“دكتور جرحي الأولي عوفه!!”
(دكتور جرحي الأولي عوفه جرحي الجديد عيونك تشوفه ) . (وعوفه ) اي اتركه ، وهي من الأغاني المشهورة في الستينات للمطرب الراحل عبد الجبار الدراجي وكلمات الشاعر عدنان هاشم السوداني .
كانت الناس تعشق السلام وتميل للألفة وتفهم معنى الحب العذري الصادق على الرغم من التقاليد والعادات المحافظة آنذاك . تمعنوا معي كيف يشكو الحبيب للطبيب حبه الكبير الصادق وولهه بمعشوقته :
دكتور جرحي الاولي عوفه و جرح الجديد اعيونك اتشوفه
اكبر من الاول وبمدته اطول
جرحين صارن بالگـلب و الروح مكـلوفه
جرحي الاول بالگـلب من يوم عشرتنه
و الثاني آه اشگد صعب و اسبابه فرگـتنه
دكتور هالاسباب منها الگـلب ما طاب
و للناس قصتي بالهوى اصبحت مكـشوفه
دكتور تدريني اعجزت بالروحة و الجية
چم وصفه ليه وصفت ما فادت اشويه
دكتور دليني شنهو اليشافيني
هذي طبيبي حالتي امبينه و معروفه
دكتور وصفولي الصبر و الصبر مليته
و لـمن صبح حالي خطر شخصك اتعنيته
اشكـيلك الحاله من ولفي و اعماله
روحي بهواه اتولعت و للوصل ملهوفه
عجزت حتى الصيدلي من كـثر ما دور
كـل دوه ما عنده الي وبوصفتي اتحير
دكتور دليني شنهو اليشافيني
جرحين صارن بالگـلب و الروح ملهوفه
أيباه ..أيباه . كم كانت أيامنا حلوة وطيبة ليس فيها عنف ولاإرهاب ولاسياسة متطرفة ولااسلام سياسي ولافساد ولاخيانة ولاعمالة ولالؤم ولامذهبية ولاتجهيل ولا ولا ولا……
في خلاف هذه الأيام الحزينة حيث لوكان السوداني و الدراجي على قيد الحياة والأمثال تضرب ولاتقاس ، لتركوا الحب وانهمكوا بمصائبنا وأخذوا منحا آخر :
دكتور جرحي الاولي عوفه و جرح الجديد اعيونك اتشوفه
اكبر من الاول و بمدته اطول
ويقصدون طبعا على سبيل المثال لا الحصر بعض من الضيم الذي نكابده في العراق . فالحكومات كانت في السابق ( تتناطح) مع حكومات خارجية وملل غير ملتنا .أما اليوم فالـ( المناطح ) منا وبيننا بالداخل . وكانت الغيرة والنخوة والوطنية سمة للعراقي . اما اليوم فقد بلينا بالذيل والولائي واللوكي والبوقي والحنفوشي والكنفوشي …الخ . وفي تلك العقود كان الناس تعيب على الشاب أن يطيل شعره ( خنفوس) أو يحمل على احدى كتفية مذياع او مسجل ويلف في الشوارع ليسمع من يهوى اغنية فاضل عواد ( لاخبر لاجفية لاحامض حلو لاشربت.. كالوا صوانيكم شموع انترسن ) .او ان تكشف الفتاة عن ساقيها بحجة انه تطور و( مودة) فشاع ( الميني جوب والميكري جوب ). أما السكاير فكان الشاب يخشى ولنقل يخجل ان يدخن أما ذويه او الأكبر منه سنا .لكن اليوم تجد المخدرات والمثلية والتميع ظواهر واضحة للعيان . كما ان بعض الشباب يتجمل كالنساء ويقود السيارة بطيش وجنون ويرفع صوت مذياع السيارة باغان غير مفهومة أجنبية او فوضوية .وأما قسم من الفتيات اليوم فهن يجالسن الرجال في المقاهي ويدخن الأرجيلة ويكشفن عن أجسادهن وكأن لا أب لهن ولا اخ ولا والي يسمع ويرى ، ناهيك عن السراويل التي يتم خرمها في أماكن مختلفة من كلا الجنسين ، في حين كان الفقير يرقع ( بتشديد القاف ) بقطعة قماش أي خرق في ثوبه طلبا للستر، ويحاججك المقلدون بان هذا تطور ( والله لألعن هيج تطور يابو الي سمح به ).وكانت حالات الطلاق نادرة جدا ومعيبة ، اما الان فيتزوجون الخميس وينفصلون الجمعة !!. وبذلك نقول ونشكو لمن يسمعنا ويهمه أمرنا : (جرحي الأولي عوفه وجرح الجديد عيونك تشوفه ).
بلاشك ان كل مايحصل ليس بالصدفة ، وانما ضمن سياقات الـ ( بروباغاندا)، فهو منسق ومعد بعناية لتدمير البلاد من قبل الأعداء المحيطين بنا عبر الحدود المشتركة ، او عبر البحار والمحيطات ، من خلال تعطيل قدرات الشباب وتشويش عقولها وتضليلها باعتبارهم عماد الدولة وقادة الشعوب ، والهائهم عن اداء مهامهم وتحمل مسؤولياتهم . وهذا مالمسناه بعد احتلال العراق عام 2003 بسبب ضعف الثوابت والتخلي عن المبادىء وغياب القوانين وعدم نزاهة السلطات واختلاط الحابل بالنابل .
يقينا فإن كل هذا وذاك زائل ، لأن الوعي في تزايد بحكم التطور التكنولوجي وخاصة في مجال الاتصال ، وهناك تفعيل للرأي العام. والكلمة الفصل للشعب العراقي الذي سيقول كلمته قريبا جدا باذن الله ويتخلص من الأوضاع الشاذة ، مهما ادلهمت الخطوب واشتدت الأزمات والمحن وطال الانتظار..وسوف لن يظل للأبد يدندن مع نفسه بأسى ويأس (دكتور جرحي الأولي عوفه جرحي الجديد عيونك تشوفه)!!.