
في يوم من الأيام الجميلة، وفي بلدة صغيرة تغطيها ظلال أشجار النخيل الوارفة، وتفوح منها رائحة أشجار المانجو الكبيرة، حيث يصدح صوت خرير الأفلاج ليبتهج السامعون، كانت تعيش عائلة صغيرة بين أحضان الجبال والطبيعة الخلابة.
كان “أحمد”، الفتى الذي بدأ لتوه عطلته المدرسية، يمضي معظم وقته في اللهو واللعب، دون أن يمد يد المساعدة لوالده في أعمال البيت والمزرعة. هنا، ناداه والده بهدوء: “تعال يا أحمد، ساعدني في جز العشب وسقي الخراف.”
لكن أحمد، في لحظة طيش لم يعِ معناها، نطق بكلمة قاسية جرحت قلب والده الكادح. سكت الأب في حزن، وقال في نفسه: “عله لا يزال صغيراً، ولا يدرك ما يقول.”
في تلك الأثناء، كان جَدُّ أحمد، الشيخ سالم، يراقب ويسمع ما حدث. عاد الأب إلى البيت دون كلمة. فنادى الجد حفيده وقال: “تعال يا أحمد.”
كان أحمد سريع الغضب، لكنه كان يحب جده حباً كبيراً. قال الجد بحنان: “سأعلمك اليوم شيئاً لم أعلمه أحداً من قبل.” سأله أحمد: “وما هو يا جدي؟” فأجاب الجد: “سأعطيك كيساً مليئاً بالمسامير. وفي كل مرة تشعر فيها بالغضب، عليك أن تدق مسماراً في جدار حديقتنا.”
بدأ أحمد يمارس ما تعلم، وكلما شعر بالغضب، تناول مسماراً ودقه في الجدار. ومع مرور الأيام، بدأ عدد المسامير التي يدقها يومياً يتناقص شيئاً فشيئاً، حتى جاء اليوم الذي لم يعد يفقد فيه أعصابه على الإطلاق.
فقال له جده: “أحسنت يا بني. الآن، يمكنك أن تسحب مسماراً واحداً عن كل يوم تمكنت فيه من كبح غضبك.”
عندما سحب أحمد جميع المسامير، قال له الجد: “أحسنت يا بني. لكن انظر إلى الثقوب التي تركتها المسامير في الجدار.” وأوضح له أن الكلمات التي نقولها في لحظات الغضب تترك آثاراً مثل هذه الثقوب في قلوب من نحبهم.
تمعن أحمد بالنظر إلى الثقوب، وأدرك أن ما كان يقوله يسبب أذى لا يُنسى لمن حوله. تعلم أحمد الدرس الصعب، وغير من سلوكه، وصار من خير الناس.