مع العملاق فهد دوحان !

✍️ د_ سلطان الراشد :

كنا نقول من ” محاسن الصدف ” التقيت فلان ، والحقيقة أن ذلك خطأ فليس الأمر كذلك بل كل شيء بقدر ” .
قال الله :- إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) القمر .
فنقول قدر الله وماشاء فعل ، أو ذلك تقدير العزيز العليم .
ليلة من ليالي العمر ، وليلة بألف ليلة عندما يتناغم الشعر مع الدين مع الأخلاق والتطلعات والرؤى والواقع والمستقبل والتصورات ويكون الذي تتحدث معه الشاعر الكبير العملاق فهد دوحان !
يحدثك عن طفولته وبداياته ليقول لك :-
كبرت من غير ما ادري، والعمر توه
هي صورتي ذي او احد واقف خلافي
الشيب عشب نبت ووسمه قبل نوه
ولا عاد يمدي المرايا، تدفن الخافي
ليت الولد كمّل الدنيا.. على الدوه
ينبت عليه الندى والعشب، وهو غافي
وإن غمض عيونه، ونام، وطفى ضوه
تلعثم النور فنجوم السما الصافي
عذب تشيطن ملاكه، ،امتلا جوه
وارتجت الارض فيه، ورد لأطرافي
هذا هو اليوم ” فهد دوحان ” بعد مايقرب من الأربعين سنة !
ثم تراه يتحدث بلسان العالم المتبحر ويقف معك على دقائق المسائل بأسلوب العلماء وطريقة طلاب العلم في البحث والإستدلال والإستقراء وتحرير المسألة والحكم الشرعي عليها .
ثم يعرج بك على الشعر وفنونه ومفرداته وهذا ” بحره ” ومجاله وهو الغواص الماهر الذي يأتيك منه ” بالدرر ” .
ويستعرض لك ومعك تاريخ حقبة تاريخية شعرية من ثمانينات هذا العصر تألقت فيها المشاعر والأحاسيس من ” طلال الرشيد ” إلى سليمان الفليح الى ” سليمان المانع ” الى متعب التركي الى ناصر القحطآني الى بدر الحمد الى فلاح الفاضل وغيرهم وغيرهم .
‎قالوا عنه زملائه فهد دوحان، ممتد من تاريخ طويل، يرتب لدخول المعرفة والشعر أبواب ساحة طيبة لتشعر بالحياة التي يهب الشعر الحقيقي مساحتها أفقاً أجمل ويقودها إلى أراضٍ بكر تتنفس الشعر الذي كتبه الغيم بطهر روحه ليرمينا بالنقاء من كل صوب، وكل غيمة تترك الأرض الموشى وجهها بالجدب، من أصغر تجاعيد العطش لأقصى نهايات الدعاء.
‎بلحظة استسقاء:
‎يا رب
‎يارب الحبايب والمطر والحلم والعمر اللي راح !!
‎يارب قلبي المستباح !!
‎فعلا عظيم انك تكون انسان في هذ الركام
‎اللي تنامى فوق جلدك / خارجك مثل الجذام
‎وكنت تبذر داخلك كل الوجوه الطيبة
‎وترد تحصدها كثير من البكا المر اللذيذ العذب
‎والحزن المباح !
ثم يتكلم ” هو ” عن فهد دوحان الإنسان المؤدب المتدين الفطري المثقف الموسوعي المبحر يتعملق مع ” المعري ” ثم يعود ” للمتنبي ” ثم يفاجئك بفهد دوحان في روائعة الشعرية عن رموز قبيلته وعن مواقف لآحاد من الناس خلدها فهد بشعره تنم عن إنعكاسات روح فهد دوحان المتدينة يخبرك عن النجاة من الدنيا بالتمسك بالتوحيد والسنة ويحذرك من الإفتراق والجماعات البدعية ثم يبين لك فضيلة الاجتماع حول ولاة الأمر وقيمة السمع والطاعة في سلامة المجتمعات المسلمة ووصولها لبر الأمان !
ثم تسمع منه عن مفهوم ” الحداثة ” الذي يتكلم عنه من مبدأ شرعي حداثة تجديد دون القفز على الموروث والمكتسبات والمسلمات سواءا العقدية منها والفكرية بل وحتى الشعرية وآفة الأحاديث رواتها وليس الرائي كالسامع .
ثم تختم تلك الجلسة في مجلس الأخ ” هاشم ” برائعة فهد دوحان عن رسالة النبي عليه الصلاة والسلام والتي تمثل ملحمة شعرية مكتملة الأركان يوقفك فهد على أحوال أهل الأرض قبل البعثة ثم لما بعث النبي عليه الصلاة والسلام في سلاسة شعرية وإنتقاء للكلمة والمفردة وتتابع منطقي مع ماجاء في السيرة النبوية وكأنك تقرأ كتاب ” الرحيق المختوم ” أو ” يقرأ لك ” ثم تصفق من القلب لشاعرها نعم من القلب لأن الله جمع له المادة الشرعية والصحيح منها على وجه الخصوص ومكنه من أدواته الشعرية .
وهي قصيدة ورب الكعبة تستحق الخلود والنشر والدراسة في المنابر الشعرية والفضائيات بل وحتى على منابر العلم وأعواد منابر الخطابة .
فهد دوحان يمثل حقبة كبيرة وقيمة من محطات الشعر في عالمنا العربي والإسلامي نتفق معه أو نختلف في بعض أفكاره وأطروحاته ومفاهيمه لكنه في النهاية صوت للحق ومنبر للدعوة والتدين يوقفه الدليل ويعود للحق إذا أقنعته بالدليل والبرهان .
وقامة شعرية يشار لها بالبنان بل ويجبرك على احترامه وإطراق السمع له طويلاً .
ثم تقف في برهة بينك وبين نفسك في حديث مع النفس لتتسائل أنت تتحدث مع من ؟
فتأتيك الإجابة مزلزلة وصادمة !
فهد دوحان وكفى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى