سيف الندم .. قصة قصيرة

 

 

 

 

لم يستطيع اللواء إلا البكاء … البكاء الشديد .. وبحرقة .. عندما علم أن ماندوا المصرى هو من أنقذ ابنته من الإغتصاب والقتل ….
كيف يضحى هذا المجرم بحياته ويضحى بنفسه أمام كل تلك العصابة طوال تلك الثلاثة أيام بلياليهم وصد الباطل وإحياء الحق والصواب التى كانت تصر على الإنتقام منه لأنه رفض الرشوة وأبى أن يهرب زعيمهم المحكوم عليه بالإعدام .. ومن ظلمه وتشدد فى إبعاده عن المجتمع وعندما يعرف أنه كان السبب فى مقتل أمه تارة وأبيه تارة أخرى
بدأت هذه القصة عندما بدأ المخبر فراج والمرشد نوبى السمسار بصب فكرة سيئة عن ماندوا بأنه شاب سئ ومستهتر ولا يمنعه من تناول المخدرات وربما السرقة عيب ولا حرام … وأنه لو ترك لأصبح مجرم عاتى فى الإجرام … ولابد من تلبيسه قضية كبيرة تدفنه بعيدا عن المجتمع فى غياهب السجون … وحدث بالفعل .. تم القبض عليه وهو خارج فى الصباح ليؤدى عمله كنقاش … وتم ترحيله للنيابه .. التى أمرت بحبسه أربعة أيام وكانت هى سبب موت أمه وبعدها أمرت بالإفراج عنه بكفالة خمسة ألاف جنيه .. وخرج وسافر للعمل فى مدينة العلمين الجديدة ولم يعود كرها فى الاقصر وبعدا عن أرض ظلم فيها وكان السبب فى موت والدته .. حتى طلب منه والده الحضور حتى يحضر الجلسة وربما يستطيع المحامى إثبات براءته … وتم بفضل الله .. وحصل على البراءة .. ولكن عين الشر ناظرة بحدة وغل .. لم يعجب المخبر فراج والمرشد السمسار الذين يغطيان على مصائبهم وأعمالهم القذرة فعادوا للذن فى أذن الضابط بأن ماندوا هو من تسبب فى سرقة كذا وحرق كذا وكثرة الزن على الأذان أكثر من السحر فقبض عليه من عند الحلاق .. وعاد وألبسه تهمة أخرى وقرر أن يراعى أسباب البراءة فى القضية السابقة فعرضه على النيابة ببنطلون واسع ذات جيوب واسعة وحز معه تليفون محمول بالإضافة إلى السلاح وأنواع المخدرات لكى لا يحصل على البراءة مرة أخرى … وفى هذه المرة وعندما سمع والده كلام المحامى الذى حضر معه العرض على النيابة جلس فى المسجد وركع مغشيا عليه وعندما حاول المصلين إفاقته وجدوا أنه مات … لم يعلم بموت أبيه إلا بعدما خرج وهذه المرة باعت أخته الحلق اليتيم الذى كانت تملكه عن والدتها وإستقبله أخيه محمود الصينى عند خروجه من القسم بعد دفع الكفالة بخبر موت أبيه … ليبكى بكاء شديدا ونظر خلفة المخبر فراج ومخبر آخر .. ولكنهم أسرعوا لداخل القسم ظنا منهم أنه سوف ينتقم لموت أبيه وأمه من قبل بسبب تلفيق القضايا مرة بعد مرة وكان وجدى بك خارجا من القسم ولاحظ جرى المخبران فصاح ولد يا فراج ولد يا خميس ليه بتجروا كده … خد تعالى هنا فرد عليه فرد خدمة باب القسم .. دول خايفين من ماندوا حينتقم منهم أكيد هما السبب فى موت أمه وأبيه … فنظر للباب ووجد ماندو يبكى وأخيه الأصغر يحاول أن يواسيه رغم بكائه .. وأخذه وصاروا عائدين لمنزلهم … فكر فى إمكانية تفكير ماندوا فى الإنتقام .. وسائل عنه بعد أسبوع فوجد أنه سافر للعمل … وبعد شهرونصف تقريبا .. عاد ليحضر الجلسة ومع رضا الله ورضا الوالدين حصل على براءة أيضا … وسافر مرة أخرى للعمل ولكنه لم يطيل الغيار وعاد إلى الاقصر ليلة عيد الفطر ليحضر أول عبد مع أخيه وأخته بعد وفاة الوالدين بسببه كما يقول المخبرين … وعاد فراج والسمسار ليدسوا السم فى العسل ويشوها صورته مرة أخرى فى نظر ضابط المباحث أو ضابط آخر فى المكتب .. وتم القبض عليه للمرة الثالثة من أمام منزله وهو يودع زوج عمته فى صباح يوم العيد … ومرة أخرى تم تلفيق قضية أخرى … سلاح ومخدرات وتحليل مضروب ليس ذلك فحسب بل كسرت رجله أثناء التحقيق لرفضه التوقيع على محضر لم سؤسأل فيه ولم يجاوب … ولكن حسبى الله ونعم الوكيل تنجى … ترك كل هذا وراءه وسافر دون عودة إلا سرا لحضور الجلسات ولكنه علم بأن الضابط محول للتحقيق فى قضية مقتل طفلان .. فأرسل إليه رسالة وقال لو غلبت فى حل القضية ابعتلى أجيلك تلبسهالى .. ولا انت مش حتغلب ممكن تاخد عامل نظافة وتغيرله هدومه وألبسه القضية وقلمين وشلوت حيمضى على محضر الإعتراف . .. اللى قتلت الأولاد مرات خالهم اللى مش بتخلف وأم العيال بتعايرها بالعقم … يلا الطيبات لله
وصدر قرار نقل الضابط فى موعده وأتى آخرون … جدد يصدقون المخبرين وليس عندهم مانع فى تبديل ثياب البراءة بثياب الإجرام
وبعد سنوات طويلة كان ماندوا عامل نظافة فى مول تجارى فى إحدى المدن الجديدة بجوار العاصمة الجديدة وحارث أمن ليلا … وذات ليلة سمع خطوات تقترب منه مسرعة ولكن خارج الزجاج … فى الشارع حاول ينظر ولم يستطع ولكنه صعد دورا أعلى ونظر منه فوجد فتاة فى عمر الستة عشر ربيعا ويجرى خلفها الكثير من الشبان … لم يعرف لماذا ولكنه وجد حبلا فربط فيه مجموعة عقد وألقاه لها وقال حطى رجلك فيه واوقفىى وأمسكى من فوق وأنا حشدك بسرعة … سمعت كلامه وشدها لأعلى وكادت رصاصات الغدر تصيبه وتصيبا ولكن ستر الله سابق وسحبها للداخل وأغلق الزجاج الذى أنهال عليه الرصاص … وأخذها لأأمن مكان فى الداخل وعاد ليرى كيف يمكن العصابة أن تدخل ولكنه لم يلاحظ أن رهف تحمل موبايل … أطلق عليه رجال العصابة كل رصاصاتهم كلما حاول النظر من مكان سبقته الرصاصات التى تنهال عليه وأحدثت فى وجهه أو جسده إصابة ولكن رهف إستطاتت أن تتحدث إلى أختها التى قامت بدورها فى سرعة ولهفة لزوج خالتها ضابط الأمن الوطنى … والذى أسرع بدوره فى الإتصال وجمع القوات الكافية لهزيمة جيش وليس عصابة … وتم ضبط ماندوا وعلاجه مثل أى مصاب من أفراد العصابة وحاولت الشرطة سؤاله عن زعيم العصابة ولصالح من بعمل …وعرف فى التحقيق ولم يكن قد إستطاع أن يستعيد وعيه فين رهف ؟ فين رهف ؟ لطمه على وجهه والدها وقال حقتلك لو كانت بنتى ماتت … فنظر فى وجهه وطلب من العسكرى شربة ماء … لم يشرب ولكنه غسل وجهه ونظر وقال ياه الباشا … الدنيا ضيقة خالص … قال أنت مين أنا معرفكش ؟
فرد عليه تجعلنى قتلت بنتك زى ما قتلت أبويا وأمى وشردت إخواتى … لا أنا أحسن منك … أنا مؤمن بحسبى الله ونعم الوكيل .. عاد ولكنه مرة أخرى .. فأمسك يده وقال خلى الحساب بعدين تعالى نلحق بنتك أحسن تتخنق فى البرميل … أمسك اللواء فى رقبته وخنقه فأزاح يديه وصده مبعدا جسده عنه وقال يلا بينا أنا حارث مش تبع العصابة بنتك حتموت لو تأخرنا .. وحاول القيام إلا إنه تألم ألما شديدا فصرخ الطبيب الحركة خطر كبير عليك دلوقتى … سكت اللواء ولم يتحدث … يتحدث ولكن عبدالرحمن ماندو المصرى صرخ قائلا …لا البنت حتموت ومحدش يعرف مكانها غيرى حتى لو وقف فوقها … وأمام تصميمه أضطر الطبيب للموافقة بشرط ذهابه بسيارة الإسعاف بصحبة الطاقم الطبي … وذهب الجميع مرة أخرى وساعد اللواء المنقذ ليكشف لهم عن مكان رهف التى وجدوها نائمة فى عالم آخر … وقد شربت ماءه وأكلت طعامه وتدثرت بغطائه وكأنها فى ضيافته … فرح الجميع بسلامتها وعاد ماندوا إلى المشفى ليكمل علاجه مع تشديد الحراسة عليه
وعاد اللواء الأب مسرورا بسلامة إبنته … ولكنه أصبح فى ذهول لماذا ينقذ إبنتى وقد تسببت فى مقتل أمه وأبيه … ومن هو هذا الشاب وأين إلتقيته ورأيته … شكله مش غريب على أبدا ولكنى لا أتذكره .. واتصل بالضابط المكلف بحراسة ماندو ليطمئن عليه ويؤكد عليه الحفاظ على الولد خوفا من محاولة العصابة قتله والتخلص من الشاهد …
وعند أول خيط من خيوط الصباح ذهب يطمئن عليه ويعرف من هو وما دخله فى موت والديه …وجد ماندوا بخير وفى حال أحسن لكن الطبيب رفض مقابلته إلا من خلف الزجاج لعدم تعريضه لأى صدمة قد تسئ حالته … وفوجئ برهف أبنته الصغرى تقف خلفه وقد جاءت لتطمئن على منفذها …
البقية ….
طارق موسى الحمامصى
٠١٠٠٣٦٥٣٢٣١

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى