رابطة الجامعات الإسلامية تحتفل باليوم العالمي للغة العربية

 

القاهرة – الآن
حرص العالم الكبير معالي الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية أ.د. أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر الأسبق على احياء ذكرى اليوبيل والاحتفال السنوي بيوم اللغة العربية.

 

وقال العالم الجليل في كلمة تم بثها على منتسبي 200 جامعة عالمية ووزارات وهيئات دينية..
الحمد لله رب العالمين الذي أنزل على نبينا القرآن الكريم بلسان عربي مبين ليكون هديا إلهيا إلى يوم الدين.
ولتبقى هذه اللغة العربية محفوظة بحفظ الله لها، لغة الذكر الحكيم {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ}، وهي اللغة التي يحتفل بها العالم سنويا منذ عام 1973م عام الانتصار العظيم الذي أكد قوة الأمة وعزة لغتها، فهي أقدم اللغات وأكثرها تبيانا وفصاحة، بل هي لغة الحضارة الإسلامية الوارفة الظلال عبر كل العصور.
إن من أمجاد هذه اللغة أنها استوعبت التراث الإنساني كله والحضارات القديمة فترجمتها إلى اللغة العربية، ومن ثم أقام علماء العرب على أساسها وبإبداعاتهم حضارتنا العربية الإسلامية التي أضاءت جنبات العالم كله عدة قرون، والتي قال عنها الفيلسوف الفرنسي جوستاف لوبون: (لولا الحضارة الإسلامية لتأخر ظهور الحضارة المعاصرة عدة قرون).
إن لغتنا العربية من قبل ذلك ومن بعده يكفيها شرفا ومكانة أن اختارها الله سبحانه وتعالى من بين لغات الأرض لتكون لغة قرآنه الكريم وهديه للبشرية جمعاء إلى يوم الدين.
الأخوة العلماء الكرام الحاضرون جميعا لا أخفي عليكم أننا في رابطة الجامعات الإسلامية ننتظر قدوم يومنا هذا 18 ديسمبر بشوق واعتزاز، ذلك أنه اليوم العالمي الذي اختارته الأمم المتحدة ليكون يوما عالميا للغة العربية، فنحن الآن نشارك العالم احتفاله بلغتنا العربية الشريفة الغالية على قلوبنا جميعا، ونحمد الله سبحانه وتعالى أننا نفهمها ونتحدثها ونعلم ونتعلم بها في يسر وسهولة وقبل ذلك وبعده فنحن نؤدي شعائرنا الدينية بها واعين لما نتعبد به فاهمين له، وهذه آية ونعمة وفضل من الله كبير ربما لا نحسه إلا إذا عرفنا أن الشعوب الإسلامية غير العربية تؤدي شعائرها باللغة العربية كالتزام ديني إسلامي ربما دون فهم دقيق أو استيعاب للمعنى، وقد لاحظت ذلك في كثير من البلاد الإسلامية التي لا تنطق العربية كلغة أصلية.
أما سر ترقبي لقدوم هذا اليوم العالمي للغة العربية فهو لأننا في رابطة الجامعات الإسلامية نحرص كل الحرص على أن نولي قضية اللغة جل اهتمامنا ونحس إيمانيا بأهمية نهضتها والحفاظ عليها ودرء الأخطار المحدقة بها ونعمل جادين من خلال لجنة النهوض باللغة العربية في الرابطة والتي تضم ثلة من علماء العربية وخبرائها للدراسة والبحث في واقع اللغة العربية وأسباب ترديها وعوامل نهضتها والتمكين لها واقتراح الخطط والبرامج المحققة لذلك.
ومن البدهي أن عمل اللجنة ليس قاصرا على النهوض باللغة العربية على مستوى مصر وحدها أو المنطقة العربية خاصة، بل إن الرابطة تشعر بمسئوليتها تجاه اللغة العربية في الأقطار التي توجد بها جامعات إسلامية أعضاء الرابطة وهذه الجامعات تزيد على المائتي جامعة في مختلف القارات ونقول هل من مزيد.

السادة الأكارم:
مما يسعدني هذا العام أننا في رابطة الجامعات الإسلامية وفقنا الله لإصدار مؤلف جديد بعنوان حماية اللغة العربية الوسائل والطرائق، توافر على تأليفه أعضاء لجنة اللغة العربية بالرابطة، فصدر الكتاب في محتوى ثوب قشيب وعلمي متميز، ونحن بدورنا نقترح على كليات اللغة العربية في جمهورية مصر العربية خاصة وفي الجامعات الإسلامية الأعضاء مدارسته والاستفادة من مادته العلمية في تثقيف المهتمين باللغة العربية ومحاولة تطبيق المقترحات الواردة به.
كما أننا في نفس الوقت نُرحب بكل ما يصل إلى الرابطة من تعليقات وملاحظات يمكن الاستفادة منها في إثراء المادة العلمية والمقترحات القابلة للتطبيق حتى نؤدي بذلك أقل القليل الواجب علينا نحو هذه اللغة الشريفة التي نتحمل مسئولية النهوض بها والحفاظ عليها.
كما أننا من منطلق مسئولياتنا في رابطة الجامعات الإسلامية ندعو الجامعات أعضاء الرابطة إلى مزيد من التأليف وإبداء الآراء واستحداث الأفكار التي تكفل تحقيق الغاية التي نستهدفها جميعا لنُقيل لغتنا العربية من عثراتها القائمة ولتأخذ مكانها كأقوى خيط في نسيج الأمة الإسلامية.
السيدات والسادة:
وأني في هذه المناسبة أقترح إنشاء جائزة سنوية تعلن نتائجها في مثل هذا اليوم العالمي للغة العربية وتكون الجائزة لأفضل بحث علمي يحقق أفضل النتائج العملية في إثراء الخطط والبرامج والمناهج التي يمكن الأخذ بها لتحقيق نهضة حقيقية للغتنا العربية.
فهذه دعوة للعلماء والباحثين والغيورين على اللغة العربية ليشحذوا هممهم لإنجاز هذا العمل العلمي الذي ينفع الناس ويمكث في الأرض ويحقق للغتنا المكانة التي تستحقها باعتبارها لغة عالمية بل لغة حضارة علمت العالم علما وفكرا وأدبا وفنا لعدة قرون.
أما في جمهورية مصر العربية فإننا نهدي كتاب الرابطة لكليات اللغة العربية وأقسامها بالجامعات المصرية للاستفادة من مادته ومدارسة الخطط التي يقترحها المؤلفون ويبسطونها لطلابهم حتى يتكون لدينا مساحة علمية واسعة حول قضايا اللغة العربية التي يجب أن نحشذ لها جهودنا العلمية وعزائمنا الواعية لإنقاذ لغتنا العربية لغة الهدى الإلهي من التردي الذي نلحظه جميعا في الصحافة وفي أجهزة الإعلام وفي الإعلانات التي تحولت عن الحرف العربي إلى الحروف الانجليزية دونما نسوغ لهذا وإنما هو إفراط في استعمال لغة غير عربية وتفريط في واجبنا القومي الذي يفرض علينا التمسك بلغتنا العربية باعتبارها أهم معلم من معالم هويتنا العربية الإسلامية.
السيادات والسادة:
إننا نود بهذه المناسبة العالمية، والرابطة كما تعلمون مؤسسة دولية، أن نؤكد على أهمية تحقيق التفاعل وتأكيد التنسيق بين أنشطة الجامعات الإسلامية لمناقشة كل القضايا التي تهم عالمنا الإسلامي، فالرابطة تعد بيت الخبرة للجامعات الإسلامية، ولذلك فنحن ندعو الجامعات الأعضاء إلى مزيد من التفاعل مع الرابطة وهو ما يحقق نتائج إيجابية مثمرة للعمل الجامعي الإسلامي النافع للأمة.
وأشير هنا على سبيل المثال إلى التفاعل الذي تم مؤخرا بين الرابطة وبين الجامعة الإسلامية السنية في الهند، حيث تم عقد مؤتمر دولي للمناخ شارك فيه أكثر من ممثلي أربعين جامعة وكلية من الشرق والغرب، مما أسفر عن تلاقي العلماء وتلاقح الأفكار والخروج بنتائج علمية ودراسات قيمة تؤكد على دور العلماء في التصدي للقضايا المجتمعية ومحاولة وضع الحلول العلمية والخطط اللازمة لمواجهتها، كذلك شاركت الرابطة مع جامعة السويس في مؤتمر علمي حول التحول الرقمي والقادم يأتي بإذن الله.
وأخيرا لم يبق إلا أن أشكر جامعة الأزهر الشريف التي نؤكد دائما انتماءنا العلمي لها، والشكر لكلية اللغة العربية وعميدها المفضال أ.د صلاح عاشور على حسن الاستقبال وكرم الضيافة ودقة الترتيب.
ومن قبل ومن بعد أشكر لجنة اللغة العربية بالرابطة وعلى رأسها العالم الجهبذ الأستاذ الدكتور إبراهيم الهدهد وسائر أعضاء اللجنة على جهودهم الساعية دائما لنهضة اللغة العربية والارتقاء بها.
كل عام أنتم بخير أو كل عام وأنتم بخير، كلاهما صواب كما أفتى بذلك المجمع اللغوي بالقاهرة مؤخرا.
خالص التحية والتقدير لكم جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أ.د. أسامة العبد
الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية
رئيس جامعة الأزهر الأسبق
وكيل لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى