قصائد و مقالات
الإصطدام حقيقة

✍️ بلقيس سالم :
أقبل الغلام يعدو كأنّما الريح تحته،
وعيناه مشدودتان إلى هيئةٍ لم يرَ مثلها في الفلاة،
صورةٌ له في المرآة، حسبها ذاتَهُ وقد انفصلت عنه،
تدعوه، فلبّى، وما درى أنها خديعة الزجاج.
فلما دنا، ارتطم بها ارتطام الجائع بالوهم،
سكنت قدماه، وتقهقر نور عينيه،
لم يُطلق أنينًا، ولم تفرّ دمعةٌ من عينه،
بل جلس على الأرض، كأنّه أدرك ما لم تُدركه سنينُ عُمره القصار.
حدّق في الصورة التي لم تتهشّم، لكنها هشّمته،
وتأمّل ما وراء الزجاج:
نفسه… لكن دون روح،
وجهه… دون دفء،
حقيقةٌ تشبهه، لكنها لا تفتح له بابًا.
فعلم أن بعض المرايا لا تُريك إلا ما فات،
ولا تمنحك غير الاصطدام.