
أن تَقرأ امرأة…
فأنت لا تفتح كتابًا،
بل تدخل متاهةً من الضوء والظل،
تسير فيها حافي القلب،
تتبع أثر صمتٍ لا يشبه الصمت،
وتُصغي إلى ما لا يُقال…
وما لا يُحتمل. صعبٌ؟
بل أشدّ من الصعب…
أن تُبحر في فكر امرأةٍ لا تحيا بنصف نبض،
ولا تُساوم على ما تحب،
امرأة تُدرك أن الفقد لا يُرمم،
فتُقاتل من أجل ألا تفقد،
ولا تُفقد.
تحرس المعنى،
وتُخزن الوجع في خزانة الكبرياء،
تُؤجل الألم كما تؤجل العاصفة…
لا لأنها لا تتألم، بل لأنها لا تشتكي.
ترتدي الصبر كما ترتدي فستانها،
ببساطةٍ أنيقة،
ووجعٍ لا يُرى.
تضع الكحل في عينيها كأنها ترسم خط دفاعٍ داخلي،
وترسم ابتسامتها كما ترسم الأمم أعلامها في الحروب.
هي لا تشتكي،
لكنها تنهار بصمت،
وتكتب روايةً لا تُقرأ…
بل تُحَس. هي بطلتها… وراويتها…
وضحيتها أيضًا.
حين تصمت،
لا تسكت.
بل تُغلق نوافذ الحكاية حتى لا تتسرّب دموع اللغة.
في صمتها تَصدّ الهزائم،
وتُخفي الانهيارات بلباقة النبلاء.
هي اللبؤة التي لا تزأر،
لكن الأرض ترتجف إذا مشت.
هي أنثى،
لكنها لا تُشبه امرأةً من هذا الزمان.
هي رؤيا مُبهمة،
ونبض مستبعد عن منطق الأشياء. أن تفهمها؟
ذاك وهم…
وأن تُشبهها؟
ذاك مستحيل.
وعليه… فهي اللغز الذي لا يُفك،
والصعب الذي لا يُكسر،
والأبد الذي لا يُختصر.