حوار مع الكاتب والناقد المسرحي أنور اسم الله
حوارات المهرجان
حاوره: سمير تلايلف
• الكاتب والناقد المسرحي أنور اسم الله أهلا بك، بداية ونحن نعيش أيام المهرجان الوطني للمسرح المحترف، كيف ترى هذه التظاهرة المسرحية وانعكاساتها على المشهد المسرحي في الجزائر؟
أنور اسم الله: أهلاً وسهلاً بكم، وسعيد جداً بالمشاركة في هذه الحوارية الراقية ونحن نواكب أيام المهرجان الوطني للمسرح المحترف هذه التظاهرة المسرحية تُعتبر من أبرز المناسبات الثقافية في الجزائر، حيث تجمع نخبة من الفنانين والمبدعين من مختلف أنحاء الوطن تحت سقف واحد.
إنها ليست فقط فرصة لاستعراض الإنتاجات المسرحية وتبادل الخبرات بين الفنانين، ولكنها أيضاً منصة لتقديم رؤى جديدة وتجديد النشاط الثقافي في الجزائر. انعكاساتها على المشهد المسرحي تكون دائماً إيجابية، حيث تُسهم في تطوير الفنون الأدائية وتُعزز من مستوى الإبداع والابتكار بين الشباب والمواهب الواعدة.
فهذا المهرجان يعزز الحوار الثقافي ويتيح فرصة للمسرحيين للتعبير عن قضايا مجتمعية وإنسانية بطريقة فنية راقية وهذا هو جوهر العمل المسرحي، مما يجعل المسرح الجزائري متجدداً ومتفاعلاً مع التحولات الاجتماعية.
• دخلتم هذا العام للمهرجان بعرض مسرحي الذي قمت بكتابة نصه وهو عرض «تحت الأنقاض»، وهو يعد أول عمل مسرحي ينتجه مسرح النعامة الجهوي، أولا حدثنا عن شعورك وانت تدخل المهرجان ومسابقته الرسمية بعمل من مدينة النعامة ليكون أول عمل يمثلها في هذه التظاهرة المسرحية الكبرى؟
أنور اسم الله: دخول المهرجان الوطني للمسرح المحترف هذا العام بعرض “تحت الأنقاض” تجربة مميزة وفريدة بالنسبة لي كونه ليس فقط أول عمل مسرحي ينتجه مسرح النعامة الجهوي، بل هو أيضاً أول عمل لي مع المسارح الجهوية، مما يضفي عليه طابعاً خاصاً.
الشعور بالمشاركة في هذه التظاهرة المسرحية الكبرى بعمل يمثل مدينة النعامة هو شعور مليء بالفخر والمسؤولية، لقد كانت فرصة رائعة لتقديم وجهة نظرنا وتجاربنا الثقافية من خلال هذا العرض المميز. رؤية هذا العمل يتجسد على خشبة المسرح أمام جمهور واسع من عشاق الفن المسرحي ومختصيه هو بمثابة تحقيق حلم ومكافأة لكل الجهود التي بذلناها، و هذا الحدث لا يمثل فقط محطة لعرض إبداعاتنا، بل هو أيضاً منصة للتعلم والتفاعل مع فناني المسرح الآخرين، ومناسبة لتبادل الأفكار والإلهام.
• حدثنا عن كواليس العمل وحيثياته، بداية من أن كان فكرة ومشروع إلى أن وصل مجسدا على الركح؟
أنور اسم الله: “تحت الأنقاض” كانت مليئة بالتحديات والإثارة، كل شيء بدأ بفكرة بسيطة نحو حلم ليتحقق، البداية كانت بالتركيز على فكرة أساسية مركزية التي نريد إيصالها من خلال النص، خلال هذه المرحلة، كنت على تواصل دائم مع الدكتور محمد الأخضر سعداوي، المكلف بالمراجعة التاريخية. تأكدنا من دقة الأحداث وتفاصيلها التاريخية، وحاولنا الغوص في أعمال التاريخ من خلال مراجع هامة مثل:
– “حرب المئة عام على فلسطين” – رشيد الخالدي
– “التطهير العرقي في فلسطين” – إيلان بابيه
– “مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي” – عبد الوهاب المسيري
– كتب “شرك الدم الطنطورة 2223 أيار 1948 معركة ومجزرة”
– صحيفة “هآرتس” العبرية التي ذكرت تحديد مكان قبر جماعي لضحايا قرية الطنطورة
– “حكاية الطنطورة” – أبو جابر إبراهيم
– وثيقة “هاربرت سامويل”
بعد الانتهاء من مرحلة الكتابة، انطلقنا في عملية التحضير والإعداد والمعالج الدرامية مع الفنان يونس جواني وتواصلنا مع المخرج العيد بن عمارة لتقديم رؤية إخراجية تتماشى مع النص المكتوب انطلقت بعدها جلسات القراءة والبروفات المكثفة مع الممثلين، حيث كان كل منا يبذل جهداً مضاعفاً لإتقان الأداء وتقديم أفضل ما لدينا.
التحديات التقنية كانت حاضرة أيضاً، من تجهيز الديكورات والإضاءة إلى التأكد من انسجام العناصر السمعية والبصرية مع بعضها البعض بلمسات السينوغراف حمزة جاب الله ، العمل كان يتطلب دقة وتنظيماً عالياً لضمان أن يخرج العمل بصورة تلبي تطلعاتنا جميعاً.
مع اقتراب موعد العرض، ازداد الحماس والترقب، حيث كنا نتطلع لنقل تلك الفكرة والمشاعر إلى الجمهور على خشبة المسرح، لحظة تجسيد العرض اشرفي على الركح كانت بمثابة تتويج لكل الجهود والليالي الطويلة التي قضيناها في التحضير.
• العرض المسرحي يحاكي قضية كل حر في هذا العالم، وهي القضية الفلسطينية، لماذا اخترت هذا الموضوع بالذات، وما هو دور المسرح في معالجة القضايا العادلة سواءا كانت هذه القضايا محلية أو إقليمية؟
أنور اسم الله: القضية الفلسطينية هي بالفعل قضية كل حر في هذا العالم، وهي تمثل رمزًا للصمود والنضال من أجل الحقوق الإنسانية والعدالة. كجزائريين، نجد أنفسنا بشكل طبيعي متضامنين مع هذه القضية، نظرًا لتاريخنا النضالي وتجربتنا في مقاومة الاستعمار. من هذا المنطلق، اخترت موضوع القضية الفلسطينية ليكون محور عرضي المسرحي “تحت الأنقاض” لأهمية هذه القضية ولتعبيرها عن كفاح طويل من أجل الحرية والكرامة.
ونحن كفنانين نرى أن المسرح لديه دور فني وسياسي واجتماعي بالغ الأهمية في معالجة القضايا العادلة…. أولاً، المسرح كفن يعبر عن مشاعر الناس وآمالهم بشكل فني، مما يساعد على نشر الوعي وتثقيف الجمهور حول القضايا الحقيقية التي تؤثر على مجتمعاتنا، غفمن خلال تقديم قصة القضية الفلسطينية، نستطيع تجسيد معاناة الشعب الفلسطيني ونقلها إلى الجمهور بطريقة تلمس قلوبهم وتثير تعاطفهم.
ثانيًا، المسرح كمنصة للنقد السياسي يسمح للفنانين والجمهور بالتفكير بعمق حول القضايا العادلة ودور الحكومات والمجتمعات في مواجهة هذه التحديات، فالعرض المسرحي يستطيع أن يثير النقاشات ويفتح الحوار حول سبل دعم القضية الفلسطينية والوقوف مع حقوق الشعب الفلسطيني.
• في كل طبعة من طبعات المهرجان يكرم فيها فنان من فنانينا، طبعة هذه السنة ستكون تحت اسم الفنانة القديرة نادية طالبي، كيف ترى هذه المبادرة التي تعتبر تكريم جميل وعرفان لكل فنان اعتلى الركح في يوم من الأيام؟
أنور اسم الله: مبادرة تكريم الفنانين في كل طبعة من طبعات المهرجان الوطني للمسرح المحترف هي لفتة رائعة وذات دلالة عميقة، و تكريم الفنانة القديرة نادية طالبي هذا العام يُعد بمثابة تقدير واعتراف بما قدمته من إسهامات رائعة في المشهد المسرحي الجزائري.
هذه المبادرة تعكس وفاء المهرجان واعترافه بالدور الكبير الذي لعبه الفنانون في تطوير الثقافة والفن في الجزائر، وعلى غرار ذلك فإن تكريم كل فنان اعتلى الركح في يوم من الأيام هو ليس فقط إشادة بمسيرتهم الفنية، بل هو أيضًا إلهام للجيل الجديد من الفنانين، وتأكيد على أن الإبداع والعمل الجاد لا يُنسى ولا يُضيع، إنها رسالة محبة واحترام لكل من أثرى المسرح الجزائري بإبداعه، وتأكيد على أن الجهود التي بذلت لرفع مستوى الفن المسرحي تُقدر عالياً.
الفنانة نادية طالبي، بفنها المتميز وشخصيتها الفريدة، تكريمها يُضفي للمهرجان قيمة إنسانية وثقافية، ويجعل من هذا الحدث تظاهرة ليس فقط فنية بل احتفالية بالإنجازات والإرث الثقافي الذي تركه هؤلاء الفنانون.
• الكاتب والناقد المسرحي أشكرك على سعة صدرك لأسئلتي وأتمنى لك التوفيق وتتويج عرضكم«تحت الأنقاض» بإحدى الجوائز، قبل مغادرتنا أترك لك كلمة الختام.
أنور اسم الله: أشكركم جزيل الشكر على هذه الحوارية القيمة وأتمنى أن يلامس عرض “تحت الأنقاض” قلوب الحاضرين وترك أثراً إيجابياً.
الفن والثقافة هما ضمير المجتمع، وأدوات للتعبير والتأثير. لهما القدرة على إبراز القضايا الإنسانية وتغيير الواقع نحو الأفضل. مسؤوليتنا كفنانين وكتّاب أن نوصل أصوات المستضعفين، ونعكس معاناة الشعوب، ونسلط الضوء على القضايا العادلة من خلال أعمالنا.
اختم بقولي: “عندما يصبح الفن صدى للإنسانية، يصبح أداة تغيير حقيقية.”
مرة أخرى، أشكركم وأتمنى للجميع استمرار الإبداع والتألق في كل المجالات الثقافية والفنية.