ورود الجبل الأخضر.. فصلا يعج بالسحر والجمال..!

✍️/ عبير سيف الشبلية
في أعالي قمم عمان الراسيات، تلك الجبال الصخرية الكبيرة والصغيرة التي تتميز بانحداراتها الشاهقة، وقممها المرتفعة . هناك.. يرتفع الجبل الأخضر شامخا، وهو يقع في المنطقة الداخلية بسلطنة عمان، ويعتبر أعلى الجبال في شبة جزيرة العرب وأكبرها. حيث يبلغ ارتفاعه 10000 عشرة آلاف قدم. وليس التميز للجبل الارتفاع فقط وإنما ما يميز هذا الجبل الطبيعة الساحرة، والمناخ الممتاز حيث لا ترتفع الحرارة في أغسطس عن 25 درجة وأما الشتاء فتحت الصفر.
مدرجات زراعية بديعة، بثوبها الأخضر الزاهي، حيث الثمار الفريدة ، والتضاريس المتنوعة ..فترى المساجد و البيوت القديمة التي تحتفظ برونق ثقافي خاص، لتشكل لوحة فنية جميلة، صاغتها، أياد وأنامل الآباء والأجداد وتوارثها الأبناء والأحفاد مابين وديان وكهوف وعيون وأفلاج .
وفي هذه الأيام تزهر ورود الجبل الأخضر.. فصلا جميلا يعج بالسحر والجمال.. وكما يقال الورد أقرب طريقا للقلب ..!
وتعد زراعة الورد أحد أهم كنوز الجبل الأخضر، ولا تزال أحد أهم مصادر رزق سكان الجبل، الذين امتهنوا سر طهوه، واستخراج ماء الورد المقطر المشهور بجودته وقيمته العطرية والصحية. ويبدأ موسم الورد ، أواخر شهر مارس من كل عام حيث تزدهر الحقول بالورد الدمشقي ، وينتثر على المنحدرات الجبلية المحيطة، ليصل إلى ذروته في شهر إبريل.. فتفوح الروائح الطيبة العطرة في الأرجاء .. ليودع أهالي الجبل الموسم في بدايات شهر مايو.
وتعد صناعة ماء الورد، حرفة تقليدية التصقت بأهالي الجبل الأخضر. إذ يقطف الورد ثم يقطر في مصانع ماء الورد التقليدية التي توارثها الأهالي جيلا بعد جيل . وعلى مدى عقود من الزمن أحتفظ صانعي ماء ورد الجبل الأخضر بسر جودة المنتج وأصالته. لتبدأ رحلتهم بموروث عريق منذ الصغر ، برفقة الأهالي في حقول الورد ومراجل التقطير، لتتشرب عقولهم ومشاعرهم تفاصيل هذه الحرفة التقليدية وتعلم سرها الدقيق. ويصر الأهالي على استخدام الطرق التقليدية في التقطير ، مستعينين بأدوات نحاسية قديمة ، لتعطي ماء الورد نقاء مميزا وعطرا فواح.
طناء الورد بين أهالي الجبل الأخضر، هو مزايدة تقليدية تقام سنويا بين الأهالي في القرى التي تشتهر بزراعة الورد . حيث يقوم أصحاب المزارع بعرض مزارعهم التي تضم أشجار الورد للمزايدة، ليتقدم الراغبون في استئجارها بعروضهم المالية للفوز بحق الدخول إلى المزرعة وقطف الورد ، واستغلاله طوال موسم القطاف باستخراج ماء الورد العماني الشهير، بطرق التقطير التقليدية. وتعد عملية مصدر دخل لكثير من العائلات. وتسهم في تعزيز استدامة زراعة الورد وتدوير منافعها الاقتصادية. ليتحول الطناء من مجرد مزايدة إلى مناسبة اجتماعية تجدد فيها الروابط ، وتعزز فيها الهوية العمانية وقيمها الأصيلة بروح تعاونية ،لتحكي قصة عشق عمانية خالدة .