تأمّلات حول الانتخابات الأمريكيّة

بسم الله الرحمن الرحيم خطبة الجمعة بمسجد المربعات 6 جمادى الأولى 1446هـ · 8 نوفمبر 2024 م.

السودان – الآن : 

قال تعالى:”قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ” سورة النمل ٦٩
محتوى الخطبة:
ركزّت الخطبة على أهميّة اصطناع الرؤية السودانيّة وبناء اللّحمة الوطنية وحسن إدارة التنوع و التوظيف الأمثل للموارد وترسيخ العدالة وايجاد الانسان بالبناء العلمي والعملي للمواطن وأن هذه المعطيات بعد توفيق الله وتعزيز العقيدة والقيم عوامل للاستقرار والنهضة وذلك بتاريخ اليوم بمسجد المربعات ١٨
في السادس من جمادى الأولى 1446هـ · الموافق ٨ نوفمبر 2024 م . وذلك تأملا في الانتخابات الامريكية ومقارنة بين وضعنا في السودان ووضعهم
باعتبار أن الانتخابات مظهر للاستقرار واستدامة الأمن والتداول السلمي للسلطة وأوضحت الخطبة التوافق الكبير بين أمريكا والسودان في اتساع المساحة ووفرة المياه وتعدد المناخات و التنوع الاثني وغيرها وألمح إلى أن استقرار النظام القانوني والاقتصادي وعراقة الدستور الحاكم و استقلال القضاء مؤشرات مهمة أدت إلى تعميق الاحساس بالمساواة وحماية الحريات الأساسية مما أدّى إلى احترام الانظمة بامريكا وفي المقابل فإنّ دولتنا ظلت تعاني من تغيير الأنظمة وتعديل القوانين والدساتير مما أضعف من فاعليتها وصنع فوضى تشريعية عمقت من الفشل وأحدثت المزيد من الجراحات في جسد الوطن المتشظي والمتشاكس
إن السنن الكونية مؤشر مهم للتجاح والفوز عند الالتزام بها وعند عدمه يؤدي للفشل قال تعالى:
“سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ” ٦٢ الأحزاب. قال شيخ الاسلام :” إن الله لينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مؤمنة )
لقد ظلّت الرؤية الوطنية الأمريكية المتمثلة في الحلم الأميركي هي الروح الوطنية لشعب الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يُرى من خلالها أن هدف الديمقراطية هو الوعد بتحقيق الازدهار
كما أن الإستراتيجية الكبرى التي تبنتها الولايات المتحدة، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ظلت تتجه نحو التفوق والمشاركة العميقة، و الهيمنة و ما يستلزمه من قوى عسكرية؛ والمحافظة على شبكة واسعة من الحلفاء كما ترسم إستراتيجية الولايات المتحدة للأمن القومي رؤية لعالم حر ومنفتح وآمن ومزدهر وخطة شاملة لتحقيق هذه الرؤيةوتحقيق العيش في عالم يحترم المبادئ الأساسية لتقرير المصير وسلامة الأراضي والاستقلال السياسي والعمل على بناء الاقتصاد العالمي على أساس تكافؤ الفرص وتوفير الفرص للجميع الأمريكية الجديدة تدعيما وتعزيزا للشراكات مع الدول التي تؤيد النظام وقد قام الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بصياغة هذا النهج لأول مرة في عام 1941 وًصفاً لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العالم بأسره.
وهكذا عززت امريكا من رؤيتها في إطار الداخل والخارج وحماية أمنها القومي الممتد بينما ظلّ السودان بعيدا جدا عن تحديد مساره الاستراتيجي وتحديد رؤيته الوطنية وكيفبة إدارة الصراع الاستراتيجي فظلت البلاد نهبا للتخبط والعشوائية وارتجال العمل في المجالات كافة والاستقطاب الحاد فما أحوجنا إلى بناء رؤية وطنية متكاملة في أطرها المتعددة
“أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ” ٢٢ الملك
لقد استطاعت امريكا ادارة التنوع ببناء النظام الرئاسي في هرم الدولة و الفيدرالية في ولاياتها بكامل السلطات الثلاث وعززت القوانين تنفيذا وقضاء من تداول السلطة والمساواة في أشكال معلومة فغدا التنوع قوة للدولة
التي ولدت من حرب أهلية حصدت الآلاف وجاءت الحربان العالميتان فجعلت منها دولة عظمى نالت استقلالها عام 1776 من المملكة المتحدة.بينما لا تزال الاثنية تنخر في جسد هذا الوطن ولا تزال السلطة والثروة تنال عبر الاثنيات
” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ” ١٣ الحجرات
أن الاقتصاد هو سر النجاح في العملية الانتخابية فالناخب الأمريكي يهتم بمعاشه ومادياته الأمر الذي عجل بالاطاحة بالمرشحة الديمقراطية وفوز السبعيني ترامب رغم هزيمته السابقة فالاقتصاد هو عماد النظر وسر الحياة الأمريكية وأساس تفكير المواطن هناك وهو ما جعل سياسة ترامب السابقة بالانكفاء للداخل الأمريكي وتراجع الاهتمام بدعم الخارج وسحب القوات الأمريكية من عدد من الدول ترضي الناخب الأمريكي وفي المقابل فإنّ الناخب عندنا يساق سوق القطيع ما بين حزبي متنطع او قبلي متحيز
لقد كان من عوامل نجاح اولئك هو اتاحة مجال واسع وحر للعملية الاقتصادية تملكا وانتاجا وصناعة وتداوالا للسلع والخدمات حماية بالقانون والقضاء وابتعد الدولة عن منافسة السوق بينما شهدناةالانهيار الاقتصادي بسبب التدخل السافر والمنافسة من الدولة وضعف القوانين في حماية المنتج والمحسوبية والفساد وغيرها من ادواء الاقتصاد.
كما أن قيام الدولة على المؤسسات المتناسقة والهادفة للوصول لغايات الدولة ورفاه المواطن هي الحاكمة بينما نعاني من ضعف المؤسسات وتآكل كل بنيات البلاد ومنظوماتها مما أضعف الأنساق السياسية وتوابعها واعطانا دولة عرجاء شائهة ان ذات المؤسسات هي الأساس في السياسة الخارجية للدولة وليس مزاج الرؤساء ولذلك ستظل الرؤية نفسها في التعاطي مع قضية فلسطين ورعاية وحماية المصالح الإسرائيلية
إن الدروس المستفادة من تجارب تلك الأمم عديدة تحتاج إلى فهم واستيعاب وتطبيق النافع والمنسجم مع مرجعياتنا والمحقق لغاياتنا واهدافنا متى ما وضعناها وتآلفنا عليها إعمالا للسنن الكونية وإدارة مثلى للتنوع ليصبح قوة وتوظيف الموارد التوظيف الأمثل وتعيين الامناء الاكفاء ويقوِّي ذلك ترسيخ العقيدة الصحيحة وبناء القيم والأخلاق والثقة بالله تعالى واحسان الظن به حتى نعود للقيادة والريادة. والله الموفق

الجمعة
٦جمادى الأولى ١٤٤٦هـ ٨نوفمبر٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى