قيمة الجيران ! في الأحزان والأفراح

✍️ د_ سلطان الراشد :

المتمعن في نصوص الشريعة من الكتاب والسنة يقف على أنها جاءت بالوصية بالجار ، والتأكيد على حقه ، فقال تعالى : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ) النساء/ 36 .
وروى البخاري (5185) ، ومسلم (47) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِي جَارَهُ ) .
وروى البخاري (6015) ، ومسلم (2625) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ ) .
وكنت في نفسي حقيقة أقف كثيراً عند مسألة وصية جبريل عليه السلام ” أمين السماء ” وهو ينقل هذه الوصية للنبي عليه الصلاة والسلام ” أمين الأرض ” ثم يكاد الأمر يبلغ أن يظن نبينا عليه الصلاة والسلام أن يصل الأمر إلى توريث الجار بعد موت جاره !
الله أكبر أي منزلة هذه وما أكبر حق الجيران على بعضهم بهذا الإعتبار .
وحقيقة ناطقة تقول بأن الرجل العاقل الحصيف الفطن إذا تفكر في مثل هذه النصوص وسمع الحكايات التي تروى في قيمة الجوار ومكانة الجار وسمع القصائد التي نطق بها الشعراء والأدباء مدحاً وإظهاراً لمكانة وقيمة الجيران وحقوقهم ومواقفهم ثم تفكر في واقعنا اليوم وقف على هذه القيم وهذه المكانة وهذه الحقائق التى نادى بها الشرع الحنيف وحث عليها ورتب عليها الأجور العظيمة .
واليوم ولله الحمد وقد أمنتا الله وعافانا وأغنانا في بلادنا والفضل له سبحانه ثم لولاة أمرنا مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سلمه الله وسمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله وحكومتهم الرشيدة .
وقد أصبحنا قبيلة واحدة ومجتمعاً واحداً متكاتفاً على قلب رجل واحد في أمن وإيمان وسلامة وإسلام واستغنى الجميع ولله الحمد في هذا الوطن المعطاء الكريم أهله .
ظهرت قيمة ” الجيران ” و” الجوار ” في أبهى صورها من خلال الإجتماع بين أهل الحارة الواحدة في الصلوات المكتوبة في مسجد الحارة ومن خلال ” مجموعات ” في الهاتف الجوال وكذلك من خلال ” إثنينيات ” تعقد في الحارة يتناوب فيها الجيران على تقديم القهوة والشاي ويجتمعون على ” المقسوم ” و” حاضر العرب ” يتناقشون ويسألون عن أحوال بعضهم البعض .
ويساعدون من هو في حاجة لمساعدة ، يزورون المريض ويتبعون الجنائز ويحضرون الأفراح والمناسبات السعيدة وكأنهم أسرة واحدة وهم كذلك .
وقد رأيت شيئاً من ذلك وعشته خاصة في الأيام الثلاث التي أعقبت ” وفاة والدتي ” رحمها الله نشمية بنت رومي القنيصي المطيري عاملها الله بلطفه وإحسانه .
حمدت الله كثيراً أن حباني الله مثل هؤلاء الجيران وهذا والله من السعادة في الدنيا ومنا يعين على طاعة الله والتعاون على البر والتقوى التي أوصى بها ربنا سبحانه .
وموقف جيراني الذي خفف عني كثيراً بوقوفهم معي والذي كان بحق مواقف الأبطال .
ولساني يدعوا لهم وقلبي يلهج لله بأن يوفقهم ويدلهم على كل خير وهدى وأنا أردد في نفسي أبيات عكاش العتيبي :/
مايجعل الأحرار مثل المماليك
إلا معاريف الرجال إبعضها .
هنا يقف القلم لأخلص معكم إلى أن بعض جيرانكم أقرب لكم من بعض أرحامكم فادمحوا زلة الجار وتقربوا من جيرانكم شاركوهم أفراحهم وأحزانهم وتفقدوا أحوالهم وكونوا عباد الله إخواناً .
وتذكروا أن حق الجار في الشرع على ثلاث مراتب: أدناها كف الأذى عنه، ثم احتمال الأذى منه، وأعلاها وأكملها: إكرامه والإحسان إليه. المرتبة الأولى وهي كف الأذى عنه، فهي أقل ما يجب على الجار تجاه جاره، فإنه إذا لم يحسن إليه، فلا أقل من أن يكف أذاه عنه.
هكذا فليكن جواركم ليرضى عنكم ربكم والحمد لله رب العالمين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى