بروفايل : الشهيد الجيلالي بونعامة من أبطال الثورة التحريرية الجزائرية المجيدة قائد الولاية الرابعة التاريخية
بقلم : محمد غاني _ الآن
المولد_والنشأة:
ولد الشهيد الجيلالي بونعامة المعروف باسم سي محمد يوم 16 أفريل 1926 في قلب الونشريس بدوار بني هندل قرية موليار التي حملت اسمه بعد الاستقلال (بلدية برج بونعامة ولاية تيسمسيلت) ينتمي إلى أسرة ميسورة الحال ، التحق بالمدرسة الابتدائية بمسقط رأسه وطرد منها في سن مبكرة في جويلية 1939 (مستوى السنة السادسة ابتدائي)، ليعمل بمنجم بوقايد نتيجة للظروف القاسية التي كانت تعيشها أسرته ، اضطر إلى أداء الخدمة العسكرية الإجبارية بالهند الصينية سنة 1944 ضمن فرقة القناصة قبل تسريحه بسبب مرض رئوي ليعود ثانية إلى عمله بالمنجم وهو مهيأ للعمل السياسي والعسكري .
نضاله_السياسي:
انخرط في صفوف نقابة المنجميين ثم في حركة انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1946 ليصبح بعد ذلك ممثلا للحركة في كل الناحية ، ثم اختير عضوا في صفوف المنظمة الخاصة ( OS )، وأثناء فترة انتخاب النواب للمجلس الوطني الفرنسي سنة 1948 نظم مظاهرة مناهضة فالقي عليه القبض وحكم عليه بالسجن لمدة 06 أشهر.
وفي سنة 1951 نظم إضرابا للعمال المنجميين ببوقايد دام 05 أشهر وكان له صدى كبيرا حتى في فرنسا نـفسها ، حضر فعاليات مؤتمر هورنو ببلجيكا للمصاليين في جويلية 1954 وبعد عودته باشر في التحضير لاندلاع الثورة التحريرية بمنطقة الونشريس والشلف رفقة الشهيد أحمد عليليي المدعو سي البغدادي تحت إشراف الشهيد سويداني بوجمعة .
اعتقــــــــــــــــــاله:
وفي 06 نوفمبر 1954 سارعت القوات الفرنسية بعد تعرفها على تحركاته المكثفة إلى اعتقاله وتدمير منزله والتحق أبواه عبد القادر ورتيعات خيرة بالجبال هربا من القمع الاستعماري، سجن بالجزائر العاصمة ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية بوهران في نوفمبر 1955.
التحاقه_بالثورة_التحريرية:
إثر تمكنه من الفرار إلى الشلف ومنها التحق بصفوف جيش التحرير الوطني بجبل بيسا (تنس) حيث فرض وجوده بسرعة ، وبفضل حيويته ونشاطه تمكن في مدة قصيرة رفقة سي البغدادي من جعل جبال الونشريس معقلا للثورة التحريرية، كما تميز بصفاء الذهن في الفترات العصيبة وروح التدبير .
رقي سي محمد بعد مؤتمر الصومام إلى رتبة ملازم عسكري وعين عضوا في مجلس المنطقة الثالثة بالولاية الرابعة ، فكوّن وحدات قتالية محنكة لمهاجمة الوحدات الفرنسية ، كما كوّن أفواجا من الفدائيين والمسبلين ملقنا جنود وضباط العدو الفرنسي دروسا رائعة في القتال والتكتيك الحربي ملحقا بهم الخسائر والهزائم التي لا تنسى.
سي محمد قائدا للمنطقة الثالثة: في صيف 1957 عين سي محمد قائدا للمنطقة الثالثة التي كانت تشمل وادي الشلف، جبال الونشريس والظهرة وزكار وجزء من سهل سرسو ، وبفضل براعة تنظيمه السياسي والعسكري والاجتماعي أصبحت هذه المنــــطقة محرمة على العدو الذي اكتفى بقنبلتها جــــــوا.
خطط لكثير من العمليات العسكرية وشارك في تنفيذها منها إبادة وحدة آليات قرب ناربو،إبادة كتيبة فرسان شمال شرق ثنية الحد وأسر قائدها، عملية لامارتين وأسر 30 جنديا… وكان يقود فيلق العمليات بالونشريس بنفسه حيث نصب كمينا لقافلة على الطريق الرابط بين الأصنام – موليار ، أسقطت خلاله طائرتان، كما تمكن من تنظيم عملية فرار جماعية لعناصر بلحاج وإلحاقهم بصفوف جيش التحرير الوطني والقضاء على قائدهم كوبيس في افريل 1958 .
سي محمد قائدا للولاية الرابعة: عين سي محمد عضوا بمجلس الولاية الرابعة سنة 1958 كرائد عسكري إلى جانب العقيد سي امحمد بوقرة قائد الولاية وباستشهاد هذا الأخير رفقة سي صالح تسيير شؤون الولاية سياسيا وعسكريا وخلال هذه الفترة تمكن سي محمد من إحباط ما يسمى بقضية الإليزي (10/06/1960) بمشاركة قادة المناطق وعلى إثر ذلك تولى قيادة الولاية الرابعة في صيف 1960 حيث شرع في إعادة تنظيم صفوف جيش التحرير الوطني بالمناطق الجبلية التي أخلاها العدو من السكان وتنظيم المدن . واصل سي محمد ووعيا منه بالعمل الشعبي ودوره في تأدية الاتصالات وجمع المعلومات حرر لإطارات جيش التحرير الوطني ” دليل الفدائي” عبارة عن مجموعة من المبادئ الأساسية لحرب العصابات تحول فيما بعد إلى مرجع للمجاهدين وأرسى جهازا للدعاية شديد الفعالية بالبليدة يعتمد على بعض مطابع المدينة بمساعدة بعض مستخدمي البلدية وأعوان مستشفى الأمراض العقلية … كما حرص على توزيع مناشير لتوضيح وشرح كل مرحلة من مراحل الكفاح ، وتوصل في آخر حياته إلى بث حصص إذاعية لتعبئة وتوعية الشعب ، كما قام بإلحاق المنطقة المستقلة (العاصمة، الساحل ومتيجة) بالولاية الرابعة وسميت بالمنطقة السادسة واختار سي محمد قلب مدينة البليدة مركزا لقيادة الولاية ولتنفيذ خططه الجريئة مثل تنظيم مظاهرات11 ديسمبر 1960 و مظاهرات جويلية 1961 تعبيرا عن رفض تقسيم الجزائر.
استشهـــــــــــــاده :
وفي ليلة 08 أوت 1961 استشهد سي محمد ورفاقه مصطفى النعيمي صاحب المنزل، خالد عيسى الباي مسؤول الاتصال بالولاية ،عبد القادر وادفل مشغل الجهاز اللاسـلكي وأصيب بجروح خطيرة كل من محمد تقية مسؤول التوعية والأخبار وبن يوسف بومهدي مسؤولا في جبهة التحرير الوطني بعدما تمكنت القوات الفرنسية المتكونة من وحدات المظليين وحامية البليدة من محاصرة المكان مستعينة بالفرقة 11 للتدخل السريع التابعة للرئاسة التي نقلت على جناح السرعة من كورسيكا إلى مكان المعركة . وأمام المقاومة العجيبة والاستماتة الغريبة تكبد جنود العدو عددا كبيرا من القتلى وعشرات الجرحى. وبذلك فقدت الجزائر وجها مشرقا من رجالها الأبطال.
من أقواله الخالدة : ” ليس القائد من يقوم بعمل بطولي فقط بل عليه أن يكون رجالا يقنعهم ، يحبهم ويجعلهم يحبونه”.