موسم الصرب في محافظة ظفار
بقلم: ثمنة الجندل
فصل الربيع أو موسم ” الصرب” أو موسم “الفتوح” أسماء محلية تطلق على الفترة الممتدة من أواخر شهر سبتمبر إلى شهر ديسمبر، وأول نجومه الفلكية نجم الدلو . تمتاز محافظة ظفار بطبيعة استثنائية خلابة في هذا الوقت. حيث يتلاشى الضباب، و تسطع الشمس الصربية المشهورة بدفئها،وتعتدل درجة الحرارة والرطوبة، وتتفتح الزهور، وتخضر النباتات، وتهب ” الكوس” النسيم اللطيف، وتهدأ أمواج البحر، وتبرز المناظر الطبيعية، التيخلفها الخريف على قمم الجبال والسهول والبوادي. بانوراما ظفار الطبيعية الساحرة، وطقسها الرائع جعل منها واجهة سياحية تجذب سواح من جميع أنحاء العالم تستهويهم هذه الأجواء المدهشة وما يصاحبها منتحولات طبيعية وجمالية بديعة على ظفار. يرافق هذا الموسم العديدمن الأنشطة الشعبية و التراثية المتعلقة بالزراعة وحصاد محاصيلهاالصربية التي ساهمت بشكل كبير في سد الحاجات الغذائية في الفترةالماضية مثل: الدخن ” المسيبلي“، و اللوبيا المحلية “الدجر“، والذرة الحمراءالصغيرة. وتصنع من هذه المحاصيل أكلات شعبية متميزة، مثل خبزالدقوق، والرزية، وكعك “كتيمة” المسيلي، والجعيلولييت، وغيرها من الأطباقاللذيذة. وكذلك تجنى محاصيل الفندل، والعلس، والبيضاح، وبعض الفواكهوالخضروات الموسمية. أثناء حصاد المحاصيل “صرب” وجني المنتجات الزراعية، يردد المزارعون أشعار وقصائد وأغاني تسمى “المقود“ تبث في نفوسهم الحماسة والترفيه، وتشجعهم على بذل المزيد من الجهود. كما يطلق على الصرب موسم ( الفتوح )، لأن أمواج البحر تهدأ، بعد هيجاناستمر حوالي ثلاثة أشهر في الخريف، يفتح البحر ويستقبل سفنالمسافرين “السفارة” والحجاج العائدين إلى وطنهم بعد غياب طويل،ويبتهج الأهالي بقدومهم، وتقام الأفراح والأهازيج احتفالا بعودتهمبالسلامة. تستأنف وتزدهر التجارة في هذا الفصل، حيث ينشط ميناء الحصن( الفرضة) ويستقبل السفن المحملة بالبضائع من الخارج ،وتغادره السفن المحملة بالمنتجات المحلية كاللبان، والسمن، والجلود، والقطن( العطب ) الذي كان يصدر بكميات كبيرة في الماضي، وصبغة النيلة،والفلفل الأحمر وغيرها من المنتجات إلى الدول المجاورة. ويستفتح في موسم الصرب صيد السردين “الضواغي” الذي يعد موردااقتصاديا هاما لشريحة كبيرة من سكان المحافظة، ويرافق هذا الموسم بعضالطقوس الشعبية، كترديد أغاني البحر الحماسية التي تساعدهم على تحمل مشاق وصعوبة العمل في الضاغية، وكذلك يوزع السردين على الناسمجانا؛ طلبًا للخير والرزق. كما يكثر مع السردين أنواع أخرى منالأسماك، كالكنعد، والطمكري، والغودة وغيرها من الأسماك التي تمتازبطعمها اللذيذ. في وقت الصرب يعم الخير والرخاء أهل ظفار،ويقولون عنه :” حتى الإنسان الكسول الخامل يكفي نفسه في الصرب “. وذلك لتوافر فرص العمل، التي تقيء الانسان الفاقة والعوز. ويقولون أيضا: ” يا تخمال الخريف، ويا تكشاف الصرب“. أي أن في الخريف يقل العمل،ويلجأ الناس للديون أو المقايضة، لكن في الصرب يتوفر العمل لكل من يريدسداد ديون الخريف أو تحسين المستوى المعيشي. كما أنالناس في الصرب “يزهرون” أي ينزلون من الجبال إلى الجربيب بعد قضاءفترة الخريف هناك. يكثر إنتاج السمن المحلية فى الصرب وتسمى ” السمن الصربية“، وتعد من ألذ وأطعم أنواع السمن؛ لأن الأبقار ترعى فيالمراعي الخضراء الخصبة الطبيعية طوال فترة الخريف. وتنتجأيضا سمن الغنم ، التى تستخدم لأغراض علاجية وجمالية. كما إنفي الصرب يبدأ (خطيل الإبل) وهو رعيها في أماكنها التي أُغلقت فيالخريف، وينشد راعتها أناشيد وأغاني “النانا” و “الدبرارات“ بالحانها الجميلة. تدرالابل في هذا الموسم كمية كبيرة من الحليب الذي يشربهالأهالي باردًا أو ساخنًا(المعذيب). فبالتأكيد يوجد الكثير والكثيرمن العادات والتقاليد والموروثات الشعبية الظفارية المرتبطة بموسم الصربفي محافظة ظفار. ولكن يصعب تغطيتها جميعا في هذه الأسطرالقليلة.