مرآة الدنيا

من كتاب عجائب الدنيا الثمانية

✍محمد ابراهيم الشقيفى : 

الكل يعلم بل يكاد يجزم إن العين ترى أحيانا صوراً غير حقيقية أو مزيفة فى مرآة الدنيا.
ننظر إليها تارة فنرى الانبهار دون الواقع وأخرى تبصر العين نور الحقيقه فى قلب المواقع فينكشف كل مخادع وتارة نغتر كثيرا بظل الخيال دون بحث أوتعمق فتأخذنا الدوامة فنرى للوجه قناع ولانحاول انتزاعه .
لو علمنا بواطن الأمور المستترة لاسترحنا من غير قصور مشيدة لوكشفنا الوجه الأخر للأشياء لاستمتعنا دون عناء.
لنقف حداداً على أعتاب الدار أفتقدنا الواقع واستسلمنا للانهيار ولم نلتمس الأعذار ماهذا الجرم المشهود فى حق الطبيعه ماهذا العبث إنها صرخات الوجيعه نحتاج إلى إفاقة فقد غاب الوعى قلوبنا الآن بداخل غرفة العناية المركزة في بحر مؤامرة الحياة المؤلمه.
البسمة الصافية لاتعنى الحب والغرق فى بحار الرومانسية والثراء الفاحش لايعنى تاج الراحة النفسية والجمال قد يكون ستار يخفى وراءه قبح القيم.
أحياناً نرى ظاهر الأمر فننبهر ونقف برغبة المشتاق دون تأمل وبعد لحظات من الهيام يحل الظلام وتتلاشى الرغبة ثم تكون الصاعقه وقد يظن البعض أن ماتراه العين فى مرآة الدنيا حقيقة بل هو نصف الواقع الممزوج بالخزلان .
كذلك الحب أعجب الأمور وأقواها لكن العين عندما تنظر بسطحية غريبة تعشق إلى مستوى الريبة ولا تترك مجالاً للتفكير الأمر مثل المرآة والصورة المعكوسة لوجه يرتدى قناع دون أن تعطى تفاصيل الحقيقه قد يكون وراء البسمة شفقة أو سخرية أواستلطاف فلماذا مفهوم الحب المغلوط لوتدبرنا قليلا لنزعنا الخداع البصري عن الوجود وقد يكون الأمر حقيقه ولكن تحتاج النفس إلى الغوص فى عمق مشاعر قاع بحار الحب السبعه.
لماذا قلوبنا مغلقة بأقفال عليها أتربة ورماد أرواحنا متعلقة بحطام يتناثر منه غبار العشق قد يكون نصف الواقع جميل والوجه الثاني شىء مؤلم يحتاج إلى تحليل العشق غلاب يسكر العقل ويسيل لعاب العتاب ولكن نصف الكوب الفارغ ينقصه التفسير وعمق التفكير حتى لايكون الحب من طرف واحد فنفقد نصف الجمال وتكبل المشاعر بالأغلال نتعلق ونستميل لاتترك اللجام لمهر الخيال دون أن تسير على درب به أثر الدليل فتصل إلى مفترق الضلال المرآة تخجل تعكس ضوء شارد ريح عاصف تحرق النفس دون أن تقترب لنهجر دور الضحية كى نمضى دون تعطيل حتى لا تلحق بنا العواقب والعراقيل.
ليس فقط الحب الذى يحتاج إلى نظره وتمعن بل هناك أمور أخرى تستحق التأمل وعقل يتدبر دون أن نتسلل لحياة الاخرين .
لنرى ونتعلم صورة فى مرآة الدنيا غنى يمضي بسيارته الفاخرة والعين تنظر بطموح والقلب المعتم يعشق النور الزائف والجسد المتعب ينتظر كثيراً بعد ساعات العمل الطويل يتمنى أن تصل أعضاء البنيان إلى حديقة المنزل فتستريح من مشقة السفر لتدخل الغرفة المظلمه لترقد على وسادة خالية ولكن قبل أن ترتكب سوء الظن وحماقة المعصية وبعد ذلك تبكى على حالك وينتابك الصداع النصفي أنتظر لحظه ستتكرر الصوره غداً بذات الشارع ونفس المكان المرآة تجلب الحقيقة الكاملة لتكن بعد التصوير الفوتوغرافي أسعد من أمس تمهل لحظة دون قسوة بل بعين الرحمة لكسيح قعيد يحرك السيارة بأنامل يده لايستطيع أن يقضي حاجته منفرداً واعلم أن ماتقوله نفسك يترجمه لسانك ويقشعر له بدنك وترتعد جوارحك الأن سبح بإسم ربك الأعلى مثل الرعد فى السماء ثم زين قلبك بالحمد المطلق على نعمه الأخذ ليبقى لك جزيل خير العطاء.
كم من شخص ثيابه جميلة ولكن اتسخت أخلاقه يتفاخر بين الناس أحياناً قد يلقى القبول يرتدى ثياب الفضيله وبداخله الخسة والجبن وعلى النقيض التام متواضع فقير ينقصه حظ الغنى ولكنه استغنى يملك الأخلاق الجميله لم يفقد كرامته ليبقى بين الأبطال تخشاه الأندال فالغنى بالمفهوم الواسع كنز تحرسه النفس الحكيمة وقدرة التخلى عن الإهانة وخروج سهام الكلمة المعيبة إذا لا توجد مقارنة فأنت الافضل ولوكانت ثيابك ممزقه وحذاءك مهلهل فلديك ماهو أفضل ترتقي من الفقر وترتفع إلى صفوة الأغنياء تمتلك الأخلاق ومايسترك من الثياب حقا فأنت نجم فى الأفق خلقت لأجل العباده تملك الصحة دون الرفاهية والغنى دون المال وعفتك من أجمل الخصال .
النتائج لايلزمها برهان فأنت صحيح ومادونك محتال أخذ من مرآة الدنيا الصور المزيفه ولم يستقطع سوى النصيب الملموس وأنت عطر متواجد في القلوب محسوس بالمشاعر قبل أن تدركك العين يانفس مطمئنة بالرضا أنت الأسعد والأفضل وياروح تحمل الجفا مع القواقع فى الأسفل معادله صعبة ولكن الأمر بسيط لواقنعت بالجمال دون المال فأنت تحمل السعادة تمهل إن الأفاعي تسبح في أمواج النهر وعقر الدار مرآة الدنيا لاتصنع البهجة في مياه البحار المالحه ولاتكشف حقيقة الأسرار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى