قصائد و مقالات

جُنوح أنثى محاربة

✍️ نجفيه حمادة :

ها أنتِ ذا، أيَّتُها الأنثى العنيدة، التي استطاعت إخمادَ الحرائقِ، ونفثَتْ رمادَ حرائقِها، لتصنعَ قلادةً ماسيّةً حولَ عنقِها، ليصعُبَ كسرُها، ووجدتْ في أنينِ خلجاتِها طفلًا ساخرًا، يُخرجُ ضحكاتٍ مستفزّةً، يُرسلُ إلى مسامعِها:”كوني قويّةً، صعبةَ الكسرِ، وارمِي قهقهاتٍ مدوّيةً في وجهِ ذاك المُسمّى ألمًا، فما هو سوى متعجرفٍ، يريدُ سرقةَ ضوئِكِ الساطعِ، لا تنحني له، وتُطلقي شرَّهُ يسرحُ في عالمِكِ.هل نامتْ ذاكرتُكِ حقًّا؟ فأنتِ هي نفسُها، تلك التي خرجتْ من كلِّ معاركِها واقفة، وبنيتِ قلاعَكِ المُحصَّنةَ، لكلِّ لاجئٍ سِواكِ، يا أيّتها الساذجة، أنتِ الوحيدةُ التي استطاعت الوصول، وخلقتْ جيشًا لا يعرفُ الهزيمةَ، وكلُّ جيشٍ يريدُ قائدَة، فلن ينتصرَ دون توجيهِكِ، يا مناضلة.ألا تخجلين من سطوعِ الشمسِ في وجهِ الظلام، وأنتِ مختبئة؟ قِفِي، وحاربي، فما الاستسلامُ إلّا سِمَةُ الضعفاء، ولا تجعلي أعينَ الأملِ تترقّبُ قربَكِ، فلم ولن تكوني شخصيّةً متداعيةً، ولن يُباغتكِ خبثُ جاحدٍ، أراد وصمَ فؤادِكِ، ففتحَّتِّ بابَكِ مُشرعةً.ما بالُكِ، عَزيزَتي؟ أَجْفانكِ هَذْلَة؟ أَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ كُلَّ هذِهِ الدُّمُوعِ الجارِفَةِ، مَحَطَّةُ اسْتِراحَةٍ، بَلْ هِيَ مُكَافَأَة، وَحَظُّهُمْ العاثِرُ تَكَوَّمَ في يَدِ مُقاتِلَة عُباهِرة، اسْتَيْقِظِي وَافْتَحِي عَيْنَيْكِ، وَاركُضِي نَحْوَ الَّتي تَتَرَقَّبُكِ مُنْتَظِرَة، ارسمي جُدْران مَدينَتِكِ خِلْسَةً، شَمْعَةً، وَخُطِّي حَوْلَها، آتِيَةً بِكُلّ قوتي، يا هٰذا، فَقَط انْتَظِرْ، وَسَتَرَى.وَاسْتَدِيرِي لِرُكامِ الزَّمَنِ الضّائِعِ، قائِلَةً: “سَأَصْنَعُ ذِكْرَياتٍ مُبْهِرَةً، فَكُلُّ أَزْهاري تُسْقى مُتَأَخِّرَة”.

عبدالله الحائطي

المشرف العام و رئيس التحرير لصحيفة الآن

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى