البحرين إرث قديم وطفرة تنموية مستقبلية

مقال: إسحاق الحارثي -سلطنة عُمان

تأخذني كل زيارة قديمة أو جديدة إلى مملكة البحرين لرابط قوي يحمل في طياته ويضم بين جنباته ذكرى اعتزاز جميلة راسخة في ذهني حكتها لي والدتي متعها الله وياكم بالصحة والعافية والعمر المديد حينما كان والدي رحمة الله تعالى عليه يعمل في مملكة البحرين الشقيقة وَتَحْدِيدًا في مستشفى الإرسالية الأمريكية بمملكة البحرين في ستينيات القرن الماضي، هذا الصرح القديم الذي تأسس في العام ١٩٠٣ للميلاد والباقي إلى يومنا هذا وفي نفس الموقع الذي وجدا فيه بالمنامة.

لم تخطر على بالي فكرة زيارة هذا الصرح الطبي الذي يعود عمره إلى ما فوق ال ١٢٠ عاما والتعرف على مقر عمل والدي رحمة الله تعالى عليه آنذاك فقد طرح عليّ الأساتذة الزملاء محمود النشيط وباقر زين الدين “أعضاء المركز العربي للإعلام السياحي” زيارة مقر المستشفى، ما أن وافقتهما الفكرة والرأي إلا وأجد نفسي بين جنبات المستشفى ونواحيه متنقلاً بين جذور ضاربة في أعماق التاريخ القديم كأول مستشفى حديث في المنطقة آنذاك، شدتني فيه الصور القديمة التي وضعت على ممرات المستشفى التي خلدت الماضي الجميل الذي حمل مع بدايات التأسيس حضور الرجل العماني مع إخوانه البحرينيين في هذا المستشفى مساهماً في العمل والتنمية.

هذا الإرث المتمثل في حفاظ البحرين على ثراء حضارتها وثقافة نمطها المتمثل في الفكر والثقافة التي تعد من شواهد الماضي الراسخ الذي يمتد إلى يومنا هذا بما يحمله من مفهوم قائم على عدم إغفال هوية التاريخ الذي قامت عليه مملكة البحرين لأكثر من ٥٠٠٠ ألف عام.

اليوم وأنا أجوب مناطق وقرى وأسواق وأزقة مملكة البحرين لا زلت أستحضر تلك الصورة التي غابت عن مشهد الحياة اليومي في بعض المجتمعات التي طغت عليها الحداثة بشكل مفرط وبقت البحرين تتمسك بذلك الجانب بقوة وبمفهوم ترسيخ الحفاظ على الموروث مع مواكبة المتغيرات من الطفرة التنموية الحديثة التي تفتح آفاق المستقبل المشرق نحو تحقيق رؤية البحرين ٢٠٣٠ ونقل المملكة من الريادة إقليمياً للمنافسة عالمياً، ولعل ما نشاهده اليوم من مشاريع اقتصادية استثمارية تتمثل في السياحة والعقار تأتي ضمن إستراتيجيات الحكومة البحرينية لاستقطاب الاستثمار العالمي.

تمتلك مملكة البحرين اليوم ما يغنيها من مواقع عديدة متنوعة بين جوامع ومساجد وصروح دينية وما بين معالم ومواقع سياحية تاريخية كالمتاحف والقلاع الأثرية والأسواق الشعبية ذات الطراز المعماري والهندسة التي تجمع بين الماضي والحاضر، وما بين بنية تحتية سياحية حديثة متمثلة في أضخم المنتجعات والفنادق الكبرى ذات العلامة العالمية بكل ملحقاتها ومن مجمعات تجارية شهيرة ضخمة وحديثة تحمل العلامات التجارية العالمية التي تتماشى مع متطلبات سوق السياحة العالمي.

كل المؤشرات والإمكانات متاحة لمملكة البحرين اليوم للعودة إلى سوق السياحة العالمي بعد أن كانت من الدول السباقة في ريادة سوق السفر والسياحة في المنطقة بل من أوائل الدول التي استقطبت وأرست قواعد عمل الاستثمار السياحي، إذ تتوفر لديها كل مقومات النجاح من خلال خبراتها المتراكمة في الجانب الاستثماري، وهذا ما سوف يساعدها في كسب ثقة المستثمرين من مختلف الدول كل ما عليها تكثيف العمل في البحث عن فرص استقطاب الأحداث العالمية الكبرى التي من شأنها الإسهام في تحقيق دخل قومي يساعد في رفد ميزانية الدولة وبناء وخلق فرص عمل وطنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى