الحياة كما يجب أن تكون

الحلقة الاولى من روايات الكاتب سعيد عمر

 

تأليف: سعيد عمر

بتاريخ: أكتوبر 2022

ماذا لو كان ايجاد شغفك يستغرق دقائق، لا أعواماً! “الحياة كما يجب أن تكون ” هي اولى قصصي القصيرة، والتي تستعين بالخيال، في محاولة لإيجاد حل جذري لواحدة من أكبر أزماتنا الوجودية، وبقالب غير مألوف.
ماذا لو أتتك رسالة وانت تصارع الموت يقول نصها: إيجاد هويتك الحقيقية هي السبيل لنجاتك! هل ستتجاهلها! ماذا فعل آدم عند مواجهته أغرب معضلة!
آدم، محلل البيانات المصرفية المتمرس، يحضر اجتماع عمل بالمصرف الذي يعمل به منذ أكثر من ثلاثة عقود. الاجتماع يقترب حسمه كالعادة لصاحب الصوت الاعلى. وفي غمرة احتدام صراعات النفوذ بين ذوي أربطة العنق، يشعر آدم فجأة بألم لا يحتمل في صدره، ثم يسقط مغشياً عليه!
بعد نقله للمستشفى، واستقرار حالته نسبياً، يقوم أحد الأطباء بالاقتراب منه، وقبل ان ينطق الطبيب بكلمة واحدة، فأن قسمات وجهه تنذر بكارثة. يلح آدم عليه أن يصدر حكمه النهائي دون مواربة، فيخبره الطبيب أنه سيفارق الحياة بعد شهر واحد! ودون وجود علاج لقلبه المنهك! يحاول آدم يائساً التحايل على قدره، عبر اجراء فحوصات عدة وعلى يد أطباء مهرة، لكنه يصل لنفس النتيجة، أن انفاسه باتت معدودة.
يستقيل آدم من عمله نظرا لحالته الصحية. واثناء حفل وداع مهنته، تصله رسالة غامضة على هاتفه من رقم مجهول: إيجاد هويتك الحقيقية هي السبيل لنجاتك! ينفعل آدم معتقداً انها مزحة رعناء من أحد الزملاء الذين يقفون امامه في تلك اللحظة، فيترك الحفل ويخرج من مبنى المصرف مسرعاً دون تبرير تصرفه. يعود آدم في تلك الليلة لرسالته التي تورقه كلماتها وتدفعه للبحث عن تفسير أكثر جدية، لكن دون جدوى.
بعد أيام، يستقبل آدم مكالمة آلية، ومن رقم مجهول ايضاَ: السيد آدم، يمكنك زيارتنا غداً في الثانية مساء لمعلومات تفصيلية عن “تجربة الهوية الحقيقية “. يبحث آدم عن تفاصيل العنوان المذكور بالرسالة، فيجد انه يعود لمركز نفسي متخصص، تديره (د. ساره)، الطبيبة النفسية ذائعة الصيت. فتنتابه نوبة انفعال أخرى، لأن المكالمة بدت منذ الوهلة الأولى أنها حيلة مالية تستهدف من اوشكوا على مفارقة الحياة، ودون أدنى قدرة من المروءة. لا يستطيع التريث ليوم الغد، ولا يفكر بتبليغ السلطات لمعرفة حقيقة هذا الأمر المريب، بل يتجه لمقرهم على الفور، عازماً على أقل تقدير، استخدام مخزونه اللغوي من عبارات السب والقذف.
يدخل آدم المركز النفسي هائجاً، وتفشل جميع المحاولات لتهدئته، حتى يصل لعيادة الطبيبة ساره، التي تؤكد له أن الامر ليس كما يعتقد، ثم تحاول اخماد غضبه عبر تساؤل تعرف بحكم خبرتها الطويلة مدى تأثيره: سيد آدم، لقد قضيت ثلاثة عقود تعمل فيما تتقنه، لاما تحبه، حتى أصبحت النبضات المتبقية لقلبك معدودة. ماذا لو اتبعت شغفك لما تبقى من أيامك، وأدى ذلك لاستعادة عافية قلبك، الن يكون ذلك امر عظيما! دعني اوضح ال…
يقاطعها آدم: فلتصمتي! الموت حقيقة ابلغ من كل أوهامنا. كيف ستقومين بما عجز عنه اطباء القلب! ماذا لو أخبرتك ان شغف حياتي هو لعب كرة القدم. هل سأبدأ مسيرتي الاحترافية بقلب معتل وانا في الرابعة والخمسين من عمري!
ترد الطبيبة بنبرة هادئة: امهلني قليلاً لكي اشرح لك الامر. قبل عدة أعوام بدأت بمعالجة أحد أقطاب المال والأعمال، والذي كان يمر بحالة اكتئاب حادة، نابعة من احساسه المزمن بفقدان الرغبة بكل ما يفعل، رغم كل ما يملك. وطلب مني ان أجد له حلا بأسرع وقت. اخبرته ان علاج حالته يتطلب وقتا ليس بالقصير، ودون نتائج مضمونة. أعاد صياغة طلبه قائلاً: ماهي الموارد التي تحتاجينها لإيجاد الهوية الحقيقية للفرد، وفي دقائق معدودة! ذلك السؤال أدى لثورة لم تكن في الحسبان، وبدا بديهياً أن يمول رجل الأعمال ذاته جميع مراحلها.
الطبيبة: الثورة التي اتحدث عنها تسمى “تجربة الهوية الحقيقية”، وتتم عبر الاستلقاء داخل جهاز صمم خصيصاً لهذه التجربة، مشابه في شكله وآلية عمله لجهاز الرنين المغناطيسي، حيث انه وعوضا عن اكتشاف ما يحدث داخل جسدك -كما يفعل الرنين – فإن الجهاز الخاص بتجربتنا يقوم باكتشاف هويتك الحقيقية لكي يرشدك لما يجب أن تكرس مسيرتك المهنية من أجله!
آدم: مازلت لا أفهم، ماذا سأجني من تجربتك هذه وقد أوشكت على الانتقال لعالم آخر!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى