
أصبحتُ أُحاكي الحروف كما تهمس الريح بأسرارها للغيم، أوازن القوافي كما يوازن القلب نبضه حين يراك، وأرتّب النصوص لتقرأها العيون وتهتدي بها الأرواح، بينما أنا وحدي أضلّ، أفتش عنك بين أطراف الكلمات كما تبحث الطفولة عن ضحكةٍ ضائعة.
طفولتي تلاحقني، تمشي بين الحروف، تلمسني كما يلمس نسيم الصباح خدّ وردي، وتزرع في قلبي أشجارًا لا تذبل، كل حرف أكتبه يذكّرني بك، كل كلمة تصبح جسورًا بين قلبي وما يريده قلبي من حضورك، بين الغيم والحلم، بين همسٍ منسي وابتسامة لم تشرق بعد.
أكتب لأني أريد أن أراك في كل سطر، في كل حرف، في كل فجوةٍ تركتها الكلمات لتهرب إليها، لأني أؤمن أن الغزل ليس مجرد كلام، بل نبضٌ يتسلل بين السطور، يحفر أثره في الروح، يجعل القلب يرقص على أنغامٍ لم تُعزف بعد، ويجعل الصمت يهمس باسمك.
كل نص أكتبه نافذة، أطل منها لأراك، أرى طفولتي تضحك بين خطوط الحروف، أرى الحب يتشكل من ظلّك، من صمتك، من لمستك التي لم ألمسها بعد، وكأن الحروف نفسها صارت طيورًا صغيرة تحلق في سماء الحنين، تحمل عبقك معي، وتخبرني أن العالم، مهما كان واسعًا، يظل صغيرًا بما يكفي لتحتضن قلبين يعرفان معنى اللقاء قبل أن يحدث.