هل شاهدت مثلي

✍️ صالح الريمي :

سعت الدول إلى إجراء الدراسات والبحوث الميدانية حول الموهوبين والمبدعين، وتطوير أساليب الكشف عنهم، وتصميم البرامج المناسبة لهم لرعايتهم وتوظيف طاقاتهم الإبداعية في مجالات عدة، إيمانًا منها بأن ما يقدم لهذه الفئة من رعاية وعناية يعتبر نوعا من الاستثمار يحصد المجتمع ثماره في المستقبل الآني والقريب والبعيد ويرتقي به..
في الحقيقة يمثل الأفراد الموهوبون والمبدعون سواء كانوا أطفالًا أم كبارًا، ثروة طبيعية وطنية في غاية الأهمية، وقد أثبتت الدراسات النفسية أن حاجة هؤلاء إلى الرعاية والاهتمام لا تقل عن حاجة الأفراد ذوي الإعاقة فكلاهما ذو قدرات واحتياجات خاصة.

الأحلام عبارة عن الأفكار والتخيلات والتطلعات التي يرغب الفرد منّا في تحقيقها، بالأمس تابعت مبارة كرة القدم في كأس الخليج بين المنتخب السعودي والمنتخب اليمني وكانت النتيجة فوز المنتخب السعودي ب 3/2 ، نقول مبروك للمنتخب السعودي وهاردلك للمنتخب اليمني، وهذا حال الكورة فوز وخسارة، لكن حديثي اليوم ليس عن المبارة بالخصوص ولا عن مباريات كأس الخليج عامةً، وإنما حديثي عن مقارنة بين لاعبين، وبين حلمين، وبين طموحين..
هل شاهدت مثلي؟
الذي في الصورة يمينًا هو النجم السعودي الكبير ونادي الهلال السعودي سالم الدوسري وصاحب أكبر عقد في الملاعب السعودية وأفضل لاعب في آسيا العام الماضي، والمنافس له على الجانب الثاني يسارًا عمر جولان هو نجم المنتخب اليمني ونادي التلال اليمني وأحد أبرز اللاعبين في البطولة وفي مباراة السعودية تحديدًا، وكما سمعت أن راتبه في منتخب بلده 15 الف ريال يمني أي بما يعادل 100 ريال سعودي، وهو نفسه صاحب بسطة السمك في أحد أسواق عدن كما وصلني.

عمر جولان في الصباح حتى منتصف الظهيرة يبيع السمك في بسطته البسيطة، وفي المساء يتمرن كورة القدم، سالم الدوسري يتمرنًا صباح مساء لأجل كورة القدم فقط ولا يهم شيء غير كورة القدم، ودخل سالم ماشاء الله تبارك الله بالملايين، ودخل عمر بالكاد يكفي مصروفه اليومي، وتجده من ملامح وجهه كله رضا بالمقسوم..
المبدع اليمني بلده طحنه الحرب وقسم الحكومة إلى حكومتين، فكيف سيكون حال اللاعب اليمني المبدع عمر جولان، هي قصة كفاح ونحاح لموهبة فطرية ظلمتها جغرافية اليمن، فلو كان هذا اللاعب في دولة مهتمة بكورة القدم لكان له شأن عظيم، لكن بسبب الحروب والفقر قد هجرت أهم الكوادر اليمنية المبدعة في أصقاع العالم، وعمر صورة مصغرة لأحلام الكثير من الشباب اليمنيين الذين يتطلعون إلى تحقيق أحلامهم وطموحاتهم في مختلف مناحي الحياة وليس كرة القدم فحسب.

*ترويقة:*
قرأت ذات مرة أن سقراط كان همه اليومي هو التساؤل فقد كان يلقي أسئلة لا تنتهي على كل من يقابلهم، فهو يسعى إلى أن يتعلم من الآخرين ما كان يزعم أنه تعلمه، وهنا عدم ركونه إلى وجهة واحدة في التعاطي مع البحث الخلاق عن أجوبة لأسئلته الكثيرة عن الحياة جعلته مختلف، فبداخله إنسان مبدع لا يهدأ..
وهذا ما يجب أن نفعله تجاه المبدعين، وتهيئة الفرصة المتاحة للمبدعين وعدم سجنهم وتقييدهم بقوانين المجتمع وبالأحكام المسبقة.

*ومضة:*
يا حكومة اليمن آمنوا الأحلام للشباب، فكل جهد تبذلونه، لربما يثمر غدًا شيئًا عظيمًا. يقول هونور دي بلزاك: “لا توجد موهبة عظيمة بدون قوة إرادة عظيمة.

*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى