التعصب الرياضي

✍🏼 عبدالله القرشي :
كرة القدم ليست مجرد لعبة تُمارس على المستطيل الأخضر، بل هي شغف يجمع ملايين القلوب ويحرّك مشاعر جماهير غفيرة. وفي المملكة العربية السعودية، تتصدر أندية الأهلي والاتحاد المشهد الكروي، حيث يمثلان أحد أكبر الفرق جماهيرية وتاريخياً. لكن مع الأسف، برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة سلبية تهدد روح التنافس الشريف، ألا وهي التعصب الرياضي.
أشكال التعصب الرياضي
في السنوات الأخيرة، بدأ التعصب بين جماهير الأهلي والاتحاد يأخذ أشكالاً متعددة، تتراوح بين السخرية والاستهزاء، وصولاً إلى التجاوزات اللفظية والإساءات الشخصية، سواء في الملاعب أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل وحتى إلى صراعات داخل المجتمع.
جذور التعصب الرياضي بين الأهلي والاتحاد
التعصب الرياضي لا يظهر فجأة، بل هو نتيجة لعوامل متعددة تراكمت عبر السنين. التنافس التاريخي بين الأهلي والاتحاد يمتلك إرثاً طويلاً من التحديات والمباريات القوية التي تحظى بمتابعة إعلامية محلية وخليجية وعالمية، مما يُغذّي التوتر بين الجماهير.
التحفيز الإعلامي أيضاً يلعب دوراً بارزاً في تأجيج التعصب، حيث يعمد بعض مقدمي البرامج الرياضية ووسائل الإعلام إلى تضخيم الصراعات الجماهيرية، بالإضافة إلى بعض التغريدات الاستفزازية التي تدفع الجماهير إلى الرد بانفعال.
منصات التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك، وخاصة المساحات النقاشية في تويتر، أصبحت ساحة للتعصب والإساءات المتبادلة والتقليل من إنجازات الأندية المنافسة ورموزها.
آثار التعصب على الرياضة والمجتمع
التعصب الرياضي يحمل العديد من الآثار السلبية التي تمتد لتؤثر على الفرد والمجتمع. الرياضة قائمة على المنافسة الشريفة وقبول النتيجة، سواء كانت فوزاً أو خسارة، لكن التعصب يحوّل الخسارة إلى سبب للعداوة، والفوز إلى وسيلة للتشفي.
كما أن التعصب بين الجماهير ينعكس سلباً على أداء اللاعبين داخل الملعب، حيث يزداد الضغط عليهم بسبب أجواء التوتر التي تُخلق من قبل الجماهير.
كيف نواجه التعصب الرياضي؟
الحد من التعصب الرياضي يتطلب تعاوناً مشتركاً بين الجهات المختلفة. وغرس مبادئ الروح الرياضية يُعد أحد الحلول المهمة، من خلال تعزيز هذه القيم في المدارس والمجتمع. تنظيم لقاءات تجمع اللاعبين ومسؤولي الإعلام من الفريقين قد يُساهم في التأكيد على أن التنافس داخل الملعب فقط، وبعد المباراة نحن أصدقاء وأبناء حي واحد.
دور الإعلام الرياضي محوري في معالجة هذه الظاهرة، إذ يجب أن يكون محايداً ويتجنب الأساليب الاستفزازية التي تشعل الجماهير.
تطبيق العقوبات الصارمة على كل من يُسيء للجماهير أو ينشر الكراهية سواء في الواقع أو عبر الإنترنت يُعد خطوة ضرورية للحد من التعصب.
على النجوم أن يكونوا قدوة في أخلاقهم، وأن يبتعدوا عن التصريحات أو التصرفات المستفزة داخل وخارج الملعب، مع التركيز على اللعب النظيف والمنافسة الشريفة.
تنظيم حملات توعوية من خلال الأندية ووزارة الرياضة ووسائل الإعلام والمدارس، لتبني شعار: “الرياضة تجمعنا ولا تفرقنا”، يُعد جزءاً مهماً من الحل.
رؤساء روابط المشجعين عليهم مسؤولية كبيرة في الابتعاد عن الهتافات المستفزة، والعمل على تصميم “تيفوهات” تحمل رسائل إيجابية تفيد النادي والمجتمع.
خاتمة !!!
الرياضة يجب أن تكون جسراً للتواصل، وليست وسيلة للفرقة. التعصب الرياضي، خاصة بين جماهير ناديين بحجم الأهلي والاتحاد، إن تُرك دون مواجهة فكرية وتربوية، قد يتحول إلى ظاهرة خطيرة.
لا أحد يمنعك من حب ناديك والدفاع عنه، لكن هناك فرقاً كبيراً بين الانتماء والتعصب، وبين الشغف والعداوة.
لذلك، لنرفع جميعاً شعار: “الرياضة تجمعنا ولا تفرقنا”.
مقال ممتاز ورائع