الباحث الجزائري الدكتور صوفيان لشهب يحاضر حول الشعر الشعبي الجزائري و دوره في التأريخ للثورة التحريرية
بالملتقى العربي السابع للأدب الشعبي من تنظيم الجمعية الجزائرية للادب الشعبي
محمد غاني _ الآن
قدم الدكتور صوفيان لشهب خلال الملتقى العربي للأدب الشعبي الذي احتصنت فعالياته المكتبة الوطنية الجزائرية الحامة بالجزائر العاصمة من تنظيم الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي تحت رئاسة رئيس الجمعية محافظ الملتقى الشاعر الزجال توفيق ومان قدم محاضرة وصفت بالقيمة و الهامة حول دور الشعر الجزائري في التاريخ للثورة التحريرة الكبرى حيث تطرق باسهاب لهذا الدور باعتبار أن الشعر الشعبي من أقدم الفنون الأدبية التي وصفت التاريخ الجزائري فقد سعى الشاعر الشعبي الى تصوير مختلف الأحداث التاريخية السياسية و الاجتماعية و حتى الثقافية التي مرت بها الجزائر وذلك بالنظر للأهمية التي حملتها كل مرحلة و محطة تاريخية فقد كان لاحتلال الجزائر سنة1830 تبعات مهدت لقيام ثورات و مقاومات شعبية متتالية و أولا التفرق الذي ساد هذه المقاومات زمانيا و مكانيا لما تمكنت فرنسا من تجاوز سيدي فرح بالجزائر
أن التحضير للثورة التحريرة سنة 1954 فكرة ايقنها الشعب الجزائري المناضل و الحر بعدما فشلت الثورات المتفرقة و العمل الدبلوماسي المتفاوت في الافكار و الرؤى بين الإندماج و الحرية فكان نوفمبر شهرا لإثبات الوجود و نقطة تحول في تاريخ الجزائر و ابرز محطة تاريخية أسست لقيام الدولة الجزائرية باطلاق شرارة الحرب و فعلا انها محطات تاريخية مؤلمة تكون في كيان اي جزائري و لا سيما تلك الصور الأليمة التى نراها في ذاكرة التلفزيون الذي يصور بشاعة الجرائم التي ارتكبها الاستعمار الفرنسي غير ان هذا الكلام ينوه لمحطات و أحداث عرفتها الجزائر في الماضي عاشها أباؤنا و اجدادنا و ينبغي أن نستذكرها للاجيال القادمة التي تعيش بسلام بفضل تضحيات الاولين الذين أرخوا و صوروا هذه الأحداث في قوالب شعرية و نثرية و لا سيما الشعر الشعبي الذي كان يرافق المجاهدين او الروائيين الذين كانوا ينقلون الواقع الاجتماعي في قالب روائي لكن السؤال المطروح ها هنا كيف استطاع الشاعر الشعبي ان ينقل الواقع العام ما بين 1954 و1962 لمن طبيعة التاريخ الثوري و ما هي هيكلية هذا التاريخ و ما دور الشعر الوطني و أبعاده في التأريخ للأحداث الثورية ؟
يتميز الشعر الشعبي الثوري الجزائري على الخصوص بمجموعة من الخصائص التي من بينها ذلك للتشابه الذي ولدته الظروف التاريخية و هي التيارات البربرية و العربية و الفرنسية و بالرغم من أن الزمن تدفق مجراه الذي لا ينقطع لم يحصل بين ثقافة و اخرى بحاجز لا سبيل الى اختراقه و التمسنا في ا الوقت نفسه التيارات الثلاث : لقاء الصراع و التفاعل و الإندماج و اثمرت قصيدة شعبية جزائرية متداخلة الاطراف و متداخلة الأنماط الا أن هذا راجع اى التاثير الكبير الذي حملته الظروف الثقافية و كذلك تصويره الواقع ما جعل هذه العناصر تتوحد فيما بينها لتشكل عناصر اللغة و الفكر و البيئة و التاريخ و الانسان في صورة شديد ة التعقيد و القراءة و هي صورة الأدب الجزائري المعاصر الذي تتحدد منابعه و اصوله و جذوره ولكنها تعود و تلاقى ضمن تيار اشمل من كل تيارات المجتمع هو تيار الثورة الجزائرية العارمة فهذه الثورة هي البوتقة التي اصهرت خلالها الروح و تظهر في اتونها الوجدان و بدمائهاالفكر و اقبلت الرواية الجزائرية غداة الحرب العالمية الثانية تحمل في تضاعيفها هذا التاريخ المليء بالصراع و تشارك ايضا في ترجيح كفة الانسان و ان نطق بين صفحاتها بلغة الاعداء حيث يصور الشاعر يحي حدوشي في ديوانه قال الشهيد العلاقة بين الأنا الحزائري و الاخر الفرنسي اللذين جمعتهما علاقة صراع منذ سنة 1830 الى غاية 1962 غير ان الفترة بين 1954 و 1962 كانت فترة مليئة بالصراعات العسكرية
قال الشاعر “يحكيو على العساس يضرب للكبدة ،،، طيح من اليهود قداه من خنزير. ،،، تكلمت البارود كشغل الرعد ،،، بقى ربي سترة على جيش التحرير ،،،، “
و لعل هذا ما جعل من الشاعر الشعبي يتخذ من الثورة الجزائرية مرجعية حتمية ينطلق منها متنهاه السردي خاصة في السنوات اللاحقة التي اعقبت الحرب اذ يتخذون موضوع الثورة في اشعارهم كدليل التعبير عن وعي الذات و من جهة أخرى لتاكيد أن الثورة الجزائرية نتيجة تازم العلاقة بين الأنا الجزائري المستغلة و الأنا الاخر الفرنسي المستغلة لتلك الأنا من خلال فرضه لاجراءات مست الهوية الوطنية و ثانيا وعي الذات الجزائرية و صوت الاخر الفرنسي حيث رافق الشعر الشعبي مختلف التحواات الاجتماعية و الثقافية التي شهدتها الجزائر و هو الذي وضع بصمته في الارياف و المدن الواسعة و الثريةب باثارها و طبيعتها و قد ابدع الشعراء في قراءة ذات العلاقة بالقضايا الثقافية المحلية محافظين بذلك على تاريخ المنطقة برمتها و قد لعب هذا الفن الدور الموجه للناس بقضياهم الوطنية و الاجتماعية و الدينية خصوصا حينما كان الشعب متعرضا المشكلة الأمية و نقص الوعي اللذين خلفهما الاستعمار الفرنسي أحاول الشعراء توجيه الناس الى هذه القضايا وثالثا تخليد المجاهدين و الشهداء حيث ظل الشاعر الشعبي في مختلف المقاومات الشعبية في لالجزائر يتغنى بالأبطال و النتصارات و يتجاوب مع الأحداث الكبرى التي امر بها البلاد فكان يشارع الى تسجيلها و تخليدها كمقاومة الامير عبد القادر و غيرها اما بعد أحداث 08 ماي 1945 و الثورة التحريرة الكبرى فقد ذهب الشاعر لتخليد أسماء الشهداء و المجاهدين و معاركهم يشير الشعراء في قصائدهم الى الشخصيات الثورية كالعربي بن مهيدي و غيرها فقد كان الشعر الشعبي في كثير من الأحيان مصاحبا للنضال الثوري اما بعد الاستقلال لان الشاعر وجد نفسه مطالبا بشرة اعطاء الثورة وجهها البنائي باستحضار المعارك التي لم يشارك بها ضد الاستعمار الفرنسي ما أسس لنوع شعري مرتبكط بالثورة مثل قول الشاعر عبد القادر صيدون يحارب و ارحم الشهدا الأبرار ،،،و تجعل مقامهم في الرضوانية ،، لقد اصبحت الثورة التحريرة مرجعية يعتمد عليها الشاعر في كتاباته اما الأغنية الشعبية فقد صورت محطات من الكفاح الثوري و التي كان يتغنى بها المجاهدون مثل جاي انا من عين مليلة ،،، سبع أيام على رجلينا ،، و الأغنية الشعبية لا تختلف عن الشعر الشعبي و خامسا الذاكرة و اعادة الشعور حيث ان الشاعر الشعبي ساهم في صناعة الماضي و الحاضر و المستقبل و هو في نفس الوقت اعاد احياء الماضي من خلال التاريخ و اعادة التذكير .
و في الختام ذكر المحاضر أن الثورة احدثت و ما طرا عليها من تغيرات شرحا عميقا في نفوس الجزائريين الذين وجدوا أنفسهم حائرين في كيفية التعامل معها و المتأمل في نصوص هذه المرحلة يجده أن الانتماء القومي كان حقا عاملا مهما في الانحياز الى الثورة و التعبير عن هذا الموقف لم يكن يتم في اغلب الأحيان من منطلق إديولوجي محدد و لكن من واقع معيش لوضعية مفروضة لاعتبارات أي الكتاب و الابطال على السواء أفراد ينتمون عرقيا و ثقافيا الى المجموعة السكانية الكبيرة المسلمة