في مكتب السيد الفاضل محمد حيدر مشيخ…. قرأت الاعلام من جديد!

✍️ روان طلاقي :
في قلب جدة، ، دخلتُ ذات صباح إلى مكتبٍ عبق بالتاريخ والحكمة. لم أكن أدري أن خطواتي تلك ستأخذني إلى حكايات جميلة، رُويت، وتشكلت عبر سنواتٍ من العطاء والتأمل . كان هذا هو اللقاء الأول مع الأستاذ محمد حيدر مشيخ، فلم لم يكن مجرد لقاء… بل بداية لرحلة من الحكايات، من الإعلام، من النُبل.
هو رجل إذا تحدث، أبحرت كلماته بك إلى أزمانٍ رجل لا يروي حدثًا بل يبعث روحًا في ما يحكي. عرفت حينها أنني أمام ذاكرة وطن، وصوتٍ كان وما زال، جزءًا من ملامح الشاشة السعودية.
في جلستنا، لم يكن الوقت عاديًا، بل كان كل لحظة تشبه فصلاً من كتاب : من الاذاعة الى التلفزيون ، إلى القناة الثانية، إلى وفود الإعلام في الخارج، إلى لحظة وقوفه مع الملك فهد -رحمه الله – وهو يحمل أمانة الكلمة والصورة.
كنا نتحدث، رأيت حينها أننا نتشارك في نقطة تشبه القلب: الإعلام. فأنا متخرجة من كلية الإعلام، أحمل شغف الحرف والصوت، وهو الإعلامي المخضرم الذي شقّ طريقه منذ عقود، وأسس البدايات. في تلك اللحظة، شعرت أن للرسالة الإعلامية روحًا، وأنها تعيش حين يسكنها الصدق، وحين تُقال من قلب مؤمن بمسؤوليته أمام وطنه.
تعلمت منه أن الإعلام ليس فقط مهنة، بل هو أمانة ورسالة وبصمة لا تُمحى. حدثني عن برنامج “نور وهداية”، عن الإعلان الذي غيّر مسار حياته، عن سفره إلى أمريكا، عن تأسيسه القناة الثانية، عن النضال الصامت داخل دهاليز الوزارة، عن لقاءاته مع الملوك، عن ذكرياتٍ لا تُشترى، بل تُمنح لمن صدق النية.
لم أكن أمام “رجل المناصب” بل أمام “رجل الرسالة”. لم أتعلّم منه الإعلام فحسب، بل تعلّمت الحكمة، الصبر، وكيف يصبح التاريخ حيًا حين يُروى، رجل ظل شامخًا كجبل أحد . رزين في حديثه، صادق في نبرته، بسيط في جلسته، عميق في أثره.
خرجت من مكتبه وأنا أحمل في قلبي امتنانًا كبيرًا لهذا اللقاء. كنت طالبة في مدرسة الحياة، وفي حضرة إعلاميٍّ أعاد تعريف الإعلام لي، كما لم أره من قبل.
إلى الأستاذ محمد مشيخ، شكرًا لأنك جعلتني أُدرك أن الإعلام يمكن أن يكون طريقًا إلى الوجدان، وإلى التاريخ، وإلى الوطن. لقد تعلمت منك أن الحكمة لا تُكتسب من الكتب فقط، بل من التجربة، وأن الذاكرة لا تبقى حيّة إلا حين تُروى.