لهفة البداية

 

بقلم : عبهر نادي – المدينة المنورة

طاقةٌ تكمن داخلنا.. نوظفها لتحقيق هدفٍ ما ، نبدأها بلهفةٍ قوية تصحبها رغبة شديدة سرعان ما تتلاشى ونعود لنقطة الصفر كما بدأنا .
يتكرر ذلك الأمر كثيراً وفي مواقف مختلفة مع أُناسٍ كثيرون .. نرى ملامح ذلك في بداية علاقة إنسانية أو اجتماعية حديثة تتجلى بوضوح في أول لقاء ، أو أول رحلة للتعرف على مكانٍ جديد ، وفي أول نجاح عمل أيضاً .
هي ( لهفة البداية ) التي يصاحبها دائماً شعورٌ بإعجابٍ واستحسان مرتبط بمشاعر وأفكار إيجابية تجعلنا نرى الطريق أمامنا بضبابية تُخفي خلفها طريقاً طويل نحتاج أن نتزود فيه بالثبات لنبلغ نهايته فالبدايات دائماً تكون جميلة وبمرور الوقت تصبح فاترة بسبب الإعتياد عليها أو مواقف الخذلان فيها !

لماذا يحدث ذلك ؟

ظاهرة تراجع تلك اللهفة وحماسها وإختفاء وميضها المصاحب لنقطة البداية والتي غالباً مايشعر صاحبها بالملل والصعوبة وعدم القدرة على آداء أو اكمال مايصبو إليه يتبعها بالتدريج تراجع قوي لا نستطيع تفسيره ،فعلى سبيل المثال حين ننظر لذلك المبدع وهو ينطلق بشغفٍ وبأقصى عزمه في بداية عمله وفجأة بعد برهة يتوقف عن إكماله …هل هو ياترى فقد الفكرة ؟ أم وهج الحماس ؟ أم لأنه استنزف كل طاقته من البداية وقبل إتمام العمل بدون تدرجٍ أو توزيع فشعر تلقائياً بالجهد والتعب الذي افقده الحماس ، أو لأن بعض الأهداف لدى آخرون كانت طويلة المدى فصعُب عليهم سرعة تحقيقها وجني ثمار جهدهم في بداية مراحلها مما ولَّد عند بعضهم طاقة سلبية جعلتهم يشعرون بالفشل وبالتالي التوقف عن أي محاولة أخرى.
هناك أسبابٌ متنوعة وكثيرة تطرأ على الذهن وقد تكون غابت عنا .. ولكننا يجب أن نعي تماماً أن تحقيق هدف ما والوصول إليه يعني فعل شيء مختلف والإستعداد للتغيير !
ربما تكمن المشكلة في أننا لا نفهم دائماً ذلك بالمعنى الصحيح فلا نتعامل معه بخطة واقعية ومستمرة للوصول إلى نتيجة .
لابد أولاً من تقبلنا لصعوبة ذلك التغيير وتحويله إلى عادةً أو جزء أساسي من يومنا نفعله دون الشعور بالتعب أو الضغط على أنفسنا مُحاوليين البحث عما يجدد حماسنا أثناء ذلك .
وقد نحتاج أحياناً أن تكون لدينا المرونة الكافية لتغيير الخطط وتحويل الأهداف أو إعادة صياغتها بشكلٍ آخر كأحد الحلول ، مانود فعله يتطلب منا التحلي بالصبر مع المواظبة والإستمرارية وما أجمل استخدام أسلوب المنافسة حينها ..
ولنتذكر دائماً أن جمال البدايات وروعتها يكمن بسبب شعورنا بالتغيير الذي سرعان ماينتهي وما يبقى معنا لإكمال الطريق هو قوة إرادتنا في الإستمرار ، وأن البداية الحقيقية تكون عند إنتهاء الحماس .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى