– الطريق – مصفاة الجيلي بين التكتيكي والاستراتيجي؟!.

" وجه الحقيقه "

✍🏻 إبراهيم شقلاوي :

تشير المعلومات الواردة من مصادر عسكرية موثوقة إلى أن القوات المسلحة السودانية تواصل عملياتها النوعية لإستعادة مصفاة الجيلي شمال مدينة الخرطوم بحري من سيطرة مليشيا الدعم السريع . المصفاة التي تُعد هدفًا استراتيجيًا لما تحمله من أهمية اقتصادية وعسكرية باتت في مرمى الجيش بعد أن نجح في تطويقها وقطع كافة خطوط الإمداد عن المليشيا المتحصنة بداخلها . في هذا المقال نحاول أن نشرح الأبعاد التكتيكية والاستراتيجية لكامل المنطقة بمافيها المصفاة .

منذ بداية الحرب استهدفت مليشيا الدعم السريع السيطرة على مواقع استراتيجية حيوية ، مثل منطقة قري الصناعية التي تضم أكبر محطة حرارية للكهرباء و معسكرًا لهيئة العمليات السابقة التابعة لجهاز المخابرات الوطني . هذا المعسكر الذي كان يشكل حلقة أمان حول العاصمة ، أصبح نقطة انطلاق لعمليات المليشيا بعد تفكيكه . كما استحوذت المليشيا على مصفاة الجيلي الذي يقع ضمن الحيز الجغرافي للمكان ، وهي منشأة حيوية تتحكم في إمدادات الوقود للعاصمة . حيث تعد مصفاة الجيلي إحدى أبرز المنشآت الاقتصادية في السودان . السيطرة على هذه المواقع سمحت للمليشيا بتأمين إمداداتها للوقود بجانب الإمداد العسكري مستفيدة من المستودعات المحصنة ومنظومة السيطرة و الأتصالات لضمان استمرار تحركاتها في محلية بحري وصولا لولاية نهر النيل .

الهجمات التي نفذتها المدفعية والطيران المسير خلال الأيام الماضية مستهدفة للموقع نجحت في ضرب مركز القيادة والسيطرة للمليشيا ، وتحييد عدد كبير من عناصرها عبر عمليات قنص دقيق ، مما أدى إلى تقليص قدرتها على المناورة أو شن هجمات مضادة . القوات المسلحة تمكنت من فرض طوق أمني محكم حول المصفاة ، ما أدى إلى شلل عمليات مليشيا الدعم السريع داخليًا وخارجيًا . هذا النهج التكتيكي أحكم الخناق على عناصر المليشيا ، مما جعل محاولاتهم للمقاومة تبدو عبثية سبق ذلك تدمير أي إمداد خارج أو داخل إلى المصفاة بجانب التصدي لأي محاولات لفزع القوات من خارج دائرة المنطقة المحاصرة .

قامت استراتيجية الجيش علي قطع الإمدادات عن المليشيا ، بما في ذلك الغذاء والذخيرة ، واستعاضة المقاتلين . هذه التحركات المدروسة للقوات المسلحة في محيط المصفاة إلى جانب السيطرة على المناطق المحيطة مثل البكاش وجبل جاري ، جعلت المصفاة نقطة معزولة استراتيجيًا ، مما يمهد الطريق لتحريرها دون خسائر كبيرة . وفقًا لمصادر عسكرية نجحت القوات المسلحة في فرض حصار محكم على المصفاة ، مع قطع جميع خطوط الإمداد التي كانت تغذيها . منذ بداية العمليات فيما يعرف بعزل الأهداف الحيوية وتفكيك الطوق الدفاعي . ثم تنفيذ هجمات استنزافية من عدة محاور ، كما حدث في معارك الجزيرة ودارفور ، وسنار هذا التكتيك المرحلي ساهم في تحويل الدفاعات المحيطة بالمصفاة إلى نقاط ضعف قابلة للاختراق .

تم اسناده بالطيران المسير والمدفعية الثقيلة ، إلى جانب التنسيق الميداني العالي ، خلق حالة من الفوضى لدى المليشيا التي باتت عاجزة عن التصدي لهذا الضغط المتواصل . وفقا لذاك تشير التوقعات إلى أن استعادة المصفاة باتت مسألة وقت . تكتيكات الجيش الحالية تهدف إلى استنزاف قدرات المليشيا المتبقية ، مع تقليل المخاطر على المدنيين والمنشأة . التحرير المتوقع للمصفاة سيمثل ضربة قاصمة لمليشيا الدعم السريع ، حيث سيحرمها من موقع استراتيجي مهم ويعزز سيطرة الجيش على شمال العاصمة .

تعد مصفاة الجيلي رمزًا للسيادة الاقتصادية ، واستعادتها تمثل إنجازًا مزدوجًا على الصعيدين العسكري والاقتصادي . السيطرة عليها ستمنح الجيش قوة دفع إضافية لتحرير بقية المناطق الحيوية ، وستعيد للسودان القدرة على تأمين أحد أهم منشآته النفطية . استعادة مصفاة الجيلي ستكون نقطة تحول رئيسية في مسار الحرب ، ليس فقط بسبب الأهمية الاقتصادية للمنشأة ، ولكن أيضًا لما تحمله من دلالات استراتيجية . السيطرة عليها تعني تأمين الشمال ومحيط الخرطوم ، وحرمان المتمردين من موقع حيوي كان يوفر لهم الدعم اللوجستي والتكتيكي . كما أن تحريرها سيمثل دفعة معنوية كبيرة للجيش السوداني وللشعب الذي يتطلع إلى نهاية هذه الحرب المخزية و المدمرة .

وفقا لهذه الحسابات فإن نجاح الجيش السوداني في استعادة السيطرة على مصفاة الجيلي يحمل أبعادًا سياسية وعسكرية عميقة . على المستوى العسكري ، يبرهن على قدرة الجيش السوداني على إدارة معارك معقدة في مواجهة مليشيات غير نظامية . أما على المستوى السياسي، فإن هذا الإنجاز يعزز موقف الدولة في استعادة سيادتها على أراضيها وإظهار قدرتها على مواجهة مشروع التفكيك و كافة التدخلات الاقليمية والدولية .

مع الحصار المحكم واستنزاف قدرات المليشيا تشير المعطيات إلى أن تحرير المصفاة بات وشيكًا . القوات المسلحة السودانية تُظهر احترافية عالية في إدارة المعركة ، حيث يتم تجنب الاشتباكات المباشرة قدر الإمكان لتقليل الخسائر ، مع التركيز على الضغط التكتيكي وضرب النقاط الحيوية للعدو الذي بات مبعثرا بين غياب قياداته الميدانيين وغياب الهدف من الحرب .

عليه فإن الطريق إلى مصفاة الجيلي بات واضحًا وفقا للحسابات التكتيكية والاستراتيجية المذكورة هو نموذج لتحول المعارك من مجرد مواجهات ميدانية إلى محطات حاسمة . تحرير المصفاة سيمثل انتصارًا مزدوجًا للسودان، يعيد إليه السيطرة على منشآته الحيوية وينهي مليشيا الدعم السريع بشكل كبير . في ظل هذه التطورات تقترب القوات المسلحة من تحقيق هدفها الأسمى : تحرير كامل أراضي السودان واستعادة أمنه واستقراره. عليه وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة فإن النصر يلوح في الأفق ، والقوات المسلحة تواصل تقدمها بثبات لتحقيق هدفها في بسط الامن وتحقيق السلام وحماية السيادة الوطنية .
دمتم بخير وعافية .
الإثنين 13 يناير 2025م. [email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى