قصائد و مقالات

فن إدارة الوقت و تحديد الأولويات

✍️ أحلام أحمد بكري :

المعلم الأول للبشرية هو الله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) العلق (5) وذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم بأنه خلق السماوات والأرض في وقت مُحدد في قوله تعالى:(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (54) الأعراف.
قال سعيد بن جبير : كان الله – عز وجل – قادراً على خلق السماوات والأرض في لمحة ولحظة ، فخلقهن في ستة أيام تعليماً لخلقه التثبت والتأني في الأمور..

هذا أول درس من الله سبحانه وتعالى في فن إدارة الوقت:”التأني والتثبت والدقة وتقدير الوقت وتحديد الأولويات”..

أولاً: خلق الله السماوات والأرض في (ستة) أيامٍ ، وقد ورد هذا أيضاً تفصيلياً في سورة فصلت قال تعالى: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ )[9]
وفي قوله تعالى:(فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) [فصلت:12].
إذاً بدأ بخلق الأرض في (يومين) ، وخلق السماء في (يومين) ، ثم دحا الأرض في (أربعة) أيامٍ ، قال تعالى: (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا ، أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ، وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا)[النازعات:30-32] ، فخلقها ودحوها في أربعة أيامٍ ،
قال تعالى :(فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ)[فصلت:10]
فهذه (ستة) أيامٍ..

ثانياً: استوى الله جلّ جلاله إلى السماء بعد خلق السماوات والأرض ، هذا الأستواء بمعنى العلو والارتفاع والجلوس على العرش ، ليست دلالة على التعب حاشاه سبحانه وتعالى فهو قادراً على خلق كل شيء بلمحة واحدة ، ولكن الأستواء والجلوس على العرش دلالة على أن الله فرغ من الأولويات في وقت قياسي محدد ومُنظم ، ثم بعد ذلك سيبدأ بالأمور الثانوية ، من خلق وأمر بذات الوقت ﴿ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (54) الأعراف.
أَيْ: يَأْتِي اللَّيْلُ عَلَى النَّهَارِ فَيُغَطِّيهِ وَيُغْشِي النَّهَارُ اللَّيْلَ ، فَقَالَ تعالى: ﴿ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ ﴾ [الزُّمَرُ: 5]، ﴿ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً ﴾، أَيْ: سَرِيعاً ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يعقب أحدهما الْآخَرَ وَيَخْلُفُهُ، فَكَأَنَّهُ يَطْلُبُهُ. ﴿ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ ﴾ ، خَلَقَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُسَخَّرَاتٍ ، أَيْ: مُذَلَّلَاتٍ ﴿ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ﴾ ، لَهُ الْخَلْقُ لِأَنَّهُ خَلَقَهُمْ وَلَهُ الْأَمْرُ يَأْمُرُ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ ، تَبارَكَ اللَّهُ، أَيْ: تَعَالَى اللَّهُ وَتَعَظَّمَ. وَقِيلَ: ارْتَفَعَ. وَالْمُبَارَكُ الْمُرْتَفِعُ. وَقِيلَ: تَبَارَكَ تَفَاعَلَ مِنَ الْبَرَكَةِ وَهِيَ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ..
هكذا يعلمنا الله إدارة الوقت وتحديد الأولويات عبر خلق السماوات والأرض وما بينهما من خلق الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم ، فسبحانه بديع السماوات والأرض..

تنظيم الوقت وتحديد الأولويات من المهارات الأساسية للنجاح في الحياة العامة وأكبر تنظيم للوقت بشكل علمي وعملي الصلوات الخمس المفروضة على المسلم خلال الأربع والعشرين ساعة ، فإن أستطعت القيام بها والمحافظة والمداومة عليها فستكون بارع في إدارة الوقت وتحديد الأولويات في شتى مجالات حياتك..

وهذه خطوات عملية لمساعدتك في إدارة الوقت وتحديد الأولويات:
١- حدد أهدافك بوضوح من خلال:
– وضع أهداف قصيرة المدى ، وطويلة المدى (يومية ، أسبوعية ، شهرية ، سنوية).
– يجب أن تكون الأهداف محددة (مثال:أريد قراءة كتاب ، أو أريد قراءة عشرين صفحة يومياً).
– يجب أن تكون الأهداف قابلة للقياس (كم؟ كيف؟).
– يجب أن تكون الأهداف ممكنة التحقيق (واقعية).
– يجب أن تكون الأهداف مرتبطة بغاية (لماذا تريد تحقيقها؟).
– يجب أن تكون الأهداف محددة بزمن (مثال: “في شهرين”).

٢- استخدم أدوات التخطيط مثل :
– استخدام مفكرة أو تقويم رقمي (Google Calendar، Notion، Todoist).
– استخدام قوائم المهام (To-Do Lists) مرتبة حسب الأهمية.
– استخدم طريقة الأرباع (Time Blocking) بتخصيص فترات زمنية محددة لكل مهمة.

٣- رتب أولوياتك من خلال (مصفوفة أيزنهاور) بتقسيم المهام إلى أربع فئاتٍ:
⁃ عاجل/مهم ، افعلها الآن.
⁃ غير عاجل/مهم ، خطط لها لاحقاً.
⁃ عاجل/غير مهم ، فوضها لشخص آخر إن أمكن.
⁃ غير عاجل/غير مهم ، تخلص منها أو أجلها.

٤- تجنب التسويف (المماطلة):
– ابدأ بالأصعب أولاً:
– قسّم المهام الكبيرة إلى خطوات صغيرة.
– استخدم تقنية بومودورو (25 دقيقة عمل + 5 دقائق راحة).

٥- قلّل المشتتات:
– عطّل إشعارات الهاتف أثناء العمل.
– خصص أوقاتاً محددة للرد على الرسائل.
– استخدم تطبيقات مثل:(Freedom – Forest) للتركيز.

٦- راجع و قم بتعديل المهام في نهاية كل يوم أو أسبوع ، وقيّم ما أنجزته و ما يمكن تحسينه ، كن مرناً وأعد جدولتك عند الضرورة.

٧-اعتنِ بصحتك من حيث النوم الجيد ، التغذية ، وممارسة الرياضة ؛ كي تزيد إنتاجيتك ، خذ فترات راحة لتجنب الإرهاق.

وأخيراً خذها قاعدة أساسية (لا تهدف إلى الكمال ، ليكن هدفك التقدم المستمر حتى لو أنجزت 60% من خطتك ، فهذا أفضل من لا شيء)
يقول الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه:”الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك”..

كلما كانت قدرتك على إدارة الوقت وبراعتك في تحديد الأولويات كبيرة ، كنتَ أكثر سعادة ورضا في حياتك بشكل عام..
………

عبدالله الحائطي

المشرف العام و رئيس التحرير لصحيفة الآن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى