بين الحلم والمسؤولية ..كيف يقودنا الذكاء العاطفي ؟
✍🏻 وئام ماطري :
هناك صراع شرس بين الرغبات الشخصية والتوقعات الاجتماعية وتأثير الذكاء العاطفي على اتخاذ القرارات
الحياة ليست دائمًا خطية أو بسيطة، بل مليئة بالتحديات الداخلية التي تقف بيننا وبين أحلامنا كل شخص منا يواجه صراعًا مستمرًا بين ما يريده قلبه وبين ما يفرضه عليه المجتمع،هذا الصراع ليس مجرد نقاش داخلي عابر بل هو معركة حقيقية بين رغباتنا الشخصية والتوقعات الاجتماعية التي تشكل ملامح حياتنا.
الرغبات الشخصية مقابل التوقعات الاجتماعية
تخيل أنك في مرحلة مفصلية من حياتك حيث كل خطوة تتخذها تؤثر على مستقبلك ؛وعينك على حلم قد تكون لطالما حلمت به لكن في ذات الوقت تحيط بك أصوات التوقعات الاجتماعية التي تحثك على اتخاذ قرارات ربما لا تتماشى مع رغباتك،قد تكون تلك الأصوات من العائلة أو الأصدقاء أو المجتمع بشكل عام يشعر الشخص في هذه اللحظات وكأن قلبه ينفصل عن عقله، كما لو أنه يواجه خيارًا مستحيلًا متسائلًا
“هل أستمر في السعي وراء ما أريد حقًا؟
أم يجب أن أضع توقعات الآخرين في اعتباري
وأتبع الطريق الذي رسموه لي؟”
هذه الأسئلة تتكرر في ذهن كل شخص يواجه هذا الصراع الداخلي قد يكون الفرد في حاجة إلى العيش بحرية وفقًا لما يريده قلبه؛لكن الخوف من الفشل أو فقدان دعم المجتمع يجعله يقف في المنتصف يتردد.. ويخشى اتخاذ خطوة قد تؤدي إلى التمرد على ما هو مألوف هذا الصراع الداخلي ليس مجرد مواجهة مع الخارج ؛بل هو حرب داخلية بين رغباتنا العميقة والقيود التي فرضها المجتمع علينا.
الذكاء العاطفي كأداة لتخفيف الصراع
لكن هنا يظهر دور الذكاء العاطفي كأداة قد تغير مسار القصة عندما يمتلك الفرد القدرة على التعرف على مشاعره وفهم تأثيرها على قراراته ؛يصبح أكثر قدرة على مواجهة هذه اللحظات الصعبة، الذكاء العاطفي يساعد الشخص على التحكم في تلك العواطف الجياشة التي قد تعميه عن اتخاذ القرار الصحيح.
على سبيل المثال، عندما يكون الشخص عالقًا بين رغباته الشخصية وتوقعات المجتمع، يمكنه استخدام الذكاء العاطفي ليكون أكثر وعيًا بمشاعره “ماذا أشعر حقًا في هذا الموقف؟”
“هل هذا القرار سيساهم في تحقيق سعادتي
أم أنني أعيش وفقًا لما يتوقعه الآخرون؟”
هذه الأسئلة تقود الشخص إلى التفكير العميق حول ما يريده حقًا، مما يساعده على اتخاذ قرارات أكثر وعيًا واستنادًا إلى قيمه الشخصية.
الذكاء العاطفي هنا لا يعني فقط التحكم في المشاعر بل أيضًا القدرة على التكيف مع الظروف الاجتماعية والتفاعل معها بطريقة تمنح الفرد السلام الداخلي،من خلال هذه المهارة يصبح الشخص قادرًا على فهم مشاعره دون أن يُفقد توازنه العقلي وبالتالي يستطيع اتخاذ قرارات متوازنة في حياته.
تأثير الذكاء العاطفي على العلاقات الشخصية والمهنية
تخيل أنك في مواجهة قرار مهني كبير أو ربما قرار عاطفي مع شريك حياتك في هذه اللحظات يكون الذكاء العاطفي هو الأداة التي تسمح لك بفهم مشاعرك تجاه هذا القرار، وفي نفس الوقت الاستماع بعناية لتوقعات الآخرين من حولك هذه القدرة على التفاعل بوعي مع مشاعرك ومشاعر الآخرين تعزز من علاقاتك الشخصية والمهنية، وتفتح لك أبوابًا من الفهم المتبادل.
عندما يتعامل الفرد مع هذا الصراع الداخلي باستخدام الذكاء العاطفي لا يقتصر الأمر على اتخاذ القرار الصائب فقط بل يمتد إلى تحسين علاقاته مع الآخرين إنه لا يترك نفسه فريسة للضغوط الخارجية؛ بل يوازن بين احتياجاته ورغباته الشخصية وبين متطلبات العلاقات الاجتماعية وهذا بدوره يعزز من تقديره لذاته ويساهم في بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل.
الخاتمة: التوازن بين الذات والتوقعات الاجتماعية
في النهاية الحياة ليست مسارًا ثابتًا بل هي رحلة مليئة بالتحديات التي تتطلب منا أن نعيش بتوازن ،فالصراع بين الرغبات الشخصية والتوقعات الاجتماعية هو جزء من تجربتنا الإنسانية لكن الذكاء العاطفي هو الضوء الذي يساعدنا على رؤية الطريق في الظلام.
كما أن الصراع الداخلي بين رغباتنا وما يفرضه علينا المجتمع لا يجب أن يكون عبئًا يثقل كاهلنا بل هو دعوة للتأمل لفهم أنفسنا بعمق، ولتقدير ما نحتاجه في حياتنا باستخدام الذكاء العاطفي يمكننا أن نتخذ قراراتنا بشكل أكثر توازنًا ونعيش وفقًا لقيمنا وفي الوقت نفسه نحافظ على علاقاتنا مع الآخرين.
إذا تعلمنا أن نعيش هذه اللحظات من الصراع الداخلي بوعي فإننا لن نكون مجرد أشخاص يسيرون مع التيار، بل أفراد قادرين على تحديد مسارهم بأنفسهم يتخذون قراراتهم من قلب وعقل متوازن.