(الليلة الماضية)
مقال
✍🏼 أحلام أحمد بكري :
تتجلى عظمة ليلة السابع والعشرين من شهر رجب ؛ بذكرى المعجزة الكونية العظيمة لنبينا محمد صلّى اللّٰه وعليه وسلم -الإسراء والمعراج- فقد كانت هذه المعجزة حدث كبير وعلامة فارقة في رسالة الإسلام ..
قال تعالى:-(سُبحانَ الَذي أَسْرَى يِعبْدِهِ ليِلًا مِنَ المَسْجِدِ الْحِرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الإسراء: ١] ..
استحضارها الليلة الماضية كان قوياً ، حادثة الإسراء والمعراج للرسول صلّى اللّٰه وعليه وسلم تفريح همّ ، وجلاء غمّ ، وتسليّة حزن عمّا أصابه من حصار قريش له ولعائلتهِ لمدة ثلاث سنوات ، كان حصاراً اقتصادياً واجتماعيًا ، حتى بلغ الجهد والضعف من الرسول وعائلته بنو هاشم مبلغ عظيم..
ثم فُجع الرسول صلّى اللّٰه وعليه وسلم بعدها بوفاة عمهِ أبوطالب ووفاة زوجتهِ خديجة بنت خويلد -رضي اللّٰه عنها- ثم طَرد من قبل أهل الطائف في نفس العام حتى سمي ذلك العامٍ (بعام الحزن) وهو العام العاشر للبعثة..
فجاءت الرحلة السماوية له لتزيح عن كاهلهِ كل ذلك الثقل…
الإسراء والمعراج حدث خارق عن نظام الكون ، محوره الأساسي نبينا وحبيبنا محمد مع جبريل عليه السلام بواسطة البُراق
(هي دابة بيضاء دون البغل وفوق الحمار ولها جناحان)
الإسراء من -السير- وهي رحلة أرضية بدءً من مكة المكرمة مروراً بالمسجد الأقصى ؛ ليجد النبي من سبقه من الأنبياء به ؛ فيربط دابتهِ بالحائط ويدخل المسجد ويصلي بهم ركعتين ، ثمّ يأتيهِ جبريل بوعائين ، في أحدهما خمر وفي الآخر لبن ، فقال للنبي : خذ ، فأخذ النبي محمد إناء اللبن وشرب منه ، وترك إناء الحمر..
فقال لهُ جبريل: هديتَ للفطرة ، وهديت أمّتك يا محمد ، وحرّمت عليكم الخمر..
ثم ينتقل إلى المعراج وهي الرحلة السماوية من السماء الدنيا مروراً بالسماوات السبع مسلماً على من فيها من الأنبياء وصولاً إلى سدرة المنتهى ..
سدرة المنتهى هي شجرة سدر عظيمة تقع في الجنة بالسماء السابعة وجذورها في السماء السادسة بها من الحسن ما لا يستطيع بشر أن يصفه ، كما قال الرسول يخرج من تحت سدرة المنتهى أربعة أنهار : اثنان باطنان للجنة واثنان ظاهران للأرض وهما النيل والفرات ورقها كآذان الفيلة ، وحملها كالقلال ..
جاء في القرآن الكريم في سورة النجم الآية (١٥) (عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى) ، وهنا يستميحهُ جبريل عذراً بالعودة حتى لا يحترق فليس له الإذن بتجاوز تلك السدرة ، وكان الرسول يرى جبريل في صورته الملائكية للمرة الثانية في ذلك الموضع عند سدرة المنتهِيِ ، قال تعالى في سورة النجم: (وَلَقَد رَءاهُ نَزْلَةً أخرىٰ ، عِندَ سِدرَةِ المُنْتَهى)
وكان قد رأه على صورته الملائكية للمرة الأولى على الأرض فى منطقة أجياد بمكة المكرمة قال تعالى: ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالأَفُقِ الْمُبِينِ ) سورة التكوير آية ٢٣ ، رأى جبريل له ستّ مئة جناح في صورته الملائكية..
أرتقى الرسول بعد سدرة المنتهى للقاء ربه ، وكان الوصف بهياً في هذا الارتقاء قال تعالى في سورة النجم :
(ما زاغَ البصر وما طَغىٰ ، لَقَد رَأىٰ مِن ءايتِ ربِهِ الكَبرى)
وكان اللقاء قريبا ، قال تعالى:
(علَّمِهُ شَديدُ القُوىِ ، ذِو مِرَّةٍ فَاسِتَوىٰ ، وَهُوَ بِالأَفُقِ الأَعلى ، ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى ، فَكانَ قابَ قَوسَيْنِ أَو أَدنىٰ ، فَأَوحىَ إِلى عَبدِهِ ما أَوحىٰ ، ما كَذَبَ الفُوْادُ ما رَأىٰ) سورة النجم ..
ما أنقاها من رحلة ، طهرت روح النبي من الهم والغم وجلت الحزن الذي ران على قلبهِ ثم عاد النبي إلى مكة المكرمة..
ببشارة وفرض الصلاة التي تغسل روح المسلم وتجلي قلبه وعقله في اليوم خُمس مراتِ..
ما أعظمها من رسالة (الإسلام) ، اللهم كما أجليت الهمّ والغمّ والحزن عن كاهل وقلب نبينا محمد في ليلة الإسراء والمعراج ، فبفضلك وكرمك ورحمتك أجلي عنّا همومنا وأمحو عنّا ذنوبنا ، وطهر قلوبنا قبل أجسادنا بفضلك يا أرحم الراحمين..
……..