لا تجعل الدنيا تهزمك

✍🏻 صالح الريمي :

في الفترة الأخيرة كلما التقيت بشخص لا يبرح مجلسي إلا ويحدثني عن مشكلاته وهمومه وأحزانه، متذمرًا من معيشته وظروفه، وكلنا ذلك الشخص نجد من الدنيا ما تنغص صفو حياتنا، فليس في الدنيا راحة مستدامة، مصداقًا لقوله تعالى:﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾..
هكذا هي الدنيا، من منّا لم يمر عليه يوم حزن فيه ويوم آخر فرح فيه؟ ومن منّا لم يألف صديقًا ثم جاء يوم افترق عنه وتركه؟ ومن منّا لم يصبه يومًا مرض أقعده ونغص عليه حياته؟ من منّا لم تصبه مصية أو هم أو غم كدر عليه معيشته؟

هكذا هو حال الدنيا، نجتمع ثم نفترق، ونكون أصحاء ثم نمرض، ونفرح ثم يأتينا الهم والغم والنكد، تكون سعيدًا ثم يأتيك خبر يكدر هذه السعادة، تفرح للقاء صديق ثم يأتي يوم تودعه رغمًا عن أنفك..
مادام أنك مازلت على قيد الحياة، لا محالة ستصادفك الكثير من الصعوبات والتحديات، ولن تستقر على حال، ولن يسلم من هموم الدنيا أحد، مهما كان الشخص غنيًا يملك كل المقومات المادية للعيش بهناء.

وكلما كنت بعيدًا كل البعد عن الله خالق الكون ومدبره ومالك الدنيا والدين، سيكثر عليك الهم والغم، كما قال الله تعالى:﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾، فإذا رزقك الله الرضا لن تهزمك الدنيا ولن تغلبك الأوجاع، وستجتاز بيسر وأمان كل عقبات الحياة ومنغصاتها بإذن الله تعالى الذي قال: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾..
والجميل في الحياة الدنيا أن تبقى دائمًا منتظر تباشير الفرح في كل حين، متفائلًا بأن القادم أفضل، قال تعالى:﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾، ولن يكون ذلك إلا إذا كانت لديك ثقة بالله عزوجل، وحسن الظن به كبير، وبأن قدرته سترفعك فوق كل الظروف والهموم.

*ترويقة:*
هناك من يطلب مني أن أعيش على أرض الواقع ويسخر من أملي الكبير ويرى أن تفاؤلي خيالًا، وأن حلمي محالًا، فهل يعلموا أن الله يعطي كل إنسان على قدر ظنه به سبحانه، كما في الحديث القدسي: (أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً).

*ومضة:*
أيها المهموم ردد دائمًا دعاء النبي عليه الصلاة والسلام: (اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء).

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولك*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى