(ناله)

قصة قصيرةً

✍️ أحلام أحمد بكري :

شارفت على دخول المدينة ، قاطعة مسافة لا بأس بها بين قريتها التي تسكُن بها ومصدر قوتها وعملها التجاري البسيط ، الكبير عند أهل المدينة ، ذات سمات لطيفة ممشوقة القامة طويلة ، نحيلة الجسم ، تعلوها سمرة الشمش الحارقة رغم استدارة غطاء رأسها الذي يحجب عنها لهيب شمس الصيف ، ذات صوت شجيّ النغمة ، ولسان يبتهل ويلهج بذكر الله دائماً ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مابين حديثٍ وآخر ..
ما أن تدخل ميدان حي البلد مروراً بسوقها العتيق مُحملة بالخيرات مُمتطيّة رفيق رحلتها -حمارها الخفيف- وفي يديها عصاة طويلة ، تُحثُ بها حمارها ، كي يسارع خطواته ، حتى تنهال عليها التحايا من الكبير والصغير ، والعتب أحياناً نظير تأخرها عن زيارتها للمدينة وحاجتهم المُلحّة لها ، فسيدات البلد على أحرّ من الجمر للقائها والفوز بغنائمها الممتلئة المُخزنة في -زنبيلها الكبير- المصنوع من سعف النخيل..
.
(ناله مُقريّة) سيدة تسكُن قرية -امّقاريّة- التي تبعد عن مدينة جازان الصغيرة ما يقارب العشرين كيلو متر ، سيدة في آخر عمرها تمارس تجارتها الصغيرة (البيع)منذُ شبابها اليافع حتى سن السبعين تجلب السمن والعسل وزيت السمسم والحليب لأطفال جازان في ستينات وسبعينات القرن الميلادي الماضي ، تُفتح لها أبواب البيوت قبل أن تطرُقها ، فهذا طفلٌ صارخ لا يكفيه حليب أمه ويحتاج لجرعات كبيرة من حليب -الخالة ناله- وذاك طفل مريض يرفض حليب والدته ولا يتقبل إلا ما تجلبهُ هذه السيدة الكريمة ، بينما هذا الطفل يحتاج زيت السمسم لتدفئة ودهن جسده الهزيل ..
ولا نغفل ، لن يكون لطبق (امّرسى) نكهة إلا بسمن وعسل -الخالة ناله- ينعجن مع دقيقها المخبوز وموزها الأخضر البلدي..
إبتلع ريقك يا قارئي وأنت تقرأ ، فلا شيء أشهى من طبق مرسى جيزاني..
………

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى