#الدكتور_صابر_عبد_الدايم_يونس_في_ذمة_الله د/ أحمد علي سليمان ينعي إلى الأمة المفكر الإسلامي والشاعر العالمي الأستاذ الدكتور صابر عبد الدايم يونس (رحمه الله) بقلوبٍ مؤمنةٍ بقضاء الله وقدره، أنعى إلى الأمة الإسلامية والعربية، وإلى العالم أجمع، واحدًا من أعلام الفكر الإسلامي والأدب والشعر، ورمزًا من رموز الأزهر الشريف، وأستاذًا من أساتذة مصر الكبار، فضيلة الأستاذ الدكتور/ صابر عبد الدايم –رحمه الله رحمةً واسعة وأسكنه فراديس الجنان– الذي كان وبحق مدرسةً متكاملة في الفكر الإسلامي والتربية والأدب الرفيع والشعر الملهم والنبل والأخلاق الأصيلة.
لقد كان –رحمه الله– عَلَمًا بارزًا من أعلام مصر والعالم الإسلامي، ومرجعًا في اللغة العربية والبلاغة والنقد، يقصده الأساتذة والباحثون وطلاب العلم من كل صوب وحدب، فكان مستشارًا ناصحًا، لا يتأخر عن أحد، وكان رحمه الله نشيطا جدًّا جدًّا حاضرًا ببصيرته وعقله وقلبه في شتى المحافل، قريبًا من الناس بتواضعه وعمق علمه.
تميّز –رحمه الله– بطيبة القلب، والشهامة، والبشاشة، والمروءة، والشجاعة في قول الحق، وكان مثالًا للكرم الشرقاوي الأصيل، فكان كريمًا في نفسه وفي أقواله وأفعاله وعلمه ومشاعره، وفي نظراته، طيبا جدا حنونا، فلم يبخل يومًا على أحد بعلم أو نصح أو وقت أو دعم.
وإيمانا من جمهورية مصر العربية بدور في خدمة الدين والوطن كرَّمه فخامة السيد عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية بوسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى. وكان عضوًا فاعلًا في رابطة الجامعات الإسلامية مقرِّرًا للجنة النهوض باللغة العربية، وعضوا أصيلًا في المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، وقائدا بارزًا في رابطة الأدب الإسلامي العالمية. قرّب الشباب وأعانهم، وتبنَّى –رحمه الله– المواهب الشابة، وفتح لهم الأبواب والطريق إلى مزيد من التميز، وساندهم بكل ما أوتي من علم وحكمة وقوة وعلاقات طيبة، فكان أبًا حانيًا ومربًّيا صادقًا وصديقًا وفيًّا.
لقد أحبَّ العلم والعلماء، وكان على صلة دائمة بالعلماء والمفكرين والباحثين في شتى ربوع العالم الإسلامي، يشاركهم همومهم، ويستمع إليهم، ويقف بجانبهم، ويقدّم الحلول بحكمته، وفطنته، ورجاحة عقله، وظل وفيًّا للحق والعدل حتى آخر أيامه.
كان –رحمه الله– محبوبًا أينما حل، حافظ على اسمه ورسمه وتميزه الذي ظهر مبكرا جدا في بواكير حياته، أحبه الناس لما رأوا فيه من صفاء سريرة، وسمو روح، وصدق إيمان، وعطاء لا ينقطع. فكان قريبًا من القلوب، ماثلًا في الذاكرة، خالدًا في وجدان محبّيه. عرفته في رابطة الجامعات الإسلامية منذ حوالي ربع قرن من الزمان، وسافرنا معا في معية أستاذنا الدكتور جعفر عبد السلام (رحمهما الله) إلى عدد من دول العالم، وأدينا العمرة معا، وكان حييا وحبيبا لكل الناس من العلماء والباحثين والإداريين والعمال. أخذ بيدي وقدم لي لنيل عضوية اتحاد كُتَّاب مصر، وكان يؤمن جدا بأهمية الشباب، ويدفع بالمتميزين في شتى الأماكن، إيمانا منه بضرورة تواصل الأجيال وتبادك الخبرات، وتكوين الصف الثاني… كان صاحب فضل عليَّ وعلى غيري، بشرني بقبول عضوتي في اتحاد كُتَّاب مصر من أول مرة، وقد اختار بنفسه عملين من أعمالي الأدبية (قصة- وترجمة). ويوم أن وفقني الله لعنوان برنامجي التليفزيوني والذي تحول إلى مجلد بعد ذلك (كيف نتوضأ بأخلاق النبي؟) فاتصلت بفضيلته لاستشيره في العنوان ففرح به جدا، وقال لي نجعله: (#كيف_نتوضأ_بأخلاق_النبوة؟) اتساقا مع روح كتابتك ومنهجك، وقد كان. وتزامل التلميذ مع الأستاذ في ندوات وزارة الأوقاف وفي أسابيعها الثقافية… وقد أكرمني غاية الكرم عندما كتب تصديرًا يوزن بالذهب لهذا الكتاب. والذي سأنشره في نهاية هذا النعي تذكيرا بأنموذج من قلمه المبارك. رحم الله أستاذنا الدكتور/ صابر عبد الدايم يونس، وغفر له، ورفع درجته في عليين، وجزاه خير الجزاء عمّا قدّم من علم وأدب وفكر ودعوة، وعوَّض الأمة فيه خيرًا. إنا لله وإنا إليه راجعون.
خالص العزاء لأسرته الكريمة، وتلامذته الأوفياء، ومحبيه في مصر والعالم الإسلامي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أ.د/ أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية المدير التنفيذي السابق لرابطة الجامعات الإسلامية
#تصدير_بقلم_فضيلة_الأستاذ_الدكتور_صابر_عبد_الدايم_يونس لكتاب #كيف_نتوضأ_بأخلاق_النبوة؟ العميد الأسبق لكلية اللغة العربية – جامعة الأزهر بالزقازيق الحاصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية بالقاهرة
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على حبيبه المصطفى، ومَن على دربه اقتفى.. وبعد فإنَّ المصطفى (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وآلِه وسلَّمَ) كان خُلُقُه القرآن- كما تقول أمُّ المؤمنين السيدة عائشة الصِّديقة بنتُ الصِّديق أبي بكر، خليفة رسول الله (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ)- وأخلاقُه وشمائله النبويةُ تَغمر البشريةَ كلَّها بفَيضٍ من المروءات الوضّاءة، والسلوكياتِ التي تأسرُ قلوبَ بني البشر أجمعين؛ فهو المثلُ الأعلى، وهو الرحمةُ المهداة للعالمين أجمعين، وهذه حقيقةٌ إلهيَّة ربّانية تؤيدُها وقائعُ التاريخ، وحوادثُ الدهر، ومشاهدُ الفتوحات، وواقعُ حياته وسيرته ومَسيرته، قال تعالى في شأنه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107). فالذين أكرمَهم الخالقُ (عزَّ وجلّ) بمحبَّة المصطفى (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وآلِه وسلَّمَ) يسْبحونَ في فَضاءاتِ هذا الحبِّ النبويِّ العظيم، ويتطهَّرون بعَذب أحاديثه، ومشاهدِ سِيرته الزاخرة بكلِّ صُنوف الأخلاق السويَّة المعتدلة المتوازنة. إنَّها أخلاقُ النبوة التي تمثلُ نهرًا مُتدفقًا في شَرايين الأمة، ومن مائه العذبِ نَغتسل، وننقّي نفوسَنا، ونُطهر مشاعرَنا؛ فنُصبح أكثرَ وَضاءةً، وإشراقًا، وحُسنًا، ومحبَّةً لله ورسوله الحبيبِ المصطفى (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ)، الذي تَوَّجه ربُّه بتاج السُّمو، والرُّقي، والعَظمة، فقال سبحانه: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: 4). وفي تَجلّيات هذا النور المحمَّدي، والفَيض النبوي، يجيء هذا الاختيارُ الموفق لهذا العنوان المشْرق بالإيمان، ومحبَّة المصطفى العدنان، (كيف نتوضَّأ بأخلاق النبوَّة؟)، وقد وُفِّق المفكرُ الإسلامي الدكتور/ أحمد علي سليمان، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، في تحديدِ هذا المنهج الدَّعوي، باختياره لهذا العنوان البَليغ، المُشعِّ بالنور والبَهاء، المليء بالفيوضاتِ النورانية، والتجلياتِ الربانية المستمدَّة من هَديِ ربنا وسنة نبيِّنا سيدنا محمد (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ). الوضوءُ تَموجُ دلالاته في آفاق: الطُّهر، والنَّقاء، والبَهاء، والجَمال، والوَضاءة، والحُسن، والنظافة، والإيمان. وفي أسلوبٍ يعدُّ من جَوامع الكلم، يقول المصطفى (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ): (الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ…)(أخرجه الإمام مسلم في صحيحه) فهنا لفظُ “الطّهور” يحمل عدةَ دلالاتٍ حسب ضبطِه الشَّكلي؛ فهو بضَمِّ الطاء “الطُّهُورُ” يفيد فعلَ الوضوء نفسه، وبفَتح الطّاء “الطَّهُورُ” اسمٌ لهذا الفعل، والجذرُ اللُّغوي لهذا اللفظ من الطَّهارة، والتي تدلُّ على النظافة: حسيَّةً كانت أو مَعْنوية. كما تتعدَّد دلالةُ لفظ “الطّهور” حيث فسَّرها بعضُ العلماء فقال: الطهورُ ها هنا: تركُ الذُّنوب. وحولَ علاقة الطهور بالإيمان، ودلالةِ “الشطر” قالوا: الإيمانُ نوعان: (فعْل، وتَرك)، فنصفُ الإيمان فعلُ المأمورات؛ بتزكية النَّفس وتَطهيرها بالقُرب من الله تعالى، ونصفُه الآخر تركُ المحظورات؛ وهو تطهيرُ النفس بتَرك المعاصي. فانظرْ وتأمَّل هذه الإشعاعاتِ الدلالية، والمقاصدَ الشَّرعية التي تَشعُّ بها ألفاظُ الحديث النبوي الشريف، وتراكيبه اللُّغوية الناطقة بالإيحاء، والتي يقف أمامَها العلماءُ والخبراءُ إجلالًا بكلِّ ما لديهم من تَفسيرات وآراء. وهذا الإيحاءُ المستمَدُّ من يَنابيع الهَدي النبويِّ ما هو إلا تجسيدٌ لأخلاق النبوَّة التي يقودُنا إلى أفيائها وظلالها الوارفةِ الداعيةُ الإسلامي المسْتنير د/ أحمد علي سليمان؛ وذلك عبرَ هذا التساؤل المشروع الهادي إلى خُطى الحبيب (كيف نتوضَّأ بأخلاق النبوة؟) وكيف نَسمو إلى آفاق الحبِّ النبوي الصافي؟. وفي معرِض الإشادة بأدبِ النبوة، والجمال، والجلال، والكمال، في الحديث النبويِّ الشريف، يقول القاضي عياض في كتابه: (الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ): “إنَّ الرسول (صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ) كان يحمل سلاسةَ طبعٍ، وبراعةَ منـزعٍ، وإيجازَ مقطعٍ، وفصاحةَ لفظٍ، وجَزالةَ قول، وصحةَ معانٍ، وقلَّة تكلفٍ؛ أوتيَ جوامعَ الكلم، وخُصَّ ببدائع الحِكم” عليه الصلاة والسلام. يقول توماس كارليل صاحبُ كتاب: (محمد المثلُ الأعلى): “… ولوحِظ عليه من فِتائه -أي فتوَّته وشبابه- أنَّه كان شابًّا مفكرًا، وقد سمّاه رفقاؤه الصادق الأمين، رجل الصدْق والوفاء، الصادق في أفعاله وأقواله وأفكاره. وقد لاحَظوا أنَّ ما مِنْ كلمةٍ تخرج من فِيهِ إلا وفيها حكمةٌ بليغة، وإني لأعرفُ أنه كان كثيرَ الصَّمت، يسكتُ حيث لا موجِب للكلام، فإذا نطقَ فما شئتَ من أدبٍ وفضلٍ وإخلاصٍ وحكمة، لا يتناول غرضًا فيَتركه إلا وقد أنارَ شُبهته، وكشفَ ظلمتَه، وأبانَ حجتَه، واستثارَ دفينتَه… وهكذا يكون الكلام، وإلّا فلا”. ومِن تَجليات الشخصية المحمَّدية وعظمتِها يستمدُّ الكاتبُ المفكر د/ أحمد علي سليمان، محاورَ كتابِه، وآفاقَ رؤاه الجديدة في ترصُّد مَسارات ومدارات أخلاقِ النبوة، ويقدِّم هذه الرؤى الحضاريةَ والإنسانية إلى الجيل المعاصر، الحائرِ بين التمسُّك بأصالة القيَم الإسلامية والإنسانية الجميلة العادلة، وبين مَسالك التِّيه ودروبِ التخبُّط في ظلال المادية العَمياء التي غابت عنها شمسُ الأخلاق المحمَّدية. ويؤكدُ الكاتبُ إصرارَه على التمسُّك بالمنهج الإسلامي الرشيد؛ حيث يؤكدُ أنَّ الميلادَ الحقيقي لحقوق الإنسان، وحقوق الحيوان، وحقوق النبات، بل حقوق الجماد؛ كان ببَعثةِ خَير الأنام، ومِسكِ الختام؛ سيدِنا محمد (عليه الصلاة والسلام)، وأنَّ التوضُّأ بأخلاق النبوَّة كفيلٌ بإصلاحنا وصَلاحِنا، ونجاتنا ونجاحِنا وعلوِّ شأننا. أرجو للمؤلف المخلِص لدينِه ووطنِه وأمتِه الدكتور/ أحمد علي سليمان، كلَّ توفيق، وأن يتحقَّق طموحُه وحلمُه النبيل في توحيدِ الأمة، وعودتِها إلى عزَّتها، وقوتها، وهيبتها، إن شاء الله. وبالله تعالى التوفيق أ.د/ صابر عبد الدايم يونس