لصوص الوقت
عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون
مدرب وناشط اجتماعي
كيف يقضي الواحد منا حياته، وكيف يوزع أوقاته، وما هو أثر من حولنا علينا، وما مدى سطوتهم على خصوصياتنا حين (يسرقوا) منا ساعتين كي نرافقهم في قضاء حاجة ليس لوجودنا معهم فيها داع، أو أن يطلب منك زميلك في العمل إنجاز بعض واجباته كي يسترخي هو ويستطيل في قضاء حاجاته بتمهل معتبرا ذلك (تعاون) ومعتبره أنت (فزعة) وهو إهدار لوقتك وطاقتك.
بالطبع لا أدعو هنا إلى أن لا نتعاون ولكن لا يكن ذلك مدعاة إلى التمادي والاستخفاف والاتكالية من جهته والتفريط من جهتي، فالبعض كلما لبيت لهم مطالبهم كلما اتسعت دائرتها حتى تصل إلى درجة أن تكتشف أنك لا تمتلك وقتك، فكم من الأصحاب مثلا يلح عليك كي تحضر إلى الاستراحة ليليا وتترك أهلك ومشاغلك ليتسامر معك ولتملأ وقته بالتسلية وتبعد عنه (الزهق) و (الطفش) متخذك لذلك سلما، حتى وإن علم أنك ستؤجل أعمالك وتلغي ارتباطاتك وتزيد مشاكلك، وبالتأكيد سيحثك على ذلك ويعبد لك طريق المبررات و (لاحق خير) و أن (الدنيا ما هي بطايرة).
والمسلم يهب لمساعدة إخوانه وتفريج كربهم، مندفعا من ذاته أو استجابة لنداءاتهم في طلب المعونة، إلا أن هذا يجب ألا يكون على حساب خططنا وأولوياتنا، خاصة إن كان ذلك يعين على زيادة كسل وإهمال المقابل، وقد نضحي ونبذل الجهد ولكن بما لا يؤدي بنا إلى فقد زمام الأمور، فلنحافظ على أوقاتنا وعدم إهدارها، تماما كما نحافظ على ممتلكاتنا وأموالنا مع علمنا أن أوقاتنا أثمن بكثير مما عداها.
إذا كان رأس المال عمرك فاحترز
عليه من الإنفاق في غير واجب
لنتعلم كيف نقول (لا) للصوص الوقت ممن يحاولون السطو على مجهوداتنا وأوقاتنا وتجاوز أسوار خصوصياتنا، نعم لنعط الأصدقاء والمعارف فهذا من آدابنا وشيمنا، ولكن بالمقدار الذي لا يتعارض مع ضرورياتنا وحقوق واجبة علينا، وأهداف نسعى لتحقيقها.
وكما نطالب الآخرين باحترام وقتنا، فلنحرص كذلك على عدم إضاعة أوقاتهم بضرب المواعيد لهم ثم عدم الحضور بالكلية دون اعتذار مسبق، أو الحضور متأخرين، وكأن شيئا لم يكن، فإن كنا نجهل قيمة وقتنا ونسترخصه، فقيمة أوقات غيرنا غالية.