وما عند الله باقٍ

✍️ صالح الريمي :

إلى الله مرجع الخيرات فهو المنعم أولًا وآخرًا، فما من أهلٍ ولا ولدٍ ولا عشيرة، ولا كريم صحبةٍ، ولا جيرة، ولا حَشَمٍ ولا خَدَم، ولا مالٍ به يُتَمَوَّل، ولا لباسٍ به يُتَجَمَّل إلا وله بها على كل إنسان سبحانه الفضل والإفضال، وبه سبحانه دوامها والمدُّ بها في صغير وكبير الأحوال..
وقد ابتدأنا تعالى بجميله المتأَثَّلا، لكن ما عندنا ينفد لولا إمداده جل وعلا، وما عند الله باقٍ جزاءً مؤثَّلا، ومن أمسك فالإمساكُ جزاؤه، ومن أعطى فمن الله عطاؤه، فمالُك ما قدمت، ومالُ وارثك ما أخرت، ولَكَ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، ومن يبخل فإنما عن نفسه يبخلُ، فالمال مال الله، والخلق عيال الله.

من هذه المقدمة أنقل لكم حكاية من قديم الزمان أنّ إمرأة ضاقت أحوال زوجها، فذهبت إلى رجل ميسور الحال وطرقت الباب، فخرج أحد الخدم، وقال لها ماذا تريدين؟ فقالت أريد أن أقابل سيدك، فقال من أنتِ؟ قالت أخبره أنني أخته، الخادم يعلم أن سيده ليس عنده أخت فدخل وقال لسيده: امرأة على الباب تدعي أنها أختك..
فقال: أدخلها، فدخلت فقابلها بوجهٍ هاشًّا باشًّا وسألها من أي إخوتي يرحمك الله؟ فقالت أختك من آدم، فقال الرجل الميسور في نفسه، امرأه مقطوعة والله سأكون أول من يصلها، فقالت: يا أخي ربما يخفى على مثلك أن الفقر مُرُّ المذاق ومن أجله وقفت مع زوجي على باب الطلاق فهل عندكم شيئًا ليوم التلاق؟ فما عندكم ينفذ وما عند الله باق.

قال: أعيدي، فقالت: يا أخي ربما يخفى على مثلك أن الفقر مرُّ المذاق ومن أجله وقفت مع زوجي على باب الطلاق فهل عندكم شيئًا ليوم التلاق؟ فما عندكم ينفذ وما عند الله باق..
قال: اعيدي، فأعادت الثالثة ثم قال في الرابعة: أعيدي، فقالت: لا.. أظنك قد فهمتني، وإن الإعادة مذلة لي وما اعتدت أن أذل نفسي لغير الله، فقال: والله ما أعجبني إلا حسن حديثك ولو أعدت ألف مرة لأعطيتك عن كل مرة ألف درهم، ثم قال لخدمه: أعطوها من الجمال عشرة ومن النوق عشرة ومن الغنم ما تشاء ومن الأموال فوق ماتشاء، لنعمل شيئًا ليوم التلاق فما عندنا ينفذ وما عندالله باق.

*ترويقة:*
رسالة لكل ميسور الحال اليوم أنظر إلى حال وضْع الكثير من الأسر، فحالهم لا يعلم به إلا الله جبار السموات! وكم من امرأةٍ تشبه تلك المرأة؟ وكم من طفلٍ عارٍ وجائع، اتظنوا أنّ مالكم لا ينفذ؟
تصدقوا عليهم وتفقدوا أرحامكم وأقاربكم وجيرانكم، واسألوا عن المحتاجين يخلف الله لكم الخير الكثير، فلو وقف الميسورون جميعًا مثل وقفة هذا الرجل مع تلكم المرأة لما وجد جائع في يومنا هذا.

*ومضة:*
قال تعالى: ﴿مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، اللهم فرج هم المسلمين وارزقهم الرزق الحلال الطيب المبارك فيه ووسع عليهم مع رضاك وألِّف بينهم يا رب العالمين.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى