعة من آليات الشراكة والتعاون.
ونتيجة ذلك، استعادت دولة أذربيجان سيادتها ووحدة أراضيها – بعد ما قرب من ثلاثين سنة من احتلال عشرين بالمائة من أراضيها، تحت قيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس دولة اذربيجان السيد إلهام علييف بانتصار عظيم استغرق 44 يوما فقط على أرمينيا المحتلة، وأرغم العدو على الاستسلام بقوة الإرادة السياسية والعسكرية، وهكذا قام السيد الرئيس إلهام علييف بتنفيذ وصايا الزعيم القومي حيدر علييف الراحل حول تحرير أراضي أذربيجان وضمان سلامتها وسيادتها مع تضامن الشعب الأذربيجاني ورفاهيته.
اعمار الاراضي المحررة
وبعد الانتصار في حرب قاراباغ الثانية، تقوم دولة أذربيجان بإعمار الأراضي المحررة، وإنشاء البنية التحتية الجديدة فيها وتعمل إلى تحويل المدن والآثار التي تم تدميرها خلال الاحتلال من قبل قوات ومليشيات الأرمن إلى أجمل وأحدث المدن في المنطقة، وكما تسعى إلى إسكان المشردين في ديارهم في أسرع وقت ممكن.
وقد كان النفط السبب الرئيسي الذي جعل من جمهورية أذربيجان محط أنظار عديد من دول العالم، خاصة وأن أذربيجان قد لعبت دوراً بارزاً خلال الحرب العالمية الثانية حيث قدمت باكو- عاصمة أذربيجان معظم نفط الاتحاد السوفيتي على الجبهة الشرقية.
وتحولت جمهورية أذربيجان في الفترة الأخيرة إلى نقطة ربط بين الغرب والشرق والشمال والجنوب، خاصة بعد إنشاء خط أنابيب باكو – تبليسي – جيهان للنفط، وباكو – تبيلسي – أرضروم للغاز الطبيعي، اللذين ينقلان النفط والغاز الأذربيجاني إلى الأسواق العالمية. وافتُتح خط باكو – تبليسي- قارص للسكك الحديدية. ويعد المشروع حلقة أولى في ربط قارات العالم القديم في آسيا وأوروبا بعضها ببعض. كما تم افتتاح مشروع «تاناب» الذي سينقل الغاز الطبيعي الأذربيجاني إلى أوروبا، وسيسهم في أمن الطاقة في القارة الأوروبية.
واليوم يمكننا أن نقول بكل ثقة واطمئنان إنه خلال السنوات الماضية تمكنت أذربيجان بقيادة الرئيس إلهام علييف من تحقيق الإنجازات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وضمنت مستقبلها ومستقبل أبنائها، واكتسبت تقدير دول العالم، وتحولت إلى دولة فعّالة، تؤدي واجباتها على المستويَين الوطني والدولي.

Related Articles

Back to top button