حوار مع المخرج الجزائري كريم بودشيش

حوارات المهرجان

🎙️ حاوره: سمير تلايلف


• الفنان والمخرج المسرحي كريم بودشيش أهلا بك، تمثلون المسرح الجهوي لقسنطينة في هذه الطبعة من المهرجان الوطني للمسرح المحترف، كيف ترى هذا التمثيل هل تكليف أم تشريف؟
كريم بودشيش: لا تكليف ولا تشريف، أعتبرها مشاركة عادية في حدود ما يتطلبه الواجب.
• ستدخلون المنافسة الرسمية للمهرجان بالعرض المسرحي «الثائرون»، حدثنا عن العرض وعن صناعه من فنانين وتقنيين؟
كريم بودشيش: مسرحية «الثائرون» عن نص الدكتور جلال خشاب وسينوغرافيا بوخاري حبال، وكوريغرافيا رياض بروال، موسيقى بن صالح زكري، شارك في العرض مجموعة كبيرة من الممثلين، العمل به ثلاث أجيال مختلفة من 25 إلى 85 سنة ( مشاركة عميد مسرح الهواة الفنان عبد الله حملاوي صاحب 85 سنة)، والكثير من نجوم المسرح من خارج قسنطينة أمثال محمد الطاهر زاوي، ربيع أجاووت، عمر ثايري، وكوكبة أخرى من الممثلين والنجوم المحليين أمثال جمال مزواري، زهير تركي، اسماعيل ربيعي، الهادي ڨيرة، كمال فراد، محمد دلوم، عتيقة بلزمة، محمد شريف بوعاكر، الفنان الشاب من مدرسة مسرح قسنطينة أنيس شبوبة، أما البطولة كانت للممثل أسامة بودشيش الذي جسد شخصية أرزقي أولبشير.
العرض من إنتاج مسرح قسنطينة الجهوي ويدخل في إطار سبعينية الثورة المجيدة، مدته ساعة و10 دقائق، أتمنى أن يرقى استحسان الجمهور.
• سبعينية الثورة أفرزت العديد من الأعمال الفنية والمسرحية، فما الذي يميز «الثائرون» عن غيره من الأعمال؟
كريم بودشيش: سأقارن «الثائرون» بأعمالي السابقة. أعتقد أن هذا العرض كان فيه إجتهاد أكبر وكان مميزا عن غيره من أعمالي المسرحية، وهذا راجع لتوفر الإمكانيات المادية والبشرية التي جعلت منه يرتقي لمستوى لابأس به.
أما فيما يخص العروض المسرحية التي أنتجت في إطار السبعينية والتي أنتجت في مسارح أخرى، هي كذلك لاقت استحسان كبير من طرف الجمهور والنقاد الذين تكلموا عنها وثمنوها، والتي كانت مميزة بسبب الإمكانيات المتوفرة كما قلت سابقا، واجتهاد الزملاء من فنانين ومخرجين عبر كل المسارح.
كما أتمنى أن ترتقي العروض المشاركة بالمهرجان الوطني للمسرح المحترف خلال هذه الطبعة إلى المستوى المطلوب والذي يشرف المسرح الجزائري.
• حدثنا على أحداث العرض وقصته دون حرق المسرحية، حتى تشجع الجمهور على دخول المسرح لمتابعة «الثائرون».


كريم بودشيش: «الثائرون» قصة تدور أحداثها في سنوات 1840م و1895م، هي قصة بطل من الأبطال الثائرين في منطقة القبائل الكبرى وهو أرزقي أولبشير المعروف بمواقفه المعادية للإستعمار، والتي كانت فرنسا تطلق عليه وعلى رفقائه اسم اللصوص وقطاع الطرق، ثائر من ثوار الجزائر ثار على الإستعمار والإستبداد الذي كان سائدا في تلك الحقبة في قريته وأهله وزوجته، ثار وحمل السلاح، صعد للجبل وكوّن مجموعة من المجاهدين، قاموا من خلالها بشن هجمات كثيرة ضد المستعمر الفرنسي من تخريب وقصف. في نفس المرحلة تكوّنت جماعة أخرى من المجاهدين بمنطقة القبائل الكبرى المعروفة بالإخوة عبدو، اتحدوا وشكلوا فرقة كبيرة وقاموا بعمليات كبيرة كلفت المستعمر خسائر معتبرة، لتستمر أحداث المسرحية حتى يلقى القبض على الثائر أرزقي وتتم محاكمته بمحاكمة جائرة ويصدر في حقه الحكم بالإعدام سنة 1895م.

• انت ابن المسرح، والمسرح كما هو معروف أنه يعالج القضايا الإنسانية بطريقة فنية، ويستخدم اللغة المباشرة أحيانا وفي كثير من الأحيان يستخدم التلميح، فأي الطرق التي يحبذها المتلقي ويستخدمها كريم لإيصال فكرته في معظم أعماله؟
كريم بودشيش: والله، باختلاف المدارس، واختلاف المذاهب والرؤى في الإخراج، إلا أنني أميل للعرض في حد ذاته، أنا أشتغل على المتعة والفرجة في العرض، بمعنى أشتغل على النص الجميل الحامل لموضوع ذو قيم إنسانية، كما اشتغل على السينوغرافيا الجميلة، وهذا هو سحر المسرح في نظري. همي هو الإشتغال على متعة المتفرج الذي يشاهد عرضي. لست ضد الرؤى في المسرح البسيكودرامي أو المسرح التجريبي، بالعكس، لكن كريم بودشيش يحب الإشتغال على كل هو متعة وفرجة واحتفالية.
• كنت تحدثت في إجابتك عن سؤال سابق من خلال هذا الحوار وتمنيت أن تكون عروض هذه الطبعة في مستوى يليق بمهرجان وطني محترف، صراحة كيف ترى مستوى الأعمال المسرحية عامة في الوقت الحالي سواء من ناحية الإخراج أو السيناريو أو أداء الفنانين على الخشبة؟


كريم بودشيش: الحكم على العمل المسرحي نسبي، أعتقد أن العمل المسرحي الجيد الذي يرتقي لتطلعات الجمهور يخضع لظروف خاصة، منها توفر الإمكانيات المادية بالدرجة الأولى، وللأسف أغلبية المسارح في الجزائر تعاني بشدة في نقص التمويل. فبعض المسرحيين الذين كان لهم الحظ ووفرت لهم الإمكانيات المادية اشتغلوا على مستوى كبير، بمعنى جلبوا أسماء كبيرة من ممثلين وسينوغرافيين وكوريغرافيين كبار، وبالتالي كانت أعمالهم مبهرة، أما البقية فقد اقتصرت أعمالهم على المستوى المحلي، واكتفوا بخطف تجارب مسرحيين من خارج الوطن وإعادة صياغتها، ولهذا نجد فرق بين مسرح ومسرح آخر.

لكن أعود لأقول أن العملة الوحيدة للإبداع هي الإجتهاد في كل الظروف، فهناك الكثير من الزملاء يحاولون رغم الظروف الصعبة وقلة الإمكانيات، ويقدمون أعمالا جميلة ومشرفة.
من جهة أخرى أعتقد أن هناك مرحلة لابد منها وهي مرحلة الفرز، كما ننتظر مستقبلا قرارات جديدة تخدم الفنان وتخدم المسرح.
• نعود للمهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته السابعة عشر الذي جاءت تحت تسمية الفنانة الكبيرة نادية طالبي، كيف يمكن لهذا الحدث أن يحيي المشهد المسرحي في الجزائر؟
كريم بودشيش: أكيد، أي حدث مسرحي في الجزائر يقدم للمشهد نفسه، أنا أنطلق من مبدأ يجب ترك الحركية تسير ولو بإمكانياتها المحدودة، الأهم وجود تلك الحركية المسرحية وتفاعل الجمهور معها، وبعدها نقيّم المستوى بين الجيد والحسن في جلسات مع النقاد والصحفيين. الطبعة السابعة عشر لمهرجان المسرح المحترف هو إضافة كذلك، أظن أن جديد هذه الطبعة هو إلغاء فكرة الإنتقاء، بمعنى أن كل المسارح مسموح لها المشاركة بأعمالها داخل المنافسة، أعتقد أنها ستكون منافسة شريفة، والرابح الأكبر سيكون المسرح الجزائري، فكلما كانت العروض أكبر كان النشاط المسرحي والمشهد المسرحي أكثر. زيادة على برمجة بعض العروض المسرحية خارج المنافسة على مستوى القاعات، وهذا كذلك يعطي روح وديناميكية للمشهد المسرحي، الشيء الإيجابي في هذه الدورة ستكون تكريما لأيقونة المسرح الجزائري الفنانة نادية طالبي، تكريمًا وتشريفًا لمسيرتها الفنية في المسرح والتلفزيون والسينما، أنا أعتبرها قامة كبيرة، وشرف كبير للمهرجان أنه يحمل اسم نادية طالبي في هذه الطبعة.
• ماهي الرسالة التي توجهها لكل الزملاء المسرحيين وللجمهور كذلك من خلال منبرنا؟
كريم بودشيش: أتمنى عودة المهرجان الوطني للمسرح المحترف لسابق عهده، فقد كان مهرجانًا بمعنى الكلمة، حيث كانت كل الفرق حاضرة طيلة أيام المهرجان، مما يسمح باحتكاك الفرق مع بعضها البعض، وخلق المناقشات ومشاهدة كل العروض، لأن هذه اللقاءات مهمة جدا في خلق روح الإبداع.
المهرجان كان عرسًا كبيرًا في السابق، فقد كان مهرجانًا حقيقيًا، لكن حاليًا أخذ منحى آخر، وهذا راجع للظروف المادية حسبما أعتقد.
أعتبر المهرجان الحالي عبارة عن أيام للمسرح المحترف، أين تجد الفرق تقدم عروضها وتعود لمدينتها، تاركة المجال لفرقة أخرى، وهذا انعكس سلبا على فعالياته بكل صراحة، بحيث لا وجود لمناقشات ولا ندوات ولا حضور لشخصيات، فعندما لا تكون هذه اللمة التي تخلق روح المنافسة التي نقصت نوعا ما، فماذا سنستفيد من هذا المهرجان، سواء من رؤى ومرجعيات جديدة. حتى المشاركات العربية والدولية في المهرجان كان لها أثر سابقا والتي غابت حاليا للأسف، أتذكر تلك العروض التي كانت تسمح لنا بمشاهدة عروض عربية وأوروبية ومغاربية بمستوى عالي.
خلاصة القول أصبح المهرجان حاليا عبارة عن أيام مسرحية، لكن يبقى إقامة المهرجان أحسن من غيابه، حتى لو كانت اللقاءات خاطفة مع الفنانين والنقاد.
أتمنى من كل الفنانين، كل بصفته، الإجتهاد أكثر للقضية (المسرح)، والإيمان بالشيء الذي نقوم به، والصدق في العمل.
• الفنان والمخرج كريم بودشيش أشكرك على سعة صدرك لأسئلتي وأتمنى لك التوفيق وتتويج عرضكم «الثائرون» بإحدى الجوائز، قبل مغادرتنا أترك لك كلمة الختام.
كريم بودشيش: في الأخير أشكرك أخي سمير على هذه الإلتفاتة الطيبة، وعلى أنك منحتنا هذه الدعوة الكريمة والمجال حتى نعبر ولو بالقليل على بعض الأفكار التي تدور حول الفن والمسرح. أشكر كل متتبعي صفحتك المتألقة، أتمنى لك المزيد من النجاح والتألق إن شاء الله.
كلمتي الأخيرة، أتمنى الصحة الجيدة لكل الفنانين، والقادم أفضل بحول الله. شكرًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى