قائد الفرقة ١٦ مشاة

✍️محمد ابراهيم الشقيفي :

من يملك الجرأة الكافية والثبات الانفعالي قبل أن يخوض في الحديث مباشرة عن سيرة حول حياة قائد عسكري مخضرم، قد حصد من الأوسمة و الأنواط ما يجعلنا نفخر بما قدمه للبلاد في أحلك الظروف والأزمات، وكبري الدول تنتفض فى ظل الأحداث المريرة التي عكست فى وجه النيل الجاري ما تتعرض له مصر من مكائد، ومخططات أرادت لها الانقسام إلى دويلات منزوعة السيادة بلا إرادة. من يملك شفرة اللغز كي تحمله أقدام الشجاعة دون أن يرتجف قلمه خشية من عدم تقديم وصف دقيق لبعض الروائع البطولية عن حياة مليئة بالمواقف العسكرية المشرفة لرجل حمل علي أكتافه العبء الأكبر فى ظل عواصف التغيير التي أصابت الوطن العربي بعد أن طالت يد التغيير رجل من أعتي رموز مصر .
دون حاجة إلى الخلاف من غير جدوي ينقصنا ثقافة الرأى والرأي الاخر، كل منا له ماله وعليه ما عليه، والتاريخ قادر على كشف الحقائق مهما حاول البعض العبث بها لكي يفقد الواقع هيبته بين السطور.
بعض الخوارج يحاولون باستماته، وبصفة مستمرة تحميل شخص بعينه كل فشل نراه قد تسبب فى تصدع الجدار الحامي لأحلام ملايين البشر، لكننا نغفل عن ذكر الحقائق عمد؛
فيختنق جيل كامل من كثرة التشويش على العقل، والترويج فقط إلى شىء فى خلد فئة معينة يحكمون من الفائز ومن تسبب فى الخسارة ومن يجب أن يحاسب على الفواتير المدفوعة من دماء الشعب، كل هذا قبل انتهاء المعركة.
قد ينتاب البعض شىء من التساؤلات وأنا أرسم الهمزات والفواصل ،اشكل الكلمات فوق مخارج الألفاظ ،ارتب المعاني جيدا على الأوراق،
قبل أن أزيح الستار عن الرجل الذي فوق أكتافه تلمع النجوم لماذا قائد الفرقة السادسة عشر؟ وهناك شارات كبيرة تدل لمن ورث نصيباً من إرث الجهالة أن الحديث عن شخص المشير وبعيدا عن الدخول فى صدام عاصف مع كل مختلف عني في الرأي؛ فأنا أتحدث عن قائد عسكري بدأ من الصفر حتي نال شرف منصب القائد العام للقوات المسلحة المصرية برتبة المشير.
لا أبحث عن إثارة للجدل بل اتروي كثيراً وأنا أبحث فى ذاكرة الأمة العامرة بالشخصيات المحورية المؤثرة في الوجدان العام.
مرة أخرى أعيد على أبصار كل عاقل له لب من خلاله يكون قادر على كشف الحقائق. فلو سردت من المهد إلى اللحد ما اكتفيت كتابة عن أى قائد عسكري أرتدي كتافة عليها شريط واحد وكتب بخيط ناعم فوق صدره الأيمن جندي مقاتل بالجيش المصري.
الرجل الذي وصفته الخارجية الأمريكية بالرجل المقاوم للتغيير رغم أنه لطيف مهذب لكنه كان يرفض أسوة مثل أصغر جندي أو مواطن عادي فكرة الوريث للعرش الجمهوري أو بالأحرى فكرة التوريث، لكنه لم يكن طامعا ابدأ فى الحكم وواقع الحال هو شاهد عيان فمنذ اللحظة الأولى من اندلاع ثورة يناير مباشرة وافق الرجل رأى الشارع المصري دون أن يضع البلاد فى مهب ريح التغيير فتحدث الكوارث بفعل فاعل، ومالا يحمد عقباه وخيم ،لقد ترأس اجتماع المجلس العسكري وصار الرئيس الفعلي للبلاد بتاريخ ٢٠١١/٢/١١ وعلى كتفيه يحمل رتبة ليس بعدها عز وجاه عسكري هى اقوي وأعلى رتبة لا يحصل عليها إلا قادة الجيوش العظام وبمواصفات ليست فيها محسوبيات ولا وساطة إنه المشير( محمد حسين طنطاوي) القائد العام للقوات المسلحة المصرية الذي انحاز لمطالب الشعب، ووقف يرابط على قلب كل جندى فى أصعب لحظات الاحتجاج وكان هذا هو السبق الأول فى التاريخ لوزير دفاع ينزل للواقع، يسلم السلطة بكل سلاسة ويسر أمام العالم أجمع فى ظل عرس ديمقراطي لم تشهده البلاد من قبل.
وإن كنت أشير عن بعض التفاصيل، وأذكر بعض الأحداث بتواريخ محددة؛ فهذا من دواعي الجمال الضرورية؛ من أجل إكتمال النص المكتوب.
الحديث يبدأ عن قائد الكتيبة والفرقة واللواء ١٦ مشاه برتبة مقدم أركان حرب أثناء معركة النصر والتحرير بالسادس من أكتوبر عام ١٩٧٣. ومن قبل قد شارك الضابط الذي كان يشغل منصب عضو هيئة التدريس بالكلية الحربية فى معركتنا مع العدوان الثلاثي على مصر، مروراً بحرب الاستنزاف، إلى حرب اكتوبر وهو رئيس عمليات فرقة مشاة آلية. كيف لا نعرف قدر هذا الرجل البطل؟ الذي زهد السلطة بعد أن ترقي وتقلد العديد من الرتب نذكر منها على حد ما اتصل إلى علمنا: أنه قد تولى قيادة الجيش الميداني الثاني عام ١٩٨٦، ثم قائداً للحرس الجمهوري عام ١٩٨٨، ثم شغل منصب القائد العام للقوات المسلحة برتبة فريق، ثم صدر القرار الجمهوري لترقية إلى رتبة فريق أول، ثم تلاه مباشرة تقديراً لدوره العظيم؛ ترقيته إلى رتبة المشير. لقد نال فى حياته العسكرية أكثر من ٢٣ نوط ووسام عسكري من مصر، وتونس، والسعودية، فضلاً عن تمثيله كملحق عسكري ١٩٧٥ الباكستان، أفغانستان. المشير طنطاوي قد شارك في حرب تحرير الكويت عام ١٩٩١، ونال شرف الحصول على قلادة النيل.
رجل بهذا الثقل العسكري، والحجم الكبير قد شرفت بتكريمه دولة الكويت بميدالية ووسام تحرير الكويت. هذا الجندي هو بطل معركة المزرعة الصينية الذي عرف قيمة الحروب، ونزيف الدماء التي تسيل من أوردة الشهداء، وعلم الويلات التي تتبع مباشرة الثورات، وان الخراب الذي يحدث سيذل أنفاس الشعوب. لقد كرمته مصر بحزمة عديدة من التكريمات المستحقة فى عقود متواترة ومختلفة. فقد حصل على ميدالية ٦ أكتوبر؛ لكونه بطل من ضمن قادة الجيش أثناء الحرب حتى تحقيق النصر، حصل علي ميدالية الجيش، وميدالية جرحى الحرب. لقد منحته الدولة المصرية نوط الاستقلال، و نوط الجلاء العسكري .

ومن دواعي الفخر وإحقاقا للحق فقد انصفته القيادة السياسية الممثلة في شهادة القائد الاعلى للقوات المسلحة رئيس جمهورية مصر العربية أن المشير طنطاوي بريء من أى دماء سالت فوق تراب الوطن منذ اندلاع الثورة حتي رحيله عن الدنيا في2021/9/21.
وداعا لمن زهد الحكم واجتمع على رأس المجلس العسكري مع أكبر قيادات الجيش، ولم ينجرف ولم يسمح للتيار رغم شدته أن يأخذه بعيداً عن الشعب، بل جلس على مائدة مستديرة من أجل بحث التدابير اللازمة؛ للحفاظ على مقدرات هذا الوطن؛ خشية عليه من الضياع بين انياب الضباع. وداعا قائد لواء المشاة الذي رفع رأس المصريين في عنان السماء أمام العالم  أجمع بلا خوف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى