تقدم تخطط لفرض وصاية دولية على السودان.

" وجه الحقيقه "

✍️ إبراهيم شقلاوي :

من الواضح أن تنسيقية القوى المدنية ‘تقدم’ تمثل توجهاً يسعى إلى تقويض سيادة البلاد بإدخال قوات دولية على حساب القضايا الوطنية الاستراتيجية دون النظر لتاريخ التجربة السياسية السودانية التي ظلت تنأى عن أي مشروعات استعمارية لحكم البلاد أو الوصاية عليها ، ما تقوم به تقدم كان واضحا منذ استدعاء عبد الله حمدوك في يناير 2021 م البعثة الأممية برئاسة فولكر بيرس ما جعل الإجراءات التي ظلوا يقومون بها خلال فترة حكمهم انعكاساً لأجندات خارجية شكلت خطرا على البلاد .

كما ظلت مواقفها السياسية متماهية مع المشروع الأجنبي منذ دخولها النادي السياسي السوداني عقب سقوط نظام حكم البشير ، حتى أدخلوا البلاد في الحرب عبر سيناريو الإنقلاب الفاشل الذي عبر عن خياراتهم المطورة أمام من كانوا يعرقلون تنفيذ الإتفاق الإطاري الذي هو أيضا أحد التجليات الاستعمارية إلى جانب دستور المحامين الذي كانوا يريدون أن يحكموا به البلاد دون تفويض انتخابي ، في أسوأ تجربة سياسية في تاريخ السودان الحديث .

بعد أن فشلت خطة الإنقلاب انتقلوا لدعم تمرد الدعم السريع بصورة مباشرة ووقعوا معه فبراير الماضي اتفاقا في أديس أبابا جعلهم الذراع السياسي حيث كانوا يظنون في ذلك الحين أنه اقترب من حسم الحرب لصالحه ، إلا أن أقدار الله ذهبت بغير ما يشتهون ، بعد أن توحد الشعب السوداني وانحاز إلى قواته المسلحة السودانية لحماية البلاد من المخطط الاستعماري ، بذلك انهارت الخطة الأولى فأصبحت (تقدم) تبحث عن خطة ثانية تحت مبررات حماية المدنيين انهارت أيضا الخطة الثانية الأسبوع الماضي ، عقب انتهاء جلسة مجلس الأمن بسحب قرار الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وبعض الحلفاء الإقليميين مشروع القرار المتعلق بالبند السابع ، الذي ينص على إرسال قوات دولية إلى السودان .

قبيل انطلاق الجلسة بعد أن هددت كل من روسيا والصين باستخدام حق النقض “الفيتو”. وبناءً على ذلك ، أُعلن تأجيل طرح مشروع القرار حتى أكتوبر2025م ، وهو ما اعتبره المراقبون كافياً لتغيير الأوضاع في السودان وربما لحسم الحرب واستعادة الأمن والسلام ، بالنظر إلى العمليات العسكرية الواسعة التي تشهدها كافة المناطق والحصار المطبق على التمرد الذي بدأ يعطي ثماره .

بالرغم من ذلك وفي خطوة غريبة اعتبرها المراقبون سقوط أخلاقي وسياسي جديد لتقدم أعلن أول أمس نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني وعضو أمانة التنسيقية خالد عمر يوسف عبر قناة الجزيرة مباشر عن المطالب التي طرحها رئيس التنسيقية عبد الله حمدوك على المسؤولين في الحكومة البريطانية ومجلس اللوردات التي تقوم على أهمية إرسال قوات دولية لحماية المدنيين وقد أوضح يوسف خلال حديثه أنهم قد التقوا بالمسؤولين في بريطانيا ، التي تعتبر حاملة القلم للسودان في مجلس الأمن الدولي وسترأس الدورة الحالية للمجلس ، لبحث قضايا السودان. كذلك من بين المطالب التي طرحها حمدوك ويوسف كانت طلب إقامة مناطق آمنة في السودان ، يمكن أن تحمي المدنيين وتكون خالية من السلاح والمظاهر العسكرية .

كما طالبوا بحظر السلاح والطيران في البلاد ، وهو موقف يثير الكثير من التساؤلات والاستغراب حول السيادة الوطنية . هذه المطالب تمثل دعوة للتدخل الدولي في السودان ، وهي تعتبر بمثابة الخطة الثالثة لفرض الإرادة الدولية على الشعب السوداني وليس لحمايته كما يزعمون ، من الواضح أن تقدم تريد أن تنفذ أجندة داعميها بأي ثمن حتى لو على حساب سيادة الدولة السودانية تحت لافتة عدم تمكين الجيش من الحكم .

هذا الموقف يشير إلى استمرار الصراع السياسي ويظهر تنسيقية تقدم بانها تسعى لتحقيق أهدافها السياسية على حساب الشعب السوداني من خلال استغلال المحافل الدولية بدعم حلفاؤهم الإقليميين الذين ساندوا إشعال هذه الحرب لذلك يجب على المسؤولين في الحكومة السودانية أن يأخذوا بعين الاعتبار المخاطر والتحديات التي قد تنجم عن الدفع بهذا الملف من جديد داخل مجلس الأمن فإن الاصرار على التدخل الدولي الذي تغلفه تقدم بأنه لصالح المدنيين ماهو إلا سيناريو جديد ضمن السيناريوهات المتعددة التي ظلت تحيكها تقدم لإيجاد موطئ قدم في العملية السياسية في اليوم التالي للحرب بعد أن وصلتهم رسائل الشعب السوداني أنهم مطالبون بالاعتذار عن الحرب ومن ثم الذهاب إلى محاكمات عادلة لدفع الاتهام .

عليه أرى من الضرورة إيجاد حلول محلية للأزمات الداخلية المتعلقة بالحوار السياسي بين الأحزاب السياسية الوطنية دون الاعتماد على الدعم الدولي الذي قد يعرض البلاد للمزيد من الانقسام والصراعات ، كما اؤكد وفقا لوجه الحقيقة أن تجليات الصراع السياسي في بلادنا تكشف عن جوانب مخزية في استخدام الأدوات المتاحة لأحراز النقاط على حساب الوطن والشعب ، فإننا ندعو إلى ضرورة التوافق الوطني لأجل تعافي العملية السياسية ، طالما ظل الأمر كذلك سوف لن تتخلي (تقدم) عن دعمها لتمرد الدعم السريع والاستنصار بالأجنبي كما لن تتخلي الأحزاب السودانية الوطنية عن محاولاتها المستمرة لإخراجها من مستقبل العملية السياسية وبين ذاك وتلك يظل الناشطون يذكون نار الصراح دون النظر لأهمية إستعادة الأمن وتحقيق وحدة البلاد .
دمتم بخير وعافية .
الإثنين 4 نوفمبر 2024م. [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى