أمجنون أنت!!
✍🏻 صالح الريمي :
هكذا الحياة متقلبة لا تدوم على حال واحد، فإن صفت لك الحياة يومًا، قد تجدها تكدرك أيامًا وتنغص عليك أيامًا أخرى، وإن أضحكتك الحياة ساعة، فإنها تبكيك أيامًا، وكلنا يعلم أن هذه البلايا لا يزيلها إلّا الله، ولذلك فالمسلم على ثقة دائمة بربه بأنه سيأتي يوم تنتهي فيه كل الكروب والمشكلات، وتفرج الهموم بعد الضيق والشدة، وقد كان رسولنا الكريم القدوة الحسنة في الصبر والتضحية..
ولهذا يتوجب علينا الصبر حتى يأتي وعد الله، ومن هذه المقدمة أحببت أن أنقل لكم قصة من الزمن الزمن الجميل، يقول الإمام الجنيد البغدادي يومًا سمعت هاتفًا يناديني في المنام يقول: إنهض يا عبدي، وانقذ عبدي.
قال: أين أجد عبدك؟ يا رب، قال إركب دابتك وأين ما تقف ستجد عبدي، فقمت من نومي وكان قد قرب آذان الفجر، فتوضأت وركب دابتي، ومشيت في أزقة بغداد حتى وقفت الدابة عند باب مسجد، فقلت لعله في الداخل، فدخل، فوجد رجلًا يبكي ويناجي ربه أن يفرج كربه ويُقيل عثرته، فعرف الجنيد أنه الشخص المطلوب..
فأخذ مائة دينار وأعطاها للرجل فأخذها منه ولم يشكره أو يلتفت إليه، وأخذ يبكي ويشكر ربه، فقال له الجنيد: يا أخي إن لم تقضِ النقود حاجتك فاسأل عني في بغداد، سيدلُّوك عليَّ أنا جنيد البغدادي..
فرد الأعرابي: أمجنون أنت ياجنيد؟! قال: لماذا؟
قال: أتريدني أن أترك الذي أيقظك من نومك لأجلي وسخرك لتُقضي لي حاجتي، وأركض خلفك في شوارع بغداد.
*تعليق بسيط:*
فلنتعلم من هذا الأعرابي كيف نثق في الله تعالى، ولنلتمس معًا سبيل الإيمان الصادق واليقين القاطع لننجو بفضله تعالى وكرمه ومنته من هذه الدنيا الفانية، إلى جنة عرضها السموات والأرض.
ترويقة:
في الحديث قال عليه الصلاة والسلام: (اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا)، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (سلوا الله اليقين والمعافاة، فإنه لم يعطِ أحد بعد اليقين خيرًا من المعافاة، فالحياة مع الله هي الثقة بالله وهي بمثابة حياة أخري فوق الحياة التي تعيش.
*ومضة:*
قال الغزالي في الإحياء: (جالسوا الموقنين، واستمعوا منهم علم اليقين، وواظبوا على الاقتداء بهم ليقوى يقينكم كما قوي يقينهم).
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*