ولو كان مازحًا

✍️ صالح الريمي :
من جمال ديننا الإسلامي أنه دائمًا يحرص على إشاعة أجواء الطمأنينة والسكينة والراحة، والأمن النفسي في المجتمع، فلا يحل لأحد أن يروع أخاه المؤمن أو أن يعكر عليه أمنه وطمأنينته، فمن حقوق الأخوة بين المسلمين ألا يخيف أحدهم الآخر متعمدًا ولو كان مازحًا .
في مقطع الفيديو شباب طالعين كشته في البر، وبينما هم جالسين متسامرين بالحديث الأخوي، قام أحدهم خفية ولبس شيئًا لايخافهم، وكان قصده المزح لا أكثر، انظروا كيف قام الشباب مهرولين خائفين من هذا الموقف المروع، تخيلوا لو أن قلب أحد الأصدقاء توقف ومات من شدة الخوف!! من سيدفع ديته وعليه صيام شهرين، وعليه الإثم؟ وإلى متى هذه السخافات أن تنتشر بين الشباب؟
ترويع الناس وتخويفهم ظلم وتعدِ ظاهر، وهو محرم في كل الأحوال، واعتبر الشرع ترويع المسلم واخافته من مداخل الشيطان لكي لا تقع العداوة والبغضاء بين الناس وتفسد بينهم مصالحهم، فحرم كل ما من شأنه إفساد العلاقات وإيقاع الشر، وقد عده بعض العلماء من الكبائر عندما تكلموا في قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن أشارَ إلى أخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حتَّى يَدَعَهُ، وإنْ كانَ أخاهُ لأَبِيهِ وأُمِّهِ)..
ديننا الإسلامي الحنيف دين الأمن والسلام والراحة، والأمر بحسن الخلق مع جميع الناس، ولا يكون الترويع فقط بالكلمة، بل بغيره من إشارة أحدٍ نحو أخيه بالسلاح أو بحديدة أو بغيرها، أو بأخذ متاعه وما يخصه، أو ترويع الآمنين سواء عن طريق الإيذاء الحسي أو المعنوي، لما فيه من إدخال الضرر والأذى عليه.
*ترويقة:*
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾، وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا)، فالحديث فيه نهي شديد عن ترويع المسلم سواء كان هزلًا أم لعبًا! وقال المُناوي تعليقًا على الحديث: لا يحلُّ لمسلمٍ أنْ يُروّعَ بالتشديد أي: يُفزع مُسلِمًا وإنْ كان هازلًا، كإشارته بسيف أو حديدة أو أفعى أو أخذ متاعه فيفزع لفقده؛ لما فيه من إدخال الأذى والضرر عليه.
*ومضة:*
قال صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ)، هذا الحديث فيه تشريع لقانون الأمن العام لجميع أفراد المجتمع، حتى لا يكون أحدهم سببًا في ترويع الآخرين بأي صورة من الصور كانت.
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*