وجه الحقيقة | إبراهيم شقلاوي 

 

– في رحاب المبادرة السودانية الشعبية لشكر حكومة وشعب إريتريا.

 

 

  تلعب الشعوب دورًا محوريًا في تعزيز العلاقات الثنائية بين الدول ، حيث يسهم التفاعل الشعبي في تعزيز المصالح المشتركة وكذلك في تمتين أواصر التعاون والتضامن بين الدول والشعوب. في هذا السياق، جاءت مبادرة مميزة من بعض الشخصيات السودانية الفاعلة لإظهار الشكر والتقدير لحكومة وشعب إريتريا، والتي ستعقبها مبادرات أخرى لدول وشعوب وقفت مع السودانيين في ظروف الحرب ، وذلك تقديرًا لمواقفهم الثابتة تجاه السودان في مختلف المحطات التاريخية. 

 

حيث ظل مواقف إريتريا تجاه السودان منذ بداية الحرب التي اندلعت في السودان في 15 أبريل 2023، بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). هذه الحرب التي أشعلتها مليشيا الدعم السريع وداعموها المحليون والإقليميون، شكلت تهديدًا كبيرًا لوحدة الدولة السودانية. في هذه الأوقات العصيبة، كانت إريتريا من أولى الدول التي قررت الوقوف إلى جانب الشعب و الحكومة السودانية، حيث قدمت دعمًا ملموسًا من خلال استضافة أعداد كبيرة من السودانيين المتأثرين بالحرب، بجانب أبدأ الراي الواضح المنحاز للشرعية التي تمثلها الحكومة السودانية.

 

كما نعلم فإن العلاقات بين السودان وإريتريا تحمل في طياتها تاريخًا طويلًا من التعاون المشترك. بعد توقيع اتفاق السلام الشامل (نيفاشا) في 2005، لعبت إريتريا دورًا في الإشراف على “اتفاق سلام شرق السودان” بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة. وتوالت الزيارات المتبادلة بين البلدين وظلت العلاقات بين الشعبين محل احترام متبادل ؛ كما زار الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الخرطوم في 2006، ثم زار بورتسودان في 2014 للمشاركة في مهرجان سياحي، وزار الخرطوم في 2015.

 

بعد اندلاع الحرب في السودان، خرج الرئيس الإريتري أسياس أفورقي ليعلن موقف بلاده بشكل علني. في 2 مايو 2023، حيث تحدث أفورقي عبر التلفزيون الرسمي عن خلفيات هذه الحرب وأسبابها التاريخية والراهنة، مشددًا على موقف إريتريا الثابت تجاه دعم السودان لاستعادة الأمن وتعزيز السلام.

 

في أعقاب ثورة ديسمبر 2018م، التي أسفرت عن سقوط الرئيس عمر البشير، زار وفد إريتري السودان في 19 مايو 2019 لإعلان دعم إريتريا للتغيير الذي يشهده السودان. وفي ذات العام، زار الفريق أول عبد الفتاح البرهان أسمرا في يونيو، وتم اتخاذ خطوات لتحسين العلاقات بين البلدين.

 

ظل المواقف الإريترية تجاه الحلول الدولية للأزمة السودانية جيدة في 2021، وصف الرئيس الإريتري المبادرات الدولية لحل الأزمة السودانية بـ”بازار المبادرات”، مؤكدًا أن بلاده لن تشارك في هذا البازار، وداعيًا إلى دور أكبر لدول الإقليم في إيجاد الحلول. كما أكد على أن الشعب السوداني هو الوحيد القادر على حل مشكلاته الداخلية دون تدخل خارجي. كذلك خلال الحرب، أعلنت إريتريا عن فتح حدودها أمام السودانيين الفارين من الحرب. وأكد الرئيس أفورقي أنه نظرًا للأوضاع الصعبة في السودان، فقد ألغت إريتريا جميع الإجراءات المتعلقة بالتأشيرات والتصاريح، وأعلنت أن السودانيين في إريتريا لن يعتبروا لاجئين، بل سيتم استقبالهم في المنازل، وهو موقف يعكس مدى التضامن الإريتري مع الشعب السوداني في محنته.

 

في سياق تعزيز العلاقات الثنائية، قام رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بزيارة إلى إريتريا في الفترة الماضية. خلال هذه الزيارة بحسب مراقبين تم التوصل إلى اتفاقيات بشأن تنسيق العمل بين القوات البحرية، وإعادة نشر القوات المشتركة على سواحل البلدين، بالإضافة إلى خطوات لتعزيز التعاون الاقتصادي. كما أشار البرهان إلى حرص الحكومة السودانية على إيجاد حلول للأزمة وإنهاء الحرب.

 

عليه وبحسب وجه الحقيقة من الضروري تعزيز هذه المبادرات الشعبية والرسمية بين السودان وجميع البلدان والشعوب التي وقفت معه في هذه المحنة ولتكن إريتريا البداية عبر آليات دبلوماسية مستدامة، خاصة في مجالات التعاون الأمني والاقتصادي. كما يُستحسن تكثيف العمل المشترك من خلال مؤسسات إقليمية مثل “إيغاد” لتفعيل الحلول السلمية للأزمات في السودان. بما يحفظ لبلادنا سيادتها، كذلك ينبغي الاستفادة من الدعم الإريتري في إعادة بناء الدولة السودانية بعد انتهاء الحرب، مع التأكيد على أهمية التعاون الشعبي بين الشعبين لتعميق العلاقات الأخوية بين البلدين.

دمتم بخير وعافية.

ديسمبر 2024م.

[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى