قصائد و مقالات

قراءة في عاشقة لقصة ( البيت المهجور)

القاص سعيد رضواني :

✍️ عبد السلام بوكورات :

ما أثارني اثناء قراءتي لقصة ( البيت المهجور ) كونها لعبة سردية جميلة وممتعة ذات بعد تأملي فلسفي عميق يحاول من خلالها الكاتب استدراج القارئ للمشاركة والتأمل في موضوع [ دورة الحياة وإمكانية الزمن].
القصة يستعرض فيها السارد حياته عبر مراحل عمرية يتشابك فيها الماضي والحاضر والمستقبل ، و هي رحلة يعبر فيها عن مشاعره وأحاسيسه تجاه ” دورة الحياة و الزمن” وكيف يؤثر هذا الأخير على نفسه وتصوره للوجود ، وبالتالي فهي رحلة وجودية تبدأ بالولادة وتنتهي بالموت وتتخللها تجارب ومحطات وخبرات تشكل شخصية الإنسان وذاته ورؤيته وتصوره لنفسه وللعالم الذي يحيط به. هي دورة مستمرة حيث الحياة فيها تتجدد وتتكرر بحيث يعيش فيها الأفراد والكائنات ويموتون وتستمر الحياة من خلال الاجيال المتعاقبة. أما الزمن في النص ، فيبدو وكأنه أشبه ببيت العنكبوت، ويمكن وصفه بالزمن العنكبوتي لانه متشابك إلى أبعد الحدود، ومؤثر لانه يلعب دورا حاسما في تشكيل حياة الأفراد والسماعات مثل العنكبوت الذي يبني شبكته ليوقع فيها فريسته.
ولجعلها رحلة تأملية ممتعة ، اعتمد فيها الكاتب على مجموعة من الوسائل التعبيرية طبعت مجمل أعماله السردية ونذكر منها :
* الوصف الشاعري حيث اعتمد لغة شعرية جميلة لوصف الأماكن والكائنات والأحاسيس مما يجعل القاريء يشعر بجمال الصورة وعمق أبعادها . فالسارد مثلا يعبر عن أحاسيس مختلفة مثل الرتابة والقنوط والتذمر، وايضا الحيرة واليأس والخوف .. ويبدو أن هذه الأحاسيس تنبع من تجربة السارد مع الزمن، ودورة الحياة وكيف يؤثر ذلك على تصوره لنفسه وللعالم..
*الرمزية وذلك باستعمال رموز مختلفة كالعصا مثلا والتحولات التي طرأت عليها عبر المراحل العمرية المختلفة ، فهي مستقيمة لأنها ترمز للطفولة ومعوجة معقوفة لتشير إلى الشيخوخة والجسد الواهن. الأماكن مثل الزريبة والحوش والبيت قد ترمز الى مراحل عمرية متعددة متشابكة ، أما الكائنات مثل الطيور والحيوانات والنمل فهي تحيل على الحياة والحركة والتغير ( التحول)…الخ.
* التاظر والتباين بين الصور ( عصا مستقيمة/ عصا معقوفة ، يد متغضنة/ يد غضة ، عجل أحمر/ عجل أسود/ ثور ، جرو/ كلب ، فهذه التباينات تعكس التحولات التي تطرأ على الحياة مع مرور الزمن…
*التكرار في وصف الأماكن والكائنات للتعبير عن الرتابة والتكرار في الحياة.
* التأمل الفلسفي للتعبير عن تصوره للزمن ودورة الحياة…
هي أساليب تعبيرية من بين أخرى وظفها الكاتب للتعبير عن تصوره لدورة الحياة وعنكبوتية الزمن، وجعل القصة أكثر تأثيرا وعمقا….
دورة الحياة والزمن، في اعتقادي، هو موضوع شغل ولا زال يشغل بال الادباء والفلاسفة لان الحياة في عمقها رحلة إنسانية طويلة وشاقة حيث يواجه فيها الفرد تحديات وصعوبات جمة ، وتجربة إنسانية غنية يعيش فيها الأفراد لحظات سعيدة وأخرى حزينة ، والادباء باهتمامهم هذا يحاولون فهم الغرض من وجودهم وتجربتهم الإنسانية…
” الزمن هو عدو الإنسان، لكنه أيضا صديقه” كما يقول ج.ب.سارتر. وهو ” سيدنا ونحن عبيده” كما قال ارسطو.
و” هو لغز يجب أن نحله كل يوم” عند أهل. كامو.

عبدالله الحائطي

المشرف العام و رئيس التحرير لصحيفة الآن

اترك تعليقاً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى