هل تقبلين بالرجوع

✍️ صالح الريمي :
الزواج رباط وثيق، وميثاق غليظ، وشرع لاستمرار الحياة واعمارها ولا يكون إلا بصلاح الزوجين، واستقامتهما على طاعة الله تعالى، ولا تخلو الحياة الزوجية من المنغصات والمكدرات، ومن ظن أن الحياة الزوجية تخلو من المشكلات فهو حالم، ولهذا مدح الله المؤمنين، فقال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)، وكيف ستكون المرأة قرة عين الرجل إذا لم تستمر معه بحسن التبعل، وقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
في إحدى الدول العربية قرر رجل عودة طليقته إلى عصمته بعد طلاق دام أربع سنوات بسبب منشور كتبته طليقته على الفيس بوك تخطب وده، وكان على يقين أنه موجه له، وبحسب المعلومات التي رواها الزوج نفسه قائلًا: بعد أن قررت الانفصال عن زوجتي بسبب عدة مشكلات حصلت بينا، وكان طلاقًا ناجحًا، حيث اتفقت مع طليقتي بحل ودي بالانفصال مع مرعاة الواجب تجاه طفلتي التي كانت مولودة حديثًا في حينها، حيث كان اتفاقنا على بقاءنا كأصدقاء في محاولة بعدم إنقاص أي مشاعر أسرية على الطفلة الصغيرة، وهو ما حصل.
وبعدما فترة من الزمن كتبت طليقتي منشورًا على صفحتها الخاصة تدغدغ فيها مشاعري، حيث قالت:
“حاولت وحاولت مرارًا ونكرارًا أن أعتبرك صديقًا لي، ولكني فشلت فأنت أول شخص دخلت قلبي واستملكته، وأنت من جعلتني أم لأجمل طفلة كل ما أراها أتذكر تعابير وجهك عند قدومها لهذه الدنيا ووعدك لها بأن تكون أسعد فتاة هي وأمها، أعلم أنني أخطأت وأخطأت بعصبيتي وشقاوتي معك، ولكن لم أكن يومًا أرغب في جعلك حزينًا أو أكون سبباً في بعدنا، لا أستطيع أن أبعد عن رأسي فكرة ارتباطك بأخرى.
فأنت حلمي الجميل الذي أغفو كل ليلة على أمل عودتك، إنتظرتك لسنوات حتى تعود، والآن علمت أن تلك السنوات كانت أصعب أيام حياتي والقادم أصعب وأصعب، ومع ذلك أعذرك وأتمنى لك من كل قلبي الخير وعلي أن أتحمل نتيجة أخطائي..
ثم انهالت التعليقات من الأصدقاء على المنشور بالدعاء لنا بالاستقرار و بالمستقبل، وكنت أنا أحد المعلقين، كتب فيه: “هل تقبلين أن توجهي دعوة لطفلتي الصغيرة بأن تقبل حضور حفل زفافنا الذي غابت عنه”، بعدما تم رجوع طليقتي إلى عصمتي والحمدلله.
*ترويقة:*
أكبر مشكلة يواجهها الزوجين عند الخلاف عدم وجود الناصحين الحكماء في كثير من حالات أسباب الخصومات والنزاع والفراق والطلاق للتدخل للإصلاح، وقد قرأت دراسة محلية قبل فترة من الزمن، أن 50% من حالات الطلاق في إحدى المدن تقع قبل دخول منزل الزوجية، وفي بعض المحافظات وصلت نسبة الطلاق إلى 62%، وربما حصل هذا لأسباب تافهة، مثال ذلك عندما أحضرت زوجة لزوجها علبة عصير، فأمرها بفتحها فرفضت فأصر هو، وركبت رأسها هي، وانتهى الصراخ إلى الطلاق، وتشاجرت أخرى مع زوجها فلم تطبخ له طعامًا انتقامًا منه، فلما عاد ولم يجد غداءه جاهزًا قام وطلقها.
*ومضة:*
قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا)، جعل الله نية الحكمين الصالحة لها الأثر الكبير في حصول النتيجة في حل الخلاف بين الزوجين، (إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا)، أي: الحكمان، (يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا) أي: بين الزوجين، فانظر لتأثير النية الحسنة على العلاقة.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*