العدوى السعودية .. تعلو ولا يُعلى عليها
![](/wp-content/uploads/2025/02/fded2359-d9a3-46cf-8269-46289a084h32e-8.jpg)
✍️ أحمد بن عبدالله بن مبارك البدراني :
من بقعة جغرافية لا تتجاوز مساحتها 0.5% من إجمالي مساحة كوكب الأرض وفي جزيرة العرب نشأت العدوى السعودية.
فمن حضارة المقرّ التي قامت على أرضها قبل تسعة آلاف عام جنوبي نجد مرورا بالممالك المتتابعة والبعثة النبوية الشريفة والخلافة الراشدة والممالك الإسلامية في أنماطها المتعاقبة وصولا للمملكة العربية السعودية تشكلت وتبلورت العدوى السعودية .
نشأت هذه العدوى مع نشأت الأرض وتطورت بتطورها .. فقد تشكلت من طبيعة الأرض وخصائصها وسُبُلُ العيش فيها والذود عنها ، ثم امتزجت بشيم العرب ومكارم الأخلاق ثم تتوّجت بقيم الإسلام وتعاليمه .. فكانت بذلك أنقى وأقوى وأطهر مزيج قيمي وأخلاقي عرفته البشرية ، وتميزت أرضها بأنها محطة رئيسية لعبور القوافل ومصدر العلوم ومقصد القلوب ومرسى السُفن وهي البوابة الاقتصادية الأهم للربط بين قارة آسيا وأوروبا وأفريقيا فكان لموقعها التأثير المباشر على هذه القارات وكان للقوافل الدور الأبرز في النشر والتعريف بخصائصها الديموغرافية .. ففيها كعبة الله قبلة الكون وبوصلته التي بناها نبيه إبراهيم “عليه السلام” من حجرها وتربتها وُسقى الناس من زمزمها .. ولم يقدر أحد على أن يقتص شبرا واحدا من أرضها فأهلها أهل الضراوة والمَنَعةِ والجَلَد.
وقد جاءت رسالة سيد البشر “عليه الصلاة والسلام” لتجسد مجد العروبة بالإسلام وتعلن إنطلاق الرسالة إلى العالم فأرسل مبعوثيه للأقطار مبلغين ومبشرين ومنذرين .. فكانت إرادة الله نافذه ورسالة نبيه صادقة ليمتد أثرها وحكمها من الصين شرقا وفرنسا غربا وأوروبا والمغرب وأفريقيا والسند وما وراء النهر ، إذ تبلورت وتميزت في مفعولها إلى قيم العروبة وأحكام الإسلام مما جعل منها قوة وقيمة مستدامة ومتألقة في أعظم صورها للأمم والأجيال فكان العدل والأمان والنهضة والحضارة والتعايش ، وجاءت الأرض المصدرة لهذه العدوى لتكون الأرض الشاكرة ، يَعُمُّ نفعها وبركاتها لكل من قصدها أو إستغاث بها فلا أحد يصيب من هذه العدوى أو يصاب بها إلا وكان الخير له ولأرضه.
الدهاء والعبقرية السعودية جعلتها سيدة الأمم ، فلم تكن يوما منكفأةً على نفسها أو خاملة بل لطالما كانت فاعلة ومؤثرة فلا يكاد يخلو قطر من الأرض إلا وأصابته عدواها فكانت عنوانا للخير، فقد عمرت الأوطان و أنشئت الجامعات والمستشفيات والملاجئ وأمّنت الشعوب ودافعت عن سيادتها ومصالحها .
العدوى السعودية تشكل تهديدا مباشرا ودائما لتخلف الشعوب وتشرذمها ونظريات القمع والإستبداد والطغيان والإستعباد والفوضى والحروب ، وهي الوحيدة على الأرض التي إن أصابت الإنسان نفعته .. وإن أصابت المكان بنته وعمرته فخيرها دائم وعطاءها لا ينفد وعزمها لا يكلّ وقوتها لا تُهزم.
وأنطلق في عصرنا الحاضر الرؤية السعودية 2030 العظيمة لتكون في مقاصدها وأهدافها منارة للتطور والريادة يتداولها ويستبشر ويسترشد بها ويتسابق إليها الحكومات والمؤسسات والشعوب للإصابة من هذه العدوى المباركة ، التي لم تقتصر في مداها وطموحها على كوكب الأرض ، بل بلغت من عزيمتها إستكشاف الفضاء وإقتصادياته المرتبطة وعلومه.
ولعلي أستشهد بقول عمي الأديب الراحل عائض بن مبارك البدراني “رحمه الله” حين تغنى فخرا بوطنه قائلًا :
سلّ فارساً والروم عن أيامنا * والصين واليونان والأخصاما*
سل كاتبي التاريخ عن آثارنا * فلربما نطق الجمادُ كلاما*
سلّ من تشاء فما أخالُك واجدا* إلّا الشمـــــــــــوخَ وعِزّةً وكراما
وكما تقول العرب ( ليس كالحال دليلٌ على صدق المقال ) ..
فمن أراد العِزّة والأمان والنهضة والإزدهار فلينهل من العدوى السعودية ..
فهي الشفاء من البلاء